15 نوفمبر، 2024 6:02 م
Search
Close this search box.

مأساة استشهاد الحسين عليه السلام واولاده وعاشوراء ومحرم درس بالغ الاهمية دينيا ومذهبيا وعالميا

مأساة استشهاد الحسين عليه السلام واولاده وعاشوراء ومحرم درس بالغ الاهمية دينيا ومذهبيا وعالميا

ما هي الأشهُر الحُرُم؟ وما هو الشهر المُحرَم؟ ولماذا خص الله هذه الأشهر بـ “الحرمة” دون سواها من الأشهر الاثني عشر؟ كيف نفهم العلاقة بين حقوق الإنسان ومنع وقوع الظلم والاعتداء والتجاوز في شهر مُحرَم الحرام؟الأشهر الحُرُمْ هي أربعة أشهر من الأشهر القمرية، حُرِّمَ فيها القتال منذ عهد النبي إبراهيم الخليل “ع” وكان هذا التحريم نافذاً حتى زمن الجاهلية قبل الإسلام، وعندما جاء الإسلام أقرَّ حرمتها، ولذلك تُسَمَّى بالأشهر الحُرُمْ، وقد أشار القرآن الكريم إلى حرمة ابتداء قتال الأعداء في هذه الأشهر، كما أشار إلى لزوم مقاتلتهم إذا انتقضوا حرمة هذه الأشهر وبدأوا القتال.جاء ذكر عدد الأشهُر الحُرُم في سورة التّوبة في قوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) فيكون عدد الأشهُر بنصِّ كتاب الله اثنا عشر شهراً، ومن تلك الأشهُر أربعةٌ حُرُم هي: ذو القَعدةِ، وذو الحَجةِ، والمُحرَمُ، ورجبُ. وقد حث الله على عدم ظلم أنفسنا فيها لقوله تبارك وتعالى: ” فلا تظلموا فيهن أنفسكم و تذكر المصادر التاريخية إنما سُمِّيت الأشهُر الحرُم بذلك، لأنَّ الله عزّ وجلّ حرّم على المؤمنين فيها دماءَ المشركين، والتعرُّض لهم إلّا بخيرٍ. وقيل سمي هذا الشهر بـ “الشهر الحرام” وذلك لأن العرب في الجاهلية كانت تُحرِم فيه القتال أو القتل، وفيه يضع المقاتلون أسلحتَهم، ولا يَقتُل فيه أحدٌ أحدًا، حتّى إنّ الرجل لو لقي فيه قاتل أبيه أو أبنه ما جاز له أن يقتله. وقد رجّح بعض العلماء أنّ مُحرّم أفضل الأشهر الحرم الأربعة. وتترجم كلمة “محرم” بـ “المحظور” لأن كل الأعمال غير المشروعة محظورة في هذا الشهر، وتحديدا إراقة الدماء وشن الحروب.

قال رسول الله (ص) في حرمة تلك الأشهر في خطبة الوداع: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا)، فقد بين الرسول الأعظم أحكام الحرمة في كل فعل وحركة في الأيام الحرم لتجنب الوقع بالمعصية والخروج على طاعة رب ّ العالمين. وقال الحسن البصري: إن الله افتتح السنة بشهر حرام، فليس في السنة شهر بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم. وكان يُسمى “شهر الله الأحرم” من شدة تحريمه. واليوم الأول من شهر الله المحرم معظَّم، لأنه غُرة الحول ومفتتح السنة الهجرية رأس السنة.للأشهر الحرم أحكام خاصة ليست لغيرها من الأشهر الأخرى، ومن تلك الأحكام: حرمة ابتداء قتال الأعداء، وتضاعف الذنوب، وتضاعف الثواب والحسنات، وزيادة الديات. فَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ، الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ رَجَبٌ مُفْرَدٌ، وذُو الْقَعْدَةِ وذُو الْحِجَّةِ ومُحَرَّمٌ مُتَّصِلَةٌ، حَرَّمَ اللَّهُ فِيهَا الْقِتَالَ، ويُضَاعَفُ فِيهَا الذُّنُوبُ وكَذَلِكَ الْحَسَنَاتُ.”

