23 ديسمبر، 2024 11:52 ص

مؤامرة واسعة على العراق

مؤامرة واسعة على العراق

لدى التفحص والتدقيق وصلتُ إلى قناعة بأن العراق يتعرض إلى مؤامرة عالمية منسقة تقودها شركات النفط وإسرائيل اللتان تسخران الحكومات السعودية والقطرية والتركية ويستخدمون الطغمويين(1) والإرهابيين في الداخل العراقي. كنتُ قد بينتُ في مقالات عديدة سابقة مصلحة ودافع كل طرف من هذه الأطراف التي يحمل بعضها منفرداً قدرة تدميرية هائلة على مختلف جبهات الحياة فناهيكم عن قدرتها وهي تعمل مجتمعة.

ما كان لأي من هذه التأثيرات التدميرية أن تحقق أي خرقً في الواقع العراقي مهما بلغت من الجبروت لولا وجود الأرضية المناسبة في المجتمع العراقي ويقف على رأس العوامل المساعدة إصرارُ الطغمويين على إستعادة سلطتهم بأية وسيلة كانت.

تجري هذه المؤامرة على أربع محاور هي:

 

أولاً: المحور المسلح:

كما قال السيد واثق الهاشمي، رئيس المجموعة العراقية للدراسات الستراتيجية، في فضائية (الحرة – عراق) بتأريخ 6/6/2014، فإن جميع العمليات الإرهابية التي تجري هنا وهناك في جميع أنحاء العراق هي مترابطة تخدم بعضها البعض الآخر بمهام متنوعة. كما نبه، وهو على حق، إلى خطأ ترديد مصطلح “المجاميع المسلحة” لأن هؤلاء إرهابيون وهم جزء من حركة إرهابية عالمية لها استراتيجية موحدة .

 أعتقد أن الهدف الأول لإرهابيي داعش ومن يدعمهم هو إقامة دويلة إرهابية في الفلوجة والإنطلاق منها نحو التوسع ونشر الإرهاب. لما إزداد الضغط العسكري عليهم فتحوا معارك أخرى في عدة مناطق كذي قار مثلاً لتقييد حركة القوات العسكرية ومنعها من التحرك نحو الفلوجة. كذلك الهجوم على سامراء كان يهدف إلى تدمير مرقدي الإمامين العسكريين لخلق فتنة طائفية قد تتبعها حرب أهلية يأملون من ورائها إستقدام تدخل عسكري أجنبي وإلغاء الدستور وصياغة دستور جديد يصب في صالح الطغمويين أو الإنفصال وتشكيل دويلة إرهابية تمتد من حدود الأنبار حتى الحدود التركية. يصب ما يجري اليوم في الموصل بهذا الإتجاه.

لكن القوات العسكرية أثبتت جدارتها وردتهم على أعقابهم ومازالت العمليات قائمة بنشاط(2).

 

 يبدو أن الحصول على الطيارات والسلاح المتنوع والمعدات الإستخباراتية والتدريب المتطور بأسرع فرصة وكميات كافية بات أمراً ملحاً، وإذا تلكأت أمريكا فعلينا الإتجاه إلى روسيا دون أدنى وجل أو تردد فلا أحد في هذه الدنيا يرضى أن تستباح حرماته على يد إرهابيين مجرمين ولا يتحرك للحصول على السلاح من أي مصدر مقتدر.

 

أرى أن أمريكا تتحمل المسؤولية المباشرة(3) ومسؤولية “حلفائها” في المنطقة الذين زرعوا وسلحوا بسلاح متطور التنظيمات الإرهابية بأنواعها المختلفة في سوريا ذات الحدود الطويلة جداً مع العراق ما يعني أن تلك التنظيمات الإرهابية لم تكن موجهة نحو سوريا وحسب بل لها وللعراق.

قال النائب عن إئتلاف دولة القانون السيد إحسان العوادي في فضائية (الحرة – عراق) / برنامج “بالعراقي” يوم 10/6/2014 بأن المعلومات الإستخباراتية تشير إلى قيام السعودية خلال عام 2014 بتجنيد (30) ألف مقاتل أدخلتهم للعراق و(20) ألف أدخلتهم إلى سوريا.

 

لقد مهد الطغمويون لكل هذه الأعمال الإرهابية بمطالبات طغموية في الأنبار والموصل والفلوجة وسامراء إذ طالبوا بإخراج القوات العسكرية من هذه المدن والإعتماد على قوات الشرطة . يعرفون جيداً أن قوات الشرطة ضعيفة. وبالفعل تم التغلب عليها وقتل الكثيرين من أفرادها الشهداء في الرمادي والفلوجة وسامراء والموصل ودخول داعش إليها حتى تصدى لهم الجيش لتحريرها ومازالت المعارك قائمة في بعضها(3).

