لايتعامل الإعلام الرسمي في العراق عملياً مع المعلومة الأمنية تعاملاً يلائم قباحة فعل الجماعات الأرهابية التي تسهدف المواطنين العزل ، هذه الحقيقة المؤلمة تضر سمعة المؤسسة الإعلامية ويقلل نسبة متابعيها ويجعلها بعيدة عن جمهورها .
ومعروف أن المعلومات الخبرية هي وسيلة مهمة من وسائل استقطاب المتابعين والقراء والمتصفحيين والمستمعين .
لم تنجح المؤسسة الإعلامية الرسمية في نقل واقعي للأخبار الأمنية الأخيرة ولم تتعامل معها بما يتلاءم مع حجم الهجمة الشرسة التي تسببت بإزهاق أرواح العشرات من الأبرياء.
لفت انتباهي طريقة صياغة الأخبار الأمنية وهي ذات صيغة واحدة تتضمن القول الآتي ” استتشهاد عدد من المواطنين في انفجار سيارة مفخخة في المنطقة الفلانية “.
هذا الشيء يحبطنا ويقربنا من مفهوم أن الإعلام الرسمي مستحوذٌ عليه من قبل الحكومة وهذا يتعارض مع الدستور الذي يؤكد على ضرورة استقلالية الإعلام،وأن يصاغ الخبر على وفق الحقيقة دون إخفاء، ومن دون ضرر للأمن الوطني نحو نشر انطلاق عمليات ملاحقة وتعقب الجماعات الارهابية لان بث هذا الخبر قد يتسبب بهروب تلك الجماعات وتفلت من قبضة القوات الأمنية.
والسؤال المهم ، لو حجبت المؤسسات الإعلامية الرسمية ، المعلومات الدقيقة عن الأعداد الدقيقة لضحايا التفجيرات وأعمال العنف ، هل يعني ذلك أن الخبر لن يتسرب لمؤسسات إعلامية أخرى.
ثم السؤال الأكثر أهمية أليس من الافضل فضح الجماعات الإرهابية وتعريتها من ثوب الإنسانية عبر نشر الأخبار الأمنية الدقيقة عن عدد الشهداء والجرحى ؟
لا مجال أمام المؤسسة الإعلامية الرسمية ان تخفي نصف الكأس ،سواء كان مملوءاً أم فارغاً للحفاظ على استقلاليتها المنشودة ورفع الشبهات والإشاعات التي تشير إلى ميولها لصالح الحكومة.
فلا أتصور أن الحكومة بوصفها “مؤسسة” من صالحها إخفاء تلك المعلومات التي تتعلق بأمن المواطن وحياته .
يأتي هذا في وقت يُكثر الحديث فيه هذه الأيام عن استقلالية الإعلام الرسمي، ويقول مسؤولون فيه بأنهم يسعون إلى استقلالية تامة عن أية ضغوط تمارسها الحكومة أو أشخاص نافذين في الحكومة وهذا لا يأتي إلا عن طريق رفع القيود رفعاً كاملاً عن الأخبار والتعامل بمساحة أوسع مع الأخبار الأمنية ، خاصة إذا أردنا مكافحة الإرهاب والإرهابيين وتجفيف منابع تمويلهم ، فلا بد من العمل بقوة على كشف أعمالهم البشعة إلى العالم .
لاشك أن نقل المعلومة الأمنية غير تامة سيسهم في استمرار استهداف المواطنين العزل لأنه سيتيح للقادة الأمنيين الميدانيين الذي أخفقوا في حفظ الأمن في المناطق المسؤولين عن أمنها الاستمرار بمواقعهم، أي بمعنى أنه لو نقلت المؤسسة الإعلامية الخبر الأمني نقلاً دقيقاً قد توصل الإخفاق إلى القيادات العليا التي لايصل إليها كل شيء، و بذلك يكون الإعلام الرسمي قد أدّى وظيفة كبيرة في قطع دابر الفساد في المؤسسة الأمنية فضلاً عن فضح الجماعات الإرهابية واقترب اكثر إلى عقل المواطنين وقلوبهم .