وفي هذا السبيل، يؤكد العلماء المسلمون إنّ الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها، وإن كان الظلم على كلّ حال عظيماً، ولكنّ الله يعظّم في أمره ما يشاء. لأنّ الله سبحانه إذا عظّم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددةً، فيضاعف فيه العقاب بالعمل السّيء، كما يضاعف الثّواب بالعمل الصّالح.إذن، فالحق سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان أراد أن يصون الإنسان حتى يحقن الدماء، فإذا ظل الناس ثلاثة أشهر بلا حرب، ثم شهراً آخر، فنعموا في هذه الفترة بالسلام والراحة والهدوء، فربما يألفون السلام، ولا يفكرون في الحرب مرة أخرى، لكن لو استمرت الحرب بلا توقف لظل سعار الحرب في نفوسهم، وهذه هي ميزة الأشهر الحرم,وفي الواقع، إن الإسلام دين الحياة ودين السَّلام، وقتل النفس يُعَدُّ من أكبر الكبائر، ويأتي بعد الشرك بالله سبحانه وتعالى، فالله عزَّ وجل هو واهب الحياة وليس لأحد أن يزهقها. والشريعة الإسلامية شديدة الحرص على توجيه سلوك الإنسان وأخلاقه، وحماية حياته من أي اعتداء، لذلك فهي تشدِّد على ضرورة اتحاد المنظومة البشرية في وجه أية عملية قتل غير مبررة شرعاً.

من هذا المنطلق، تشترك القوانين الدولية لحقوق الإنسان مع الشريعة الإسلامية، حيث عد حق الحياة حقّاً مشتركاً يتمتّع به الأشخاص كافة، دون تمييز، فالمسلم وغيره كلّهم سواء في إقرار حرمة الدم، وفي استحقاق الحياة، وتحريم قتل النفس بغير حق، وحماية حق الحياة، من خلال تحديد عقوبة شديدة على من يعتدي على هذا الحق، وهي عقوبة القصاص، فضلا عن إقرار دفاع الإنسان عن نفسه عند تعرّضه لأي اعتداء، سواء كان بالدين، أو النفس، أو العقل، أو العرض، أو المال, ومع شدة تحريم القتال والقتل والاعتداء على النفس في الإسلام في شهر محرم الحرام، إلا أن المسلمين –للأسف-لم يلزموا تلك الحدود الإلهية، بل كثيرا ما تجاوزوها وخاضوا في الدماء دون وجه حق، ليس هذا وحسب، بل قتلوا في هذا الشهر، في العاشر منه، سبط نبيهم، وهو الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب “ع” الذي وصفه رسول الله بأنه سيد شباب الجنة، وأهل بيته.

يوم عاشوراء، أي اليوم الواقع في العاشر من هذا الشهر “محرم”، له أهمية عند المسلمين الشيعة، ففي هذا اليوم حصل مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب وأهل بيته ظلما، بعد حِصَار دام ثلاثة أيام مٌنِعَ هو وأهل بيته من الماء، في العاشر من محرم سنة 61 للهجرة من قبل جيش يزيد بن معاوية.روى الريّان بن شبيب قائلاً: دخلتُ على الرضا عليه السلام في أوّلِ يومٍ من المحرّم فقال لي: يا ابنَ شَبيب، إنّ المحرّم هو الشهر الذي كان أهل الجاهليّة -فيما مضى- يحرّمون فيه الظُّلمَ والقتال لحُرمته، فما عَرَفَت هذه الأُمّة حرمة شهرها، ولا حرمةَ نبيّها! لقد قتلوا في هذا الشهر ذُرّيّتَه، وسَبَوا نساءه، وانتهبوا ثِقلَه، فلا غفر الله لهم ذلك أبداً!