 

لابد من إنتزاع المبادرة من يد الإرهابيين وشن حملة تعرضية (هجومية) على جميع الجبهات عليهم وفق خطة متكاملة. فخير وسيلة للدفاع هو الهجوم، كما بات معروفاً. وهذا يتطلب أعداداً إضافية من الطائرات المتنوعة لرصد ومهاجمة الإرهابيين على طول الحدود وفي الصحراء وجبال حمرين والمستنقعات وغيرها من الأماكن الوعرة .

 

ثانياً: المحور المدني:

هنا أيضاً تجري نشاطات كثيرة لعرقلة مسيرة الدولة العراقية وأعتقد أنها كلها مترابطة مع بعضها البعض وليست متناثرة كما تبدو على السطح؛ وهي تمهد أو تدعم الجهد الإرهابي المسلح . أذكر أدناه أهم هذه النشاطات التخريبية  :

 

1- عدم إقرار ميزانية عام 2014 وتوقف ما لا يقل عن 4000 مشروع أي تجميد الدولة. هذه أزمة مفتعلة.

2- هناك إحتمال كبير بعدم إقرار ميزانية عام 2015 أيضاً.

3- التعمد في تجميد نشاط مجلس النواب.

4- التعمد في تشويه صفقة الأسلحة الروسية ومن ثم محاولة عرقلتها في مجلس النواب بإختلاق الذرائع المتنوعة.

5- الإمعان في أعمال الفساد والتمدد فيه عمودياً وأفقياً.

6- أزمة النفط مع قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني هي أزمة مفتعلة وجزء من مخطط الإرباك والتشويش.

7- أزمة الكهرباء هي أزمة مفتعلة بإمتياز من قبل الطغمويين المعشعشين في وزارة الكهرباء.

8- حتى بعض التوترات العشائرية التي حصلت في البصرة قد تكون فيها اياد خفية لإقلاق الوضع العام.

ثالثاً: المحور الديني:

إصدار الفتاوى المتطرفة التي تدعو إلى التمرد والهجوم على الجيش والشرطة وإثارة النزعة الطائفية والقبلية بين أفراد الشعب العراقي. يقف على رأس الداعين بهذا الإتجاه، للأسف، الشيخ عبد الملك السعدي والشيخ رافع الرافعي.

رابعاً: المحور الإعلامي:

لقد سُخر الإعلام لخدمة التآمر على العراق أبشع إستغلال وبالأخص إعلام الداخل العراقي الذي خدمته الحريات الواسعة المتاحة التي يتمتع بها.

ومما يؤسف له أن بعض منظمات حقوق الإنسان الغربية والعالمية تقحم أحياناً في خدمة أهداف سياسية وقد تم هذا بالنسبة للوضع العراقي.

لدى إستعراض الإعلام العراقي يصاب المرء بالذهول لحقيقتين بارزتين:

أولاً: لم تلحظ أية إشارة للإحتلال ومسؤولية الولايات المتحدة حيال أمور خطيرة في العراق كعدم تدريب وتسليح القوات المسلحة والقوات الأمنية العراقية بالقدر المطلوب، والفساد وعدم إستعادة الخدمات كالكهرباء.

بل حتى اليوم يلاحق الإعلام الأمريكي العراقَ بتأليب الناس ضد حكومتهم وتحريضهم. خذ، مثلاً، ما صرح به السيد ناصر طه بتأريخ 7/6/2014 في برنامج “7 أيام” الذي يديره هو في فضائية (الحرة – عراق) إذ قال: “الجيش العراقي مسيَّس وهذا أمر خطير.”!!!

ثانياً: التركيز الممجوج على إنتقاد بل لصق التهم برئيس الحكومة بالذات. وفي الآونة الأخيرة تركز الهجوم على محور رفض الولاية الثالثة. إعترف المدان طارق الهاشمي في الفيسبوك بأن رفض الولاية الثالثة ليس هدفاً بحد ذاته بل هو خطوة على طريق إسترداد الحكم الطغموي.

