عندما عزم وقرّر , المُشِيء , أن يختزل قرآنه قطعاً لمجادلات قريش عبدة الأوهام والكلام والأساطير والأصنام كما جادل بالبقرة بنو إسرائيل موسى , لجأ الّذي ليس كمثله شيء لوصف نبيّه محمّد , كي يُفهم “المجادلون” المقصود من أصل الدين الّذي لأجله أرسلت الرسل للناس , فلم يصفه لا بنسبه ولا بحسبه ولا بعلمه ولا بتقواه ولا بختمه القرآن ولا بحفظه له ولا بحفظه مفاتيح الجنان ولا بالموطّأ ولا بالنافس والمنفوس في اقتناء العروس , ولا ولا ..
لم يصفه , لا بماله ..
ولا بعدد عياله
ولا بأهله ..
ولا بزوجه ..
ولا “بشهاداته” ..
ولا بتجارته ..
ولا “بثقافته” ..
ولا بصَلاته ..
ولا بصيامه ..
ولا بحُسينه
ولا بقيامه ..
ولا بلحيته ..
ولا بثيابه ..
ولا بشاربيه ..
ولا بصحابته
ولا بتسبيحه ..
ولا بحِجِّه ..
ولا بعمامته ..
ولا بسيفه ..
ولا بضخامة جسده ..
ولا بفاخر ملبسه ..
ولا بجمال شكله ..
ولا بدرجة وظيفته ..
ولا بعشيرته ..
ولا بأصله ..
ولا بعبادته ..
ولا بنفوذه . بل وصفه بما هو أهل لدخول القلوب والجنّة “وسدرة المنتهى” معاً : (( وإنّك لعلى خلقٍ عظيم )) .. واحد ثنين تلاثة أربعة !! ..
أُقسم أّنّها من أصعب ما يكون الصبر على هذه الجماليّات خاصّةً لمن تربّى على “الفهلوة” وعلى الطائفيّة بالوراثة , لأنّ الانقلاب عل العقائد الخاصّة نحو الأفضل من أصعب المهام في حياة المرء فهي أصعب من السير شبه عاري حافي القدمين على صقيع ولمسافات ! عكس التخريب والهدم فهي حاجة مَرَضيّة , فقد وضعنا “الجاعل” وسط امتحان مغريات وملذّات لا حصر لها , أعتقد كي “يُغربلنا” .. دلائل كثيرة يُمكن أن نفهم منها ذلك؟ , لأنّ الكلّ متّفق على أنّ أسيجة الكيان الرصين للوطنيّة لا تُبنى إلاّ بخامات المواطنة المستعصية على الأطماع , وتلك برأيي تحقيقها أشقّ وأمرّ من سابقاتها لأنّها تتطلّب نفساً طويلاً كونها تعالج الذات وشهواتها المنفلتة , يعني إخضاع العقل إلى عمليّة التدبّر لفرض الإقلال التدريجي عن مراودة نصوص ملفّقة وتفاسير مزوّرة وخطب رنّانة لم يبق منها إلاّ تجاويف فارغة موروثة تُحقن الآخر ضدّ الآخر , لذا , ومن رؤى ماضويّة , فمن المنطق أن يوجد هنالك “امتحان ما” كما تُلمح لنا طبيعة الحياة في أكثر من موضع ؛ “جائزته” كأن يكون دخول “جنّة” مثلاً بحسب إقحام منطق الوجود مُدركات تجاربنا وفرضه التفسيري القصري لها , وقد أدركها نصّ قرآني : (( أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يأتكم مثل الّذين خلوا من قبلكم !؟ مسّتهم البأساء والضرّاء , “وزلزلوا !” , حتّى يقول الرّسول والّذين آمنوا معه ؛ متى نصر الله )) . قرآن .. يعني , وفق المنظور الديني أنّ الانبياء والرسل “أيّسوا” فعلاً من رحمة الله لشدّة مرحلة طارئة في لحظة اختبار المعادن !!” ..
بناء الجسد تكلفة عَمَاره المادّيّة “موادّه الانشائيّة” شبه مجّانيّة ؟! فمبلغ مكوّناته مع الدماغ لا تزيد عن ال”ثلاث دولارات” فقط ! فوسفات هايدروجين أوكسجين صوديوم كالسيوم كاربون الخ , لكنّ الصانع الأعظم “الّذي ليس كمثله شيء” خلق بهذا السعر الزهيد “أحسن تقويم” , وفي نفس الوقت جعل أدوات التدبّر “عمامة سروال دشداشة سبحة تُربة الخ” أيضاً بسيطة ؟ , فقط الفرق أنّ طبيعة العبادة هي من أوجدت الأدوات لا هنّ من أوجدن “المتديّن” ! وبما أنّ تقويم السلوك المعوّج “الشدّ والجذب بين متطلّبات تقويم السلوك وبين معطّلاته” بحسب علماء الاجتماع , لابدّ وتفرض نفسها على شكل المتعبّد قديما , يعني حاجته ل”وظيفة” هذه الأدوات لا حاجته لشكلها بل هي الممارسات العباديّة من أضفن الجمال على تلك ! .. ولأنّ القلوب كالجنّة , لا تحويان بداخلهما إلاّ ذوو الأخلاق الحسنة ؛ تكيّف ما شئت , فلن تدخل القلوب والجنّة إلاّ إن كان خلقك يقطر حُسناً ..