في 31 آذار تحل الذكرى السنوية لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي ، وليت عينك ترى استعداد الشيوعيين واصدقائهم لاستقبال هذه الذكرى المجيدة ، حيث كانت امسية الذكرى الاربعين لتأسيس الحزب ، وعريف الحفل ابوكاطع ، وكان الرجل مستعدا لجميع مايطلبه الجمهور الرائع ، الذي وصفه بدقة من انه لم يكن مقتصرا على قومية ، فهناك الكردي والعربي والتركماني ، ولم يكن مقتصرا كذلك على فئة عمرية محددة ، فهناك الشيوخ والشباب ، وكان للجنس اللطيف حضور مؤثر وكبير ، فكان مهيئا لرواية نكتة ، او التعليق على فعالية ، او الحكايات التي كان بطلها بلا منازع ، لكنه فوجىء بطلب غريب ، حيث نهض شاب من الصفوف الخلفية للقاعة بستائر مسرحها الحمراء وصاح باعلى صوته : ( ابو كاطع لازم تغني ) فضجت القاعة بالهتاف والتصفيق ، فما كان من ابي كاطع الا الانحناء على طريقة المطربين كما يقول هو ، ويجيب : حاضر … حاضر ، ولم يفرغ الرجل من تقديم الفقرة الاولى لينشد الجميع : نشيد الاممية : ( هبّوا ضحايا الاضطهاد ) ، حتى نهض عاشق صوت ابو كاطع ليصرخ من جديد ابو كاطع لازم اتغني ، وليعود ابو كاطع ثانية الى الانحناء وترديد كلمة حاضر … حاضر ، ولينهض كهل من اواسط الصفوف كما يروي ابو كاطع ليردد قصيدة الجواهري :
( سلام على حاقد ثائر على لاحب من دم فائر
يخب ويعلم ان الطريق لابد مفض الى آخر )
وهكذا مضى منهاج الاحتفال ، وابو كاطع لم يمسك ورقة مطبوعة او ممنهجة على برنامج خاص ، وانما الرفاق هم من ملأ الساحة بابداعات شتى ، ولم يخل الحفل من حكايات خلف الدواح ، الذي قابله الجمهور بالهتاف والتصفيق : ( سوالف ابو حسين ، سوالف ) ، وكانت حكاية الدواح عن اثنين ترافقا ، واحد شحماني ، والآخر غريباوي ، ونزلا على مضيف في وقت الغداء ، فجاء المضيف بالخبز والدهن ، فأخذ الغريباوي يثلم اللقمة ، ويضع الوجه منها على الدهن ، في حين اخذ الشحماني يقلب لقمته على وجهيها ويضعها في الدهن ، ويعود مرة ثالثة فيأتي على ماعون الدهن ، لم يستطع الغريباوي صبرا فأخذ على يده وهو يقول : اسمع انه وانته خطار ، كلمن يثلم لكمته ويغمسها وجه واحد باعتبارنا اولاد حوا وآدم ، انوب كمت تجلبها وجهين ، كلنه ميخالف ، كرايب محمد الياسين شيخ مياح ، جا هاي الكرفه الثالثه شيسمونها بالخير ، لم يخف ابو كاطع تذمره من وضع الجبهة الوطنية في ذلك الوقت ، ونعت حزب البعث بالشريك غير النزيه ، وهاهي شراكتنا تتلكأ في منتصف الطريق ليصبح الطراد على الغنيمة ، وحاليا برزت عدة مفاهيم للوطنية ، مفاهيم لم ينزل الله بها من سلطان ، وصارت المكاسب هي طموح اي حزب او كتلة دخلت العملية السياسية باستثناء الحزب الشيوعي العريق الذي ظل محافظا على جذوره الطيبة ، وبقي مخلصا للجماهير بانتظار ان ينصفه الشعب والوقت ويقدر تضحيات هذا المارد الكبير ، الذي هو اساس كل نظرة متطورة تخص المرأة او الشباب او الفن ، وسيحصد في مشواره القريب ما بذرت يداه من رقي وتطور ، طال الزمن ام قصر ، سلام على من اثقل الزمان والفتاوى المتشنجة كفيه ، سلام على من يحاول الآخرون مصادرة دمائه الثائرة ، سلام على من تكهن ويتكهن دائما بان الآتي سيكون غصن زيتون آخر بكفه الرائعة ، كل الخلود والشموخ والبقاء لهذا المارد الكبير ، الذي استوعب جراح الجميع في وقت الجراح ، سلام له في عيده الثامن والسبعين ، وليطفئ شمعته بمزيد من الالق والشموخ .