إنّه يومٌ قريب, فمخرجات (الحشد المدني) إختلفت جذرياً عن نتائج الحشد العسكري..من لا يرى هذا اليوم, لم يتقن فهم التاريخ, الحركة ذاتها؛ عندما يأكل الإنسان نفسه!..
في الجبهة حرب شرسة, وفي العراق ثورة تطالب بالإصلاح لكنّها لا تريد إصلاح ذاتها!..كل شيء مبهم, سوى شيئاً واحداً بات واضحاً؛ الدم هو الوسيلة التي ستحدث بها الفتنة. الدعوات والنوايا الحسنة, والشعارات المثالية, لا يمكن الإعتماد عليها؛ فعنصر الخرق حاضر بقوة في ساحات التظاهر. لذا, وبما إنّ البلد في حالة حرب؛ فالحراك أمام طريقين: مراقبة حزمة الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة وإتاحة الفرصة المناسبة لتحقيق تلك الإصلاحات. أو الذهاب إلى المجهول, عبر تظاهرات بمطالب متناقضة وفوضوية تصل لدرجة التخريب أحياناً, والقتل حيناً. يبدو إنّ التغذية المخابراتية الخارجية حبكت العملية, وهي تعد لفوضى شاملة بغية إنتاج عراق جديد مغاير لما يطلبه الشعب!.
لعل (الجُمع) القادمة سشتهد تلك الفوضى..نازحون بالآلاف, خلايا نائمة, وجماهيرغاضبة يسهل إستغلالها. جميع عناصر اللعبة متوفرة, وساعات الوجع القادم مؤلمة..طعنة نوجهها لجيشنا وحشدنا, وهل ينفع بعدها حنين لماضي؟!
حينها, لن يهنأ مدني في جلسة على حدائق أبي نؤاس, ولن يلتق مؤمن ربّه في جامع أو كنسية..ستنكفأ الحياة لسنوات الموت, ستتشوّه ساحات المدينة وتخلو عنوةً من مرتاديها, وجند الخليفة يجوبون شوارع العاصمة بظفائرهم لإحصاء همسات العشاق وتشويه جذور الجمال!..
سيُنتزع الجميع من مدنيّته قهراً, ليحمل جواز (أيمان) موقع بختمٍ أفغاني..لا مجال للإحتجاج آنذاك؛ فمرتزقة الخليفة لا يجيدون إستخدام خراطيم المياه لفضّ التظاهرات, لو سلمّنا بوجود من يجرأ على التظاهر في ساحاتٍ تملؤها رؤوس المخالفين أو المشكوك بولائهم (الخلائفي). في تظاهراتنا ضد الفساد, وجدنا آذاناً صاغية وأفواهاً مرددة, وبعض الوعود التي ننتظر تحققها؛ ما بعد تلك الليلة, سيدخل البغاة للخضراء, وقد نفرح بموتِ فاسد أو هرب سارق؛ بيد أنّنا سنحزن كثيراً على رؤوس كانت تصدح بيننا, جزرتها سكين شيشانية!..هل ستسقط بغداد حقاً؟!
لن تسقط بغداد بسهولة, سيما إنّ التظاهر السلمي بات أمراً ضرورياً, لكنّ الحرب تؤجل أشياءاً كثيرة وتضبط إيقاع الجمهور حول هدف أساسي لا يعلو عليه غيره؛ تحرير الأرض. لما الخشية إذن؟..
لقد دخلت دوائر كثيرة, ولعل داعش في مقدمتها..الجميع له أهدافه, والأبرز؛ فك الحصار الذي تفرضه قواتنا الأمنية على الدواعش, وإغراق العاصمة بفوضى عارمة. فوضى بغداد ستكون مروّعة, ومن أهون شرورها؛ تمكين أمراء الحروب, ولا صوت يعلو وسط قعقعة السلاح..لنتذكّر بعض أسباب الكوارث؛ إعتصامات الأنبار كانت مشابهة لما يحصل اليوم في الوسط والجنوب, وقد إستجابت الحكومة لبعض مطالبهم, ورفعوا السقف, ثم إستجابت وأرتفعوا رفعة أخيرة, إذ حدث بعدها الإعصار. وعاد بحث الإنساني الفطري عن دارٍ يسكنها..!