وكتب المحدّث الشيخ عبّاس القمّيّ في (مفاتيح الجنان: 286 -287): اعلم أنّ هذا الشهر هو شهرُ حزنِ أهلِ البيت عليهم السلام وشيعتهم، فعن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: «كان أبي (أي الإمام الكاظم) صلوات الله عليه إذا دخل شهرُ المحرّم لا يُرى ضاحكاً، وكانت كآبته تَغلِب عليه، حتّى يَمضيَ منه عشرةُ أيّام، فإذا كان اليومُ العاشر كان ذلك يومَ مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هذا اليومُ الذي قُتل فيه الحسين صلّى الله عليه ولذكرى عاشوراء عند الشيعة، شعائر مميزة يقومون بها طيلة الأيام العشرة الأوائل من محرم، في جميع أنحاء العالم وخاصة في كربلاء، وهي زيارة ضريح الحسين، وإضاءة الشموع، وقراءة قصة الإمام الحسين والبكاء عند سماعها واللطم تعبيراً عن حزنهم على الواقعة. والاستماع إلى قصائد عن المأساة والمواعظ عن كيفية استشهاد الحسين وأهل بيته. وذلك باعتباره رمزا للنضال ضد الظلم والطغيان والاضطهاد.

1- إن شهر محرم هو الشهر الأول في التقويم الإسلامي، وهو أحد الأشهر الأربعة “ذو القَعدةِ، وذو الحَجةِ، ورجبُ” التي حرم الله فيها القتال والقتل لجميع الناس، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين ,.

2- في شهر محرم وفي الأشهر الحرم يضاعف الله العقوبات لمن يتجاوز حدود الله ويقتل النفس بغير الحق، كما أنه يضاعف الحسنات لمن يلزم حدود الله ويمتنع عن قتل النفس وإثارة القتال والنزاعات والحروب.

3- إن شهر محرم الحرام -كما هي الأشهر الحرم -قد أكد -بشكل ملفت للنظر- مبدأ حق الحياة، وهو من الحقوق التي كفلها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والقوانين الوضعية، فضلا عن المعاهدات والمواثيق والاتفاقات الدولية والدساتير الوطنية.

4- إن قتل الناس أو التحريض على القتل والاقتتال في الأشهر الحرم والشهر الحرام، يعد بحق جريمة ضد الإنسانية وضد المشيئة الإلهية الداعية لحفظ النفوس وحقن الدماء.

5- يمكن أن يمثل “عاشوراء” أي العاشر من هذا الشهر، وفي كل سنة، يوما عالميا إنسانيا لرفض الظلم والاضطهاد والاستبداد من أي نظام أو حكومة أو حاكم أو محكوم يتجاوز فيه على حياة الناس وكرامتهم وحقوقهم، لا سيما أن ضحايا هذا اليوم هم خيرة الناس وأفضلهم.

عاشوراء يوم حزن وألم ومأساة انسانية وعالمية ودينية-

عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم في التقويم الهجري ويسمى عند المسلمين بيوم عاشوراء ، يعتبره الشيعة يوم عزاء لاستشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ابن فاطمة الزهراء بنت النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) في واقعة كربلاء ، ويعتقد أهل السنة والجماعة أنه اليوم الذي نجّا الله فيه موسى وقومه من آل فرعون، ويعتقدون بأن نبي الله موسى صام ذلك اليوم للإعراب عن الامتنان لله لتحرير قومه من سيطرة فرعون وأتباعه. وبحسب المصادر الإسلامية السنية فان رسول الله محمد (صلى الله عليه واله وسلم) قد صام ذلك اليوم وأمر الناس بصيامه، ويقارن ذلك بـ (يوم كيبور) في التراث اليهودي .

كلمة عاشوراء تعني ببساطة العاشر في اللغة العربية ، ومن هنا تأتي التسمية ، وإذا ما تم ترجمة الكلمة ترجمة حرفية فهي تعني “في اليوم العاشر”. أي اليوم الواقع في العاشر من هذا الشهر “محرم” ، وعلى الرغم من أن بعض علماء المسلمين لديهم عرض مختلف لسبب تسمية هذا اليوم بعاشوراء إلا أنهم يتفقون على أهمية هذا اليوم.

