23 ديسمبر، 2024 2:28 ص

ليلة تسليم جلجامش لليهود؛ فضح مغالطات التناص بين الفكر العراقي القديم والفكر التوراتي (32)

ليلة تسليم جلجامش لليهود؛ فضح مغالطات التناص بين الفكر العراقي القديم والفكر التوراتي (32)

ليلة تسليم جلجامش لليهود؛ فضح مغالطات التناص بين الفكر العراقي القديم والفكر التوراتي (32)
# محاولة جائرة لتسليم جلجامش العظيم لليهود :
——————————————-
… إنها للأسف محاولة جائرة لتسليم جلجامش العظيم لليهود ، ولجعل يوسف اليهودي وريثاً شرعيّاً وطبيعياً لمعاناة وملحمة هذا البطل الجبّار التي رصّعت جبين البشرية ثم يواصل ناجح محاولته الباطلة للمطابقة بين جلجامش ويوسف اليهودي بالقول :
(حقق كلاهما انتصاراً في المحصلة النهائية. حيث تمكن الملك جلجامش بقوته الجسدية ومعاونة صديقه انكيدو من الانتصار على خمبابا اله الشر، وقتل الافعى واقتطع اشجار الارز وهذه كلها علامات تشير الى الديانة القمرية / وسلطة الالهة الام – ص 197) (22).
أي أفعى هذه التي قتلها جلجامش وأنكيدو ؟ لم أجد لهذا أثراً في ملحمة جلجامش ؟ ثم ما هو النصر الذي حقّقه يوسف التوراتي “في المحصلة النهائية” ويماثل انتصارات جلجامش و “يتناص” معها ؟
ولنبق مع ناجح في تبريراته وتخريجاته التي لا تُعقل :
(أما يوسف ، فقد حقق هو الاخر نجاحا في تأويله للاحلام الخارقة ، مستعينا بذكائه الحاد في التعايش مع فرعون / ملك مصر – ص 198) (23).
فهل الأعمال القتالية الملحمية البطولية التي قام بها جلجامش ، ورحلة الوجود الفلسفية الكبرى التي أنجزها في الملحمة ، تشبه عمل تفسير الأحلام الذي قام به يوسف التوراتي ، والذي كان يقوم به السحرة والمنجمون سابقاً ، والكثير من برامج الفضائيات الآن أيضا ؟
ومن جديد ، ما هي الأعمال “البطوليّة” التي قام بها يوسف وتشبه الأعمال البطولية التي قام بها جلجامش ؟
ثم هل قرأتم في أي مصدر في العالم أنّ يوسف “بطل” بالمعاني الملحمية والأسطورية غير المصادر اليهودية أو المتأثّرة بها أو على أيدي محلّلين أسطوريين مقودين بحسن نواياهم “الحداثية” ؟
# تلفيق فاضح حول المكان :
—————————
ثم ينتقل ناجح إلى تلفيق مفضوح وواهن حين يتحدث عن خصائص المكان في ملحمة جلجامش وفي قصة يوسف ، معتقدا بأن اللعب بالألفاظ سيعبر على عقولنا حين يقول :
(ويبدو بان للمكان وظائفه الخاصة في النصّين ، تجسدت في الملحمة من خلال سعي جلجامش لحماية المكان / أوروك من خلال استهداف غابة الارز التي تسيدت فيها سلطة خمبابا (…) أما المكان في قصة يوسف التوراتي ، فان وظائفه تدميرية تمثلت في محاولة التخلص من يوسف وحصول القطيعة بين يوسف واخوته – ص 198) (24) .
وهل هذا تشابه و “تناص” ؟
وهل هو اختلاف ؟
وما وجه المقارنة بين مكانين في سياقين لا يربطهما أيّ رابط ؟ مدينة عظيمة وأسطوريّة يحكمها ملك عظيم ، وبئر يُلقى فيه راعي في منطقة صحراء جرداء ؟؟!!!
يواصل ناجح :
(رحلة جلجامش قصيرة ورحلة يوسف طويلة جدا لكنهما – معا – حققا ما كانا يحلمان ويصبوان اليه – ص 198) (25).
يقول ناجح : (معاً) ..
فكيف عمل جلجامش ويوسف “معاً” ؟
أليس عليه أن ينتبه لصياغاته وتعبيراته اللغوية في هذا الشأن الخطير ؟ أم أن استسهال الكتابة جعله يستخدم “معاً” بصورة شوّشت السياق والمعنى ؟
ثم هل كان جلجامش يحلم مثل يوسف ؟ وهل تحقق حلمه العظيم في الحصول على عشبة الخلود أم عاد خائبا على العكس من يوسف اليهودي ؟!
# تلفيق آخر عن الزواج المقدّس :
——————————-
ثم يأتي موقف تلفيقي آخر لا أعرف كيف أصفه . يقول ناجح :
(بعد دخول انكيدو الى مدينة أوروك توقفت طقوس الزواج المقدس وعقائد ما يسمى بحق الليلة الاولى ولم تشر الملحمة والاساطير السومرية الخمس المكتوبة عن الاثنين “جلجامش وانكيدو” بحصول اتصال ادخالي ولاي سبب من الاسباب – ص 198) (26).
طيّب لكن ما علاقة هذه الحالة بقصة يوسف اليهودي ؟
لنستمع إلى تبرير ناجح :
(ونجد الامتناع متمركزا في قصة يوسف التوراتي متمثلا بموقف يوسف المعروف من خلال علاقة زليخة به – ص 198) (27).
لنسأل ناجح :
هل امتناع يوسف عن الإستجابة لإغواء زوجة العزيز فوطيفار هو تعبير عن توقّف طقوس الزواج المقدّس ؟
هل كانت هذه الطقوس تُمارس في البيوت المصريّة بين زليخة ويوسف وأمثالهما (أنا أعلم أن في الحياة الفرعونية الملوكية كانت هناك ممارسات لحق الليلة الأولى) ؟
وهل كانت هناك ممارسة لحق الليلة الأولى في بيت العزيز مثلما كان في أوروك ؟
وإذا كان دخول انكيدو إلى أوروك قد سبّب توقّف الإتصال الإدخالي في أوروك ، فهل تسبّب دخول يوسف إلى مصر في توقف الإتصال الجنسي (الإدخالي كما يحب ناجح) بين البشر المصريين كلّهم ؟
هل أوقف دخول يوسف مصر ، الفرعون عن ممارسة حق الليلة الأولى ، مثلما حصل لجلجامش عند دخول أنكيدو أوروك ؟
ثم أن طقس الزواج المقدّس يجري بين الملك العراقي القديم وكاهنة تمارس دور الإلهة الأم في المعبد ، فهل كان يوسف ملكا مقدّساً أم “موظفاً” في أعمال فوطيفار ؟!
ولو استجاب يوسف لزليخة وناكها ، فهل ستكون هذه المواقعة الجنسية شكلاً من أشكال طقس الزواج المقدّس ؟