18 ديسمبر، 2024 6:17 م

على الارجح كان هناك ارث ذهني لدى عبد السادة محمد ناصر يمنعه من التصريح بانضمامه الى الحزب الشيوعي العراقي في وقت مبكر من حياته ، ومادمنا سنروي حكاية عبد السادة فلابد لنا من ان نعود الى حكاية النهر القديم والليل الموحش الذي نسمع فيه وقع اقدام المخبرين وشفاعة الاولياء الصالحين ولينين فالرجل تعلق بلينين اكثر من ماركس واحبّه والحقيقة انه نظر الى الرجل من نافذة المطبخ كما قال ولم يجرؤ احد على تكذيبه حتى فهد نفسه.
على الارجح انه كان مثل حقيقة نهائية ، الحقيقة التي تمتلك قوة الوجود ولم يبدد من قوة هذه الحقيقة موته التاريخي ، لقد مات مثل خضير خنجر وحجي صلبوخ ، باستثناء ان هؤلاء سرعان مااندرست قبورهم في مقبرة النجف بينما ظل لينين في اذهان الكثير من الناس والعديد من النصب التي توزعت على اطراف العالم بينما لم يذكر احد هادي المكوطر الذي اعلن الحرب على الانكليز بصورة شخصية وكان ابرز المشاركين في الثورة العراقية ضد الانكليز في حزيران 1920 ،كذلك لم تفهم زهرة ابنة هادي ولايمكنها ان تفهم ان اباها بروليتاري عظيم .
لكن عبد السادة محمد ناصر وقبل ان يكون شيوعيا تدثر بحكايات قديمة عن ايريش كيكال سيدة العالم السفلي وحاكمة مملكة الاموات ومصدر الوباء ونسب اليها وباء الجدري الذي ترك ندوبا على وجوه الناس ووباء الكوليرا الذي تفشى في بغداد بعد الفيضان الاخير كما نسب اليها العامة تعثر العملية السياسية والانقلابات الدموية والدكتاتوريات البغيضة واجهزة القمع وزنزانات التعذيب والاحتلال ايضا . وتذكر بألم غامض وشعور بالظلم ليلة القبض عليه من قبل رجال امن السلطة وايداعه احد سجون مديرية الامن العامة بعد ان خرج برفقة صديقه فاضل الخياط لرؤية صديقهما الاخر زهير كريم ، سيارة فاضل التي اقلتهما كانت لادا نصر موديل 75 وهي نتاج لابعد مدى يمكن ان تصل اليه احلامه ، تحدثا في امور عديدة وطلب من فاضل ان يتوقف على جانب الطريق لكي يتبول بعد ان شعر بضغط مثانته وماان ابتعد قليلا وباتجاه احد جدران البنايات على جانب الشارع حتى شعر بتوقف احدى السيارات التي كان يستخدمها رجال السلطة الذين اشبعوه ضربا ثم اقتادوه معهم الى احد سجونهم حيث بقى هناك لمدة عامين ونصف العام لم يذكره خلالهما احد ولم يحقق معه احد ولم ير فيها فاضل الخياط او يسمع خبرا عنه ولم يسألوه عن لينين الذي تحدث عنه كثيرا لزملائه المسجونين معه وحتى المعتوه الذي كان يسمونه السيد العام لم يسأله عن لينين بل فغر فاه استغرابا لانه لم يستجوب او يحال الى المحاكم العرفية طوال هذه المدة ، واشار المعتوه اليهم اخرجوه من هنا وبسرعة فائقة ومثلما اقتادوه رموه في احد الازقة المظلمة واوصوه بالصمت والا ….
الشعور بالقلق والتوتر الذي لازمه يغني عن القول بان منظره وشكله كانا قد تغيرا كثيرا لقد خرج بوجه شاحب ومشاعر مضطربة وهواجس سوداء وقع فريسة لها ، ولم يخطر على بال لينين او عبد السادة محمد ناصر ان يقدم احد الوشاة على كتابة تقرير سري يتهم فيه المدعو عبد السادة محمد ناصر بالتحضير لانقلاب عسكري على النظام مع مجموعة من ضباط الجيش وبمختلف الرتب والذين لم يرهم او يسمع عنهم يوما ما ، هكذا وبدون مقدمات اختفى المدعو عبد السادة محمد ناصر الى الابد حاملا معه صورة الذي حرّضه على الانقلاب وكانت بالاسود والابيض وقد كتب على ظهرها بقلم الرصاص اسمه وكان لينين طبعا .