أهمية يوم عاشوراء عند المسلمين من أهل السنة والجماعة-

كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصومُه. فلمّا قدِم المدينة صامَه، وأمرَ الناس بصيامِه فلمّا فُرِض رمضانُ قال “مَنْ شَاءَ صامَه ومَنْ شَاءَ تَرَكَه”. وتنقل بعض كتب السنة أن النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم صامه عندما علم يهود المدينة يصومونه فقال -عليه الصلاة والسلام- (فأنا أحق بموسى منكم) كما جاء في حديث ابن عباس قال: قدم النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ( ما هذا ) ؟ قالوا: هذا يوم صالح ، هذا يوم نجا الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ، قال: (فأنا أحق بموسى منكم ، فصامه وأمر بصيامه) رواه البخاري (1900) ، ويروى أنّ صوم يوم عاشوراء بَقِيَ مندوبًا كسائر الأيام التي يُنْدَب فيها الصِّيام، ولم يكن يَأْبَهُ له أحدٌ من المسلمين بأكثرَ من أنّ الصِّيام فيه له فضله الذي وَرد فيه قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما رواه مسلم “يُكَفِّر السَّنة الماضيةَ” وجرى الأمر على ذلك في عهد الخُلفاء الراشدين ، حتى كان يومُ الجمعة العاشِر من المحرّم سنة إحدى وستين من الهجرة، وهو اليوم الذي استُشهِد فيه الامام الحسينُ بن علي بن ابي طالب عليهما السلام في كَرْبِلاء، فدخل يوم عاشوراء التاريخَ مرّة أخرى من باب واسع . فرأى الرسول صلى الله عليه واله وسلم اليهود تصوم عاشوراء، فقال: ( فأنا أحق منكم ، فصامه وأمر بصيامه

يوم عاشوراء عند المسلمين من المذهب الشيعي -في يوم عاشوراء عام 61 للهجرة استُشهدَ الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام الذي ضحّى بكل شيء عنده ، حتى بطفله الرضيع ، من اجل استقامة الدين الذي خرقه يزيد بن معاوية ابن ابي سفيان ومن اجل الدفاع عن الحرية والكرامة والحقوق التي يتمتع بها كل الناس بالتساوي، بغض النظر عن دينهم ومعتقدهم واتجاهاتهم الفكرية ، حيث نصب يزيد نفسه أميراً للمؤمنين ظلماً ، وكان معروفاً بتجاهره بشرب الخمر وفسوقه الواضح باتخاذ مجالس الطرب والغانيات واللعب مع القرود والفهود وبذخ الأموال الطائلة عليها ، فقال الإمام الحسين قولته الشهيرة (إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني—وبذلك تحول الإمام الحسين عليه السلام باستشهاده إلى رمز لقيم الحرية والعدالة والكرامة والمساواة وحقوق الإنسان، ولذلك تاثرت به كل الطوائف والاديان وحتى الهندوس ، وتحولت عاشوراء إلى يوم تاريخي خالد يرمز إلى نضال الإنسان من اجل حريته وإرادته، وهو اليوم الذي شهد انتصار المقتول على قاتله، والمهزوم عسكريا إلى منتصر خالد ، وانتصار الدم على السيف.

فتجتمع حشود كبيرة من المسلمين من المذهب الشيعي ويقيموا مراسم العزاء تخليداً لهذا اليوم، حيث تبدأ بليلة الحادي عشر من المحرم والتي تعرف بليلة الغربة أو الوحشة كونها أول ليلة باتت عائلات الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه بدون رجالها وشبابها، حيث يتم إقامة المأتم‎ على شهداء واقعة‎ الطف‎ بكربلاء. ويقوم‎ المشاركون‎ بإضاءة‎ الشموع وقراءة‎‎‎ المراثي‎ واللطم تعبيراً عن ولائهم المطلق لصاحب المصيبة والسير على نهجه. ويقوم البعض بتمثيل الواقعة و ماجرى بها من أحداث أدت إلى مقتل الإمام الحسين عليه السلام. فيتم حمل السيوف و الدروع ويقوم شخص متبرع بتمثيل شخصية الإمام الحسين عليه السلام و يقوم شخص أخر بتمثيل شخصية القاتل الذي قام بقتله. حيث يتم تجديد البيعة‎ لثار الله (ثأر الإمام الحسين) مؤكدين‎ استمرار المواجهة‎ بين‎ الحق‎ والباطل‎ على‎ مر التاريخ.

