18 ديسمبر، 2024 8:05 م

لکي لايبقى العراق مرتعا للمخطط الطائفي

لکي لايبقى العراق مرتعا للمخطط الطائفي

الحديث عن المواجهات الطائفية في العراق هو حديث ذو شجون و يمکن إعتباره بمثابة جدل بيزنطي أو حلقة مفرغة طالما بقيت الاسباب و الدوافع و العوامل التي تحفز و تهيأ الارضية و المناخ المناسبين لذلك، ومع إدراکنا الکامل للخطورة الکبرى التي يمثله تنظيم داعش بالنسبة للأوضاع في العراق، فإننا لاننسى في نفس الوقت بأن داعش ليس هو التهديد و الخطر الوحيد الذي يحدق بالعراق و أمنه و إستقراره، حيث إنه يمثل جانب من المشکلة أو بالاحرى رد فعل و إنعکاس للجانب الرئيسي الاخر منه و المتمثل بالميليشيات الشيعية الموجهة من قبل نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و التابعة له.
العراق و بعد الاحتلال الامريکي عنه و ماأسفر ذلك من إنتشار غير عادي للنفوذ الايراني فيه ترك آثارا بالغة السلبية على الاوضاع في العراق ولاسيما بعد أن بدأ نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و لأهداف و غايات تصب في مصلحة ترسيخ نفوذه في العراق و دفع الامريکيين للخروج من البلاد عمد في عام 2006، الى تفجير مرقدي الامامين العسکريين في سامراء کما إعترف بذلك الجنرال جورج کيسي قائد القوات الامريکية وقتئذ في العراق عندما أکد بأنه تم إلقاء القبض على عناصر موجهة من طهران قامت بتفجير المرقدين المذکورين وانه قد تم تسليمهم لحکومة نوري المالکي لکن الاخيرة لم تتخذ أي إجراء بحقهم.
العراق الذي يغرق في بحر من المواجهات الطائفية، ليس هنالك من شك أبدا من إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يقف خلف ذلك لأن ماجرى و يجري في العراق عبارة بالاساس عن مخطط لهذا النظام يدق أسفينا بين الطائفتين الرئيسيتين و يٶثر بذلك سلبا و بصورة أکثر من واضحة على الامن و الاستقرار ليشمل التهديد کافة المکوناتو الشرائح العراقية الاخرى.
اليوم وبعد طرد تنظيم داعش الارهابي من معظم المناطق التي کان يحتلها في العراق، فإن تقارير الانباء تتحدث عن إرتکاب ممارسات و أعمال إستفزازية للميليشيات الحشدوية المرتبطة بإيران خصوصا من حيث طرد سکان المناطق الاصليين و الاستيلاء على ممتلکاتهم و نهبها وخصوصا في المناطق التي يقطنها المسيحيون و اليزيديون و الاکراد و العرب السنة و غيرهم، وإن قيام هذه الميليشيات بإستخدام نفس ممارسات و أساليب تنظيم داعش، يٶکد بالضرورة بإنهما کلاهما في نفس المرکب و يسيران بنفس الاتجاه، ولهذا فإننا وکما أکدنا في بداية المقال، فإن الطموح الاکبر ليس يتجلى في التخلص من تنظيم داعش وانما من في التخلص من المشروع الطائفي الذي يحدق بالعراق و الذي تتم إدارته و توجيهه من جانب طهران من أجل ترسيخ و دعم النفوذ و الهيمنة الايرانية على العراق، وإن الخطوة الاولى و الاساسية لإلحاق الهزيمة بالمشروع الطائفي في العراق يکمن في إنهاء نفوذ و هيمنة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ومن ثم حل الميليشيات الشيعية و السنية على حد سواء، وبدونه فإن العراق سيبقى مرتعا خصبا للمخطط الطائفي لهذا النظام.