{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
المناضلة الفيلية ليلى قاسم.. عروس كردستان، أعدمها النظام السابق، مناضلة في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، بقيادة الزعيم الخالد الملا مصطفى البرزاني.
ولدت في السابع والعشرين من كانون الاول 1952 / خانقين، ممضية الابتدائية والمتوسطة فيها.. والدها عامل بسيط في مصفاة خانقين، أقام بعد التقاعد، في بغداد حيث تدرس ابنته علم الاجتماع بكلية الآداب.
عملت في الصحافة، منضمة الى أخيها وسام و خطيبها جواد الهماوندي، ضمن ملاكات الحزب؛ ما جعل نظام البعث الجائر، يلقي القبض عليها وخطيبها، يوم 29 نيسان 1974/ مع رفاقهما: نريمان فؤاد مستي وآزاد سليمان وحمه ره ش.
في الزّيارة الأولى لوالدتها وشقيقتها، أوصتهما بإحضار مقص وملابس جديدة، في الزيارة التالية… أحضرتا لها ما تريد؛ فقصّت خصلاتٍ من شعرها, وأهدتها إلى شقيقتها لتبقى ذكرى وشاهدة على نضالها وتحدّيها الموت والطغاة، قائلة: “سأصبحُ بعد أيّام “عروسَ كوردستان” لذلك أحبّ أن تحتضنني الأرضُ وأنا بكامل أناقتي”. اجريت لهم محاكمة صورية، قضت بالاعدام، الذي نفذ يوم 12 أيار 1974.. شنقاً، في مكان الاعتقال نفسه، بعد أقل من أسبوعين من تاريخ سجنها، ممثلين بهم.. فقأوا عينها اليمنى وشوّهوا جسدها بفظاظة أثناء التعذيب، وسلم جثمانها الطاهر إلى أهلها وهي في زيّها الكردي الجديد، ودفنت في مقبرة “وادي السلام” بالنجف.
أكتب هذه السطور خارجا من تأملات موثق السيرة، الى الإنهيار الوجداني.. بكاءً، وأنا أتخيل ثوب العرس، الذي لم تهنأ به مع حبيبها، لفلفته رملة المقبرة، بين يدي الإمام علي.. عليه السلام، جوار طابور من الانبياء والرسل والشهداء والصديقين.. تربعت “عروس كردستان” مبرهنة أن المرأة الكردية طاهرة وجريئة بالحق؛ حين سعت الى الشهادة، بخيلاء، تؤكد انها اقوى من سوط الجلاد وحبال مشنقته.
يروى أنها صرخت أثناء التعذيب: “شأني ككل الاوفياء الذين ضحوا بدمائهم الزكية، من أجل التصدي للظلم الذي يمارس بحق الشعب الكوردي، من قبل أزلام السلطة الدموية، في بغداد.. سجنا وذبحا وتهجيرا ونفيا.
ما زالت ذكرى الشهيدة ليلى قاسم، وستظل شعلة وهاجة تنير تنير دروب سالكي الملمات، بين كهوف الجبال ووديان سفوحها؛ إرتقاءً الى القمم، ريثما إرتاحت روحها وهي ترنو.. من وادي السلام.. الى رفاه الشعب الكوردي، الذي لن ينسى شهداءه الأبرار وهو ينعم بالحرية الآن.. حمدا لله وطاب مقام الأوفياء.. دنيا وآخرة.