والسبب في إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السَّلام) يعود لأمور كثيرة نُشير إلى أهمها بإختصار كالتالي:

• إن الحسين (عليه السَّلام) ليس كغيره من الشهداء ، حيث أن منزلته أرفع بكثير عن منزلة سائر الشهداء ، فهو خامس أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً كما جاء في كتابه الكريم والسنة النبوية .(صحيح مسلم كتاب الفضائل باب فضائل الحسن والحسين ص 287 ج 5 ط دار الشعب).

• إن الهدف الذي استشهد من أجله الإمام الحسين (عليه السَّلام) هو نفس الهدف الذي سعى لتحقيقه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضحَّى في سبيله ، فالنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي غرس شجرة الإسلام و الحسين هو الذي سقى هذه الشجرة بدمه و دماء أنصاره ، فالإسلام محمدي الوجود و حسيني البقاء ـ كما قيل ـ و لولا تضحية الإمام الحسين (عليه السَّلام) لما بقي من الإسلام شيء ، وخير دليل على ذلك قول الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ((حسين مني و أنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً))، أي إن الحسين عليه السلام هو امتداد لدين الله وشريعته ورسالة الحسين هي امتداد لرسالة السماء رسالة نبي الرحمة وهذا الحديث موجود في كل كتب الصحاح إشارة إلى ما ذكرنا .

• إن إحياء ذكرى الامام الحسين (عليه السَّلام) إنما هو إحياء لقضية الإسلام والأمة ، و إحياء لذكرى كل شهيد ، و انتصار لقضية كل مظلوم .

ثم إن الأهم في هذا المجال هو أن قول الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وفعله حجة علينا ، و الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي علَّمنا إحياء هذه الذكرى الأليمة ، بل تولَّى إحياءها و حَثَّ عليها حتى قبل حدوثها نظراً لأهميتها.

ولا يخفى أحد أن أسماء الأشهر العربية كانت معروفة لدى العرب وليس الفراعنة، وما سمي محرم بهذا الاسم إلا لأنه العرب حرموا فيه القتال، فلا يعقل أن يكون هناك يوم «عاشوراء» لدى الفراعنة يصادف زمنياً «عاشوراء» من شهر محرم لدى العرب. إضافة إلى أن التقويم اليهودي العصري والذي يرجع تصميمه إلى سنة 359 للميلاد في موسم الخريف في سبتمبر أو مطلع أكتوبر حسب التقويم الميلادي وتكون أسماء الأشهر وترتيبها كالتالي:

تشريه: 30 يوم—حشفان: أو حشوان، 29-30 يوم—كسليف: أو كسلو، 29-30 يوم—طيفيت: أو طيبت، 29 يوم—شفاط: أو شباط، 30 يوم—آدار: 29 يوم—نيسان: 30 يوم—إيار: 29 يوم—سيفان أو سيوان، 30 يوم—تموز:29 يوم—آب:30 يوم—إيلول: 29 يوماً

