23 ديسمبر، 2024 12:28 ص

ليليا ماياكوفسكي وشقيقتها الزااراغون

ليليا ماياكوفسكي وشقيقتها الزااراغون

ليليا ( او ليلي حسب بعض المصادر العربية ) وشقيقتها الزا – روسيتان دخل اسمهما في تاريخ الادب الروسي و تاريخ الادب الفرنسي في القرن العشرين , الاولى ( ليليا بريك 1891 – 1978 ) حبيبة الشاعر الروسي فلاديمير ماياكوفسكي , والثانية شقيقتها الصغرى ( الزا تريوليه 1896 – 1970 ) زوجة الشاعر الفرنسي لوي اراغون.
تناولت المصادر العربية هذا الموضوع هنا وهناك ولكن بشكل غير واسع وغير معمق وغير شامل ايضا , ولعل أبرز من كتب حول ذلك هو الكاتب المصري عماد ابو صالح , الذي نشر مقالة شغلت خمس صفحات باكملها في مجلة (الفيصل ) السعودية المعروفة, والتي جاءت بعنوان – ( ليلي بريك من عشيقة ماياكوفسكي الى عميلة في الشرطة السّرية ) , وقد ذكر الكاتب في تلك المقالة معلومات تفصيلية كثيرة عن حياة ليلي و سيرتها الشخصية قبل كل شئ وطبيعة علاقاتها مع ماياكوفسكي و مع رجال آخرين , وعدا ذلك , فان الكاتب ركّز ايضا في مقالته تلك على الموقف السياسي لبريك وزوجها , و أشار الى انها كانت عميلة للسلطة السوفيتية آنذاك ( كما هو واضح حتى من عنوان تلك المقالة المثير) , بل انه ذكر ان بعض الادباء الروس الكبار ( مثل يسنين وأخماتوفا ) كتبوا على باب شقتها كلمات مضادة لها تشجب تعاونها مع الشرطة السوفيتية السرية , لكن الكاتب لم يكتب , بل حتى لم يشر بشكل مباشر او غير مباشر الى المصدر الذي اعتمده بشأن كل هذه المعلومات الخطيرة والغريبة و الفنتازية اصلا بالنسبة للوضع السوفيتي المتشدد جدا في موسكو , و الذي كان سائدا في عشرينات القرن العشرين آنذاك بعد ثورة اكتوبر 1917 كما هو معروف .
لم تتوقف المصادر العربية كافة عند تأثير هاتين الشقيقتين على ابداع ماياكوفسكي وأراغون , او الى التفاعل الحيوي الكبير لهما مع تلك القصائد المهمة في تراث الشاعرين الكبيرين , وهو موضوع يقتضي التعمق في دراسة ابداع ماياكوفسكي واراغون طبعا, واذا كان اراغون قد أبقى لنا دواوين و قصائد ترتبط باسم الزا ( مثل عيون الزا او مجنون الزا ) , فان الامر أصعب بالنسبة لماياكوفسكي . المصادر العربية ركّزت على العلاقات العاطفية الشخصية بين هؤلاء بالدرجة الاولى , اذ نظرت ب ( عيون شرقية جدا !!!) الى الموضوع (والحليم تكفيه الاشارة !), وبالغت فيه , وأضافت اليه طبعا ( كثيرا من التوابل !!!) , ولم تأخذ تلك المصادر بنظر الاعتبار بتاتا انهم ابناء مجتمع آخر يختلف اخلاقيا – وبشكل جذري – عن الاخلاقيات السائدة في مجتمعاتنا , ولم يخطر في بال هؤلاء الذين كتبوا حول ليليا وشقيقتها الزا اسئلة من قبيل – ( كيف استطاعت امرأة روسية ان تصل الى باريس وتتزوج من شاعر فرنسي كبير مثل اراغون , وان تتحول هي نفسها بعدئذ الى اديبة فرنسية يشار اليها بالبنان كما يقول تعبيرنا الشهير , وان تكتب نتاجات بلغة فرنسية شفافة ؟؟؟) , او – ( لماذا كتب شاعر فرنسي بمستوى أراغون تلك الدواوين والقصائد المليئة بالعواطف والاحاسيس الجيّاشة حول هذه المرأة بالذات , والتي لازال القراء وفي كل انحاء العالم يطالعونها بكل حب وتعاطف ولهفة ؟؟؟ ) , او – ( كيف استطاعت امرأة روسية ان تكرس حياتها في موسكو بعد انتحار ماياكوفسكي لمسألة حفظ تراث الشاعر هذا من الضياع , والاشراف على متابعة طبع نتاجاته , وكيف كتبت بشجاعة وثقة الى ستالين نفسه – وفي تلك السنوات العجاف – حول عرقلة البيروقراطية الروسية لخططها بشـأن هذا الموضوع , وكيف تعاطف ستالين معها فعلا ؟؟؟) , او – ( لماذا كتب ماياكوفسكي اسمها في وصيته قبل ان ينتحر , طالبا من الدولة ان تعتبرها ضمن افراد عائلته؟؟؟)…..وهناك الكثير من المواضيع , التي ترتبط باسم هاتين الشقيقتين في تاريخ الادبين الروسي والفرنسي , والتي تقتضي البحث والتأمل والتقصي من قبل باحثينا .
موضوع ليليا وشقيقتها الزا ينتظر الباحثين العرب وموضوعيتهم.