مسؤولية التصدي للمخطط:

يضع كل هذا مسؤوليات مضاعفة على عاتق جميع القوى الحريصة على ديمقراطية العراق ووحدته وبالأخص أطراف التحالف الوطني وهو التحالف الأكبر حسب إفرازات  صناديق الإقتراع. يقتضي هذا تغليب المصلحة الوطنية العليا على جميع الإعتبارات الجانبية والتحلي بروح المسؤولية وتصرّف الجميع تصرف رجال دولة شرفاء وناضجين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي”  بمفرداته:  “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

 (2): بعد كتابة هذا المقال سقطت الموصل بيد داعش بعد هرب كبار قادة الجيش العراقي منها بعد إجتماعهم بمحافظ نينوى أثيل النجيفي بنصف ساعة وأكدوا له إستعدادهم التام وإستعداد قواتهم لمواجهة داعش وذلك حسب روايته هو، أثيل، لفضائية (الحرة – عراق) الثلاثاء 10/6/2014. ذكر النجيفي أسماء الضباط وهم عبود كنبر وعلي غيدان ومهدي صبيح الغراوي. ذكر أنهم ذهبوا بالطائرة إلى مقر الفرقة الثالثة وبعد اقل من ساعة توجهوا بسياراتهم إلى تلكيف حيث سلموا أنفسهم إلى قوة الأسايش التي نقلتهم إلى أربيل تمهيداً لنقلهم إلى بغداد. 

أيد مراسل الحرة في الموصل منير أسعد ترك القادة لمدينة الموصل بطائرة دون الإشارة إلى إجتماعهم بالمحافظ أثيل النجيفي. ولما شاهد الجنود خروج قادتهم هبطت معنوياتهم وخلعوا ملابسهم العسكرية وإنصرفوا.

كما أذاعت الفضائية المذكورة بأن الفريق علي غيدان أصيب بساقه نقلاً عن فضائية فصيل مسلح.

لدى دراسة المؤشرات، أعتقد أن تمرداً عسكرياً دبره أثيل النجيفي ومن يقف معه ووراءه في الداخل والخارج من سياسيين وضباط ممن أُعيدوا للخدمة بضغط أمريكي بذريعة “المصالحة”. هؤلاء هم الذين سيطروا على الوحدات العسكرية منتهزين غياب القادة وخيّروهم بعد عودتهم من الإجتماع باثيل النجيفي – خيّروهم بين القتل أو الإعتقال أو مغادرة الموصل (والغرض من خيار المغادرة هو التخلص من مسؤولية الإساءة لقادة عسكريين كبار إضافة إلى إهانة الجيش العراقي والتشهير بالقائد العام للقوات المسلحة والتأثير على معنويات الجيش والشعب العراقي).

ربما كانت دعوة ألمحافظ أثيل لهؤلاء الضباط إلى مكتبه هي جزء من مسلسل التمرد والسيطرة على الوحدات ثم حل الوحدات بذريعة هروب القادة. فربما كان غياب القادة مقصوداً لتوفير المجال للمتمردين بإشاعة روح الإنهزام المسبق وليكتمل عند مشاهدة القادة يركبون الطائرة وينطلقون.

وربما ذهابهم إلى مقر الفرقة الثالثة كان بحجة دعوتهم لإجتماع وهي خديعة. بينما أشاع المتمردون بين الجنود بأنهم هربوا لإحباط معنوياتهم ودفعهم إلى ترك الخدمة. كيف علم النجيفي بأنهم لم يمكثوا في مقر الفرقة سوى أقل من ساعة وذهبوا إلى تلكيف وتفاصيل أخرى وهو محاصر من قبل داعش في المحافظة و”هرب” منهم على طريقة هروب جيمس بوند؟ 

أعتقد أن الهدف من وراء عملية التآمر والتمرد في الموصل هو ما طالب به الأخوان النجيفيان بإستدعاء قوات عسكرية أمريكية لإستكمال مسلسل التآمر وهذا ما سأعالجه في مقال منفصل:

–        أسامة الذي طالب بتدخل القوات الأمريكية بحجة أن سقوط الموصل وإنهيار الوضع العراقي كان بسبب غزو خارجي على العراق.

–        أثيل الذي طالب بتدخل أمريكي لتنظيم الإغاثة وقتل الإرهابيين لا قتل المدنيين بحجة الإغاثة وترك الإرهابيين.

هذه كلمات الأخوين كما سمعتهما يتكلمان في فضائية (الحرة – عراق) يوم 10/6/2014. تمكن ملاحظة الغمز واللمز والتبريرات للتدخل الأمريكي علماً أن النجيفي كان ينفي وجود داعش أساساً وإذا وجدت فبأعداد لا تتجاوز المائتين؛ ومثله قدرها صالح المطلك ب”عشرة مخربطين”.  لكنهما لم يوضحا كيف حصلت داعش المخربطة على المدافع المضادة للطائرات!!!

(3): إعترفت مستشارة الأمن القومي الأمريكي السيدة (سوزانا رايس) يوم 8/6/2014 بأن بلادها جهزت “المعارضة” السورية بأسلحة فتاكة وغير فتاكة.

وقد صرح عبد الإله الخطيب أحد قادة الجيش السوري الحر بأن تسليح أمريكا للمجاميع المتنوعة سيجعل من سوريا صومالاً ثانياً. نقلت هذا التصريح فضائية (الحرة العامة) بتأريخ 9/6/2014.