وروي الشيخ الصدوق عن جبلة المكية قولها : سمعت ميثم التمار (قدس الله روحه)(احد خلص أصحاب الإمام علي عليه السلام) يقول: والله لتقتل هذه الأمة ابن نبيها في المحرم لعشر يمضين منه وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة وان ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره أعلم ذلك بعد عهده إلي مولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ولقد أخبرني انه يبكي عليه كل شيء حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحر والطير في السماء، ويبكى عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض ومؤمنو الإنس والجن وجميع ملائكة السماوات والارضين ورضوان ومالك وحملة العرش، وتمطر السماء دما ورمادا. ثم قال وجبت لعنة الله على قتلة الحسين (عليه السلام) كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس. قالت جبلة: فقلت له يا ميثم فكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام) يوم بركة؟ فبكى ميثم رضي الله عنه ثم قال يزعمون لحديث يضعونه انه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة ويزعمون انه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود وإنما قبل الله عز وجل توبته في ذي الحجة، ويزعمون انه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت وإنما أخرج الله عز وجل يونس من بطن الحوت في ذي الحجة، ويزعمون انه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويزعمون انه اليوم الذي فلق الله تعالى فيه البحر لبنى إسرائيل وإنما كان ذلك في ربيع الأول ثم قال ميثم: يا جبلة، اعلمي إن الحسين بن علي (عليه السلام) سيد الشهداء يوم القيامة ولأصحابه على سائر الشهداء درجة، يا جبلة إذا نظرت السماء حمراء كأنها دم عبيط فاعلمي أن سيد الشهداء الحسين قد قتل. قالت جبلة فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة فصحت حينئذ وبكيت وقلت: قد والله قتل سيدنا الحسين عليه السلام

ان مصيبة الحسين (عليه السلام) وابنائه الكرام قد بلغت عنان السماء وبكت لها السموات والارض بالدماء وناحت لها الوحوش والحيتان في لجج الماء واقامت الملائكة فوق سبع الطباق مأتما ونصبت من اجلها مياه البحار والانهار وسكنت بسببها حركات الفلك الدوار كيف لا وقد اصبح لحم رسول الله اشلاء على التراب وأعضاؤه مفصلة بسيوف اهل البغي فلا قرت العيون بعد ذلك المصاب ولا التدت النفوس بلديد الطعام والشراب واعلم ان الشهر شهر حزن اهل البيت وشيعتهم .

وعن الامام الرضا (عليه السلام) قال : كان الكاظم (عليه السلام) اذا دخل شهر المحرم لم يرى ضاحكا وكانت كآبته تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة ايام فاذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام) .

وروي عن الامام الصادق (عليه السلام) انه اذا هل هلال عاشور اشتد حزنه وعظم بكاؤه على مصاب جده الحسين (عليه السلام) والناس يأتون اليه من كل جانب ومكان يعزونه بالحسين ويبكون وينوحون على مصاب الحسين فإذا فرغوا من البكاء يقول لهم : ايها الناس اعلموا ان الحسين حي عند ربه يرزق من حيث يشاء وهو (عليه السلام) دائما ينظر الى مكان مصرعه ومن حل فيه من الشهداء وينظر الى زواره والباكين عليه والمقيمين العزاء عليه وهو اعرف بهم وبأسمائهم واسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنازلهم في الجنة وانه ليرى من يبكي عليه فيستغفر له ويسأل جده واباه وامه واخاه ان يستغفروا للباكين عليه والمقيمين عزاه ويقول لو يعلم زائري والباكي علي لانقلب الى اهله مسرورا وما يقوم من مجلسه الا وما عليه ذنب وصار كيوم ولدته امه.

وعنه (عليه السلام) قال : لما قتل الحسين (عليه السلام) بكت عليه السموات السبع ومن فيهن من الجن والانس والوحوش والدواب والاشجار والاطيار ومن في الجنة والنار وما لا يرى كل ذلك يبكون على الحسين ويحزنون لاجله الا ثلاث طوائف من الناس فأنها لم تبكي عليه ابدا فقيل فمن هذه الثلاثة التي لم تبك على الحسين (عليه السلام) فقال هم : اهل دمشق واهل البصرة وبنو امية .

