الموقف الاخير للمرجع الاعلى للشيعة في العراق من الانتخابات التي ستجري في العراق في 12 من أيار الجاري، موقف يأتي متناغما و متجانسا مع الموقف العام للشعب العراقي من الکتل السياسية التي لم تساهم في تحسين الاوضاع و الامور في العراق ولو بخطوات محدودة، فالشعب العراقي يبدو ليس حانقا بل و غاضبا من هذه الکتل التي تحرکها أجندة خارجية و مصالح ضيقة تتعارض في خطوطها العامة مع المصالح العليا للشعب العراقي.
عندما يقول السيستاني يوم الجمعة الماضي؛ إن على العراقيين منع عودة السلطة إلى القادة “الفاسدين”، الذين خذلوا الدولة في الماضي، وإن على الناخبين “الاطلاع على المسيرة العملية للمرشحين ورؤساء قوائمهم، ولاسيما من كان منهم في مواقع المسؤولية في الدورات السابقة، لتفادي الوقوع في شباك المخادعين من الفاشلين والفاسدين”، فإن ذلك يوضح بأن حالة الغضب و الغليان التي تعتري الشعب العراقي قد وصلت الى أقصاها من الاوضاع الوخيمة بسبب الکتل السياسية المسيرة و الموجهة تلقائيا من خلف الحدود، وقطعا فإن المعني بالدرجة الاولى الکتل التابعة لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية التي لعبت ولاتزال دورا سلبيا يخدم المصالح الضيقة للنظام الايراني.
منذ عام 2003، وبعد الاحتلال الامريکي للعراق، و شيوع و إنتشار النفوذ الايراني في العراق بصورة إستثنائية، فإن القوى و الاحزاب و الجماعات السياسية و الميليشياوية التابعة لطهران، أثبتت عمليا ومن دون الحاجة الى أي دليل على إنها لاتعمل بوحي من مصالح و معاناة الشعب العراقي وانما بوحي مايتم توجيهها لها من خلف الحدود من طهران من أوامر و إرشادات صار واضحا بأنها متقاطعة جملة و تفصيلا مع مصالح و طموحات الشعب العراقي.
مشبوهية الدور الايراني و سلبية التدخلات السافرة لهذا الدور، يٶکد حقيقة تعارضه و تقاطعه مع الشعب العراقي و من إنه يسير في إتجاه مخالف لايمکن أن يلتقي يوما معه، فهذه التدخلات تجري في إتجاه يخدم المشروع الخاص بالنظام الايراني و الذي يهدف لإقامة إمبراطورية دينية ذات محتوى و مضمون طائفي تهيمن على المنطقة، کما أکدت و تٶکد المقاومة الايرانية على ذلك و تشدد على إن النظام الايراني يسعى من أجل ضمان نجاح مشروعه في المنطقة بعد أن واجه رفضا داخليا متصاعدا يوما بعد يوم وحتى إن الاحتجاجات الشعبية المتواصلة من الممکن أن تسفر في النهاية عن ثورة و ليست إنتفاضة بوجه النظام، ولهذا فإن الترکيز على إنجاح المشروع المشبوه للنظام في العراق و المنطقة إنما هو من أجل إنقاذ النظام و ليس أي شئ آخر.