فما عذر من هلّ عليه شهر عاشور وتغافل عن هذه المصيبة التي ابكت كل عين ؟؟

وعن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال : اذا هلّ هلال المحرم نشرت الملائكة قميص الحسين (عليه السلام) وهو مخضب بالدماء فنراه نحن ومن احبنا نراه بالبصيرة لا بالبصر أي يعيش في مشاعرنا فتحزن لذلك نفوسنا وعندما يأتي هذا الشهر تأتي معه هذه الذكريات الاليمة تأتي معه صور من واقعة الطف وتعود الى الذهن صور مما جرى في واقعة الطف فيكثر الحزن والالم اذا هل على اهل البيت هذا الشهر يعقدوا له المأتم فلقد كان الامام الصادق (عليه السلام) يجتمع مع شيعته وخاصته ويعقد المأتم ويستدعي بعض الشعراء ويكلفهم ان ينظموا في واقعة الطف القصائد الحزينة ويجلس نساؤه من وراء الستر ويروي المؤرخين لما دخل دعبل الخزاعي على الامام الرضا (عليه السلام) وأنشأ قصيدته بينما هو ينشد الشعر على الحسين (عليه السلام) واذا بجارية من وراء الستر وقد خرجت فاندهش الجالسين لانهم لم يعتادوا ذلك من جواري الامام ان يخرجوا امام الناس خرجت تحمل على يديها شيء ودنت من الامام واذا بها تحمل رضيعا على يديها ووضعته بين يدي الامام لما نظر اليه الامام علا نحيبه لانها ارادت ان تصور له صورة ومشهد من صور الطف وتقرب الى ذهنه شيء مما وقع في كربلاء وهو ذبح الاطفال هذا الطفل اهاج وجد الامام فانتحب انتحابا عاليا وجرت دموعه على خديه وتذكر كلما جرى في هذا الشهر من المصائب .

لقد كان هذا الشهر اذا هل هلاله على بني هاشم من بعد واقعة الطف تتحول بيوتهم الى حزن ولوعة . وقيل بالاخص اذا مر هذا الشهر على الوديعة زينب (عليه السلام) فهي التي شاهدت ما جرى فيه من المصائب والمحن اذا مر عليها هذا الشهر تجول بديار بني هاشم من دار الى دار.

وروي عن الريان ابن شبيب: قال دخلت على الامام الرضا (عليه السلام) في اول يوم من المحرم فقال لي يابن شبيب اصائم انت ؟ فقلت ان هذا اليوم هو الذي دعا زكريا ربه فقال ربي هب من لدنك درية طيبة انك سميع الدعاء فاستجاب الله تعالى وامر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب ان الله يبشرك بيحي ، يا بن شبيب ان المحرم هو الشهر الذي كان اهل الجاهلية يحرمون فيه القتال لحرمته فما عرفت هذه الامة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نسائه وانتهبوا رحله فلا غفر الله لهم ذلك ، يا بن شبيب ان كنت باكيا لشيئ فابكِ الحسين ابن علي ابن ابي طالب (عليه السلام) فأنه ذبح كما يذبح الكبش وقتل معه من اهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الارض شبيه ولقد بكت السماء والارض لقتله ولقد نزل الى الارض من الملائكة اربعة آلاف لنصرته فلم يؤذن لهم فهم عند قبره شعث غبر الى ان يقوم القائم (عليه السلام) فيكونون من انصاره وشعارهم يالثارات الحسين. ..

يا بن شبيب لقد حدثني ابي عن جده (عليه السلام) انه قال : لما قتل جدي الحسين (عليه السلام) امطرت السماء دما وترابا احمر ، يا بن شبيب ان سرك ان تلقى الله ولا ذنب عليك فزر الحسين ، يا بن شبيب ان سرك ان تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي (صلى الله عليه وآله) فالعن قاتله (عليه السلام) يا بن شبيب ان سرك ان تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليك بولايتنا فلو ان رجلا احب حجرا لحشره الله معه يوم القيامة..

فيجب علينا يا شيعة ان نواسي اهل البيت (عليه السلام) في هذا المصاب الذي اهتز العرش لأجله ونذكر ما جرى عليه ونذكر عطشه وعطش اطفاله وعطش ذلك الطفل الرضيع الذي ابو ان يسقوه الماء وقد كاد قلبه ان ينفطر من الظمأ .

أحدث المقالات

أحدث المقالات