26 نوفمبر، 2024 12:25 م
Search
Close this search box.

ليلة القدر ” الليلة الكونية التي تختزن مشاريع السلام”

ليلة القدر ” الليلة الكونية التي تختزن مشاريع السلام”

” أنا أنزلناه في ليلة مباركة أنا كنا منذرين -3- فيها يفرق كل أمر حكيم -4- أمرا من عندنا أنا كنا مرسلين -5- سورة الدخان –
” أنا أنزلناه في ليلة القدر -1- وما أدراك ماليلة القدر 2- ليلة القدر خير من ألف شهر 3- تنزل الملائكة والروح فيها بأذن ربهم من كل أمر 4- سلام هي حتى مطلع الفجر -5- سورة القدر –

بعد أن دب الصراع بين البشر ودارت الحروب وسالت الدماء لآسباب كثيرة كانت النفس ألآمارة بالسوء ورائها والتي أتخذ منها الشيطان محطة وخندقا لتأجيج المشاعر ” يا أيها الذين أمنوا أدخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان أنه لكم عدو مبين ” – 208- البقرة – وأذا كان البعض يميل الى تبرير الصراعات والحروب البشرية بالعامل ألآقتصادي فهو صحيح من جانب وليس صحيحا من جوانب أخرى , قال تعالى ” الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم ” – 268- البقرة – وأذا كان العامل الجنسي يعلب دورا وهو كذلك صحيح , ولذلك كانت فلسفة ألآسلام أنتزاعية في منهجها , أي أنها ليست أحادية النظرة للآمور , وأنما هي تأخذ بكل مايزخر به الواقع البشري الذي يكون ” المال والجنس ” كل منهما يؤثر في الحياة الخاصة بألآفراد والجماعات ” زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة وألآنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب ” -14- أل عمران – وقال ألآمام الصادق “ع” : لولا الخبز لما صلينا ولا صمنا ولا أدينا الواجبات ” مثلما أن منهجنا الفلسفي ألآنتزاعي لايرفض التجربة , ولا المادة , أو المثالية أو الحسية , ولكنه لايجعل كل واحدة منهم قائمة بنفسها في تفسير المعرفة البشرية في سبيل التوصل الى نتائج عقلية حاسمة .

ولذلك لم تستطع تلك المناهج الوضعية أن تتعامل مع مفهوم ” ليلة القدر ” كحدث كوني كونه يرتبط بميتافيزيقية ” ماوراء الغيب ” لم يحسبوا لها حسابا , واليوم وبعد ماغادرنا تفسير المعرفة البشرية بنظرية التوالد الموضوعي التي نادى بها أرسطو وأصبحنا ننعم بفتح معرفي جديد نادى به الشهيد محمد باقر الصدر عبر نظرية التوالد الذاتي ” في تفسير المعرفة البشرية والتي مزج فيها بين نظرية ألآحتمال وقواعدها الست وبين نظرية العلم ألآجمالي وخلص الى الطفرات ألآستقرائية ليستدل على أثبات الصانع وهو ” الله ” بحيث لم نعد بحاجة ضمن هذه النظرية الى ” العلة والمعلول ” ولا ” السبب والمسبب ” كما كان سائدا في المطارحات الفلسفية والتي أستعان بها السيد محمد باقر الصدر في كتاب فلسفتنا .

أن بحوث ألآستنساخ وما جلبته من نتائج علمية في علم الخلية و” DNA”   وبحوث الفضاء وما كشفته من معلومات عن الشمس  والقمرالذي عرفنا أن درجة حرارته في النهار ”  مئوية 137- وفي الليل ” 137- تحت الصفر مما يجعل على البشر أستحالة العيش فوق القمر دون ألآلبسة الواقية , وأن المتكلمين فوق القمر لايسمع أحدهما ألآخر نتيجة عدم وجود غلاف جوي ,  والمريخ والزهرة والمشتري , والكويكبات السيارة وعددها عشرة ألآف , والمجرات , والثقوب السوداء , وبعد ظهور فيزياء الكم , والنظرية النسبية وأكتشاف بعض ثغراتها , ونظرية السفر في الزمان التي ميزت بين النجوم الزرقاء وهي الفتية والنجوم الحمراء وهي كهلة والنجوم البيضاء وهي التي دخلت في مرحلة الشيخوخة ” فلا أقسم – 75- وأنه لقسم لو تعلمون عظيم -76- الواقعة –  بمواقع النجوم وأنه ل, وكل ذلك يقترب من معاني نظرية ” الذر ” في القرأن الكريم ” وأذ أخذ ربك من بني أدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين “

وليلة القدر هي الليلة المباركة , والبركة تعني الخير والنعمة والرفاه وهي حاجات بشرية يسعى اليها الناس وتتسابق اليها الدول والشعوب وليلة القدر هي ليلة السلام , والسلام هو ألآمن وألآمان , وألآمن وألآمان مشاريع تسعى اليها الدول والشعوب حتى أصبحت حلما لما أصاب المجتمع البشري من شرور الحروب التي يغص بها عالمنا اليوم ولا سيما في منطقتنا ألآسلامية والعربية والعراق منها , وحرب ألآرهاب التكفيري هي أوسخ وأشنع الحروب التي ليس فيها معنى ولا لها من حجة سوى الرغبة في أراقة الدماء ونشر الخراب والدمار وهي أختصار لكل أنواع ألآعتداء التي شهدها تاريخ البشرية ولذلك سمى رسول الله “ص” من يقوم بها ويمارسها بأنهم ” كلاب جهنم ” وهؤلاء التكفيريون ألآرهابيون هم الذين كتب بعضهم ممن يدعي أنتسابه لداعش بأنهم سيهدمون ” الكعبة ” لآنها حجر لايجب أن يعبد , والعبادة فقط لله , وهذا ألآنحراف الفكري الخطير هو بذرة الشر التي كانت وراء كل الجرائم التي ظهرت في تاريخ البشرية وكان الكفر والشرك في مقدمة ذلك ألآنحراف , لآن الكفر في بعض معانيه لايتوقف فقط على أنكار واجب الوجود وهو الله , ولكن في أظهار العناد لقوة المطلق ورفض الحق ومايتعلق به من مواثيق وعهود وممارسة النفاق كأسلوب للتهرب من حقائق العلم وألآستقامة قال تعالى ” وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو أدفعوا قالوا لو نعلم قتالا لآتبعناكم  هم للكفر يومئذ أقرب منهم للآيمان يقولون بأفواههم ماليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون ” – 167- أل عمران – وهذا المشهد غير السوي المبني على المراوغة وقول غير الحق وعدم الصدق هو الذي عليه كثير من الدول والحكومات وألآحزاب لاسيما تجاه ألآرهاب التكفيري الذي بدأ ينمو ويتمدد بسبب المواقف النفاقية والمراوغة لكل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وأدواتهما في المنطقة ” تركيا , والسعودية , وقطر , وأسرائيل , وبعض دول الخليج ” وهؤلاء جميعا هم الذين يسعون ضد مشروع السلام في ليلة القدر , فهذه أسرائيل تضرب غزة بالقنابل من البر والبحر والجو في شهر رمضان المبارك وفي ليالي القدر وطائرات أسرائيل تتزود بالقود من تركيا مما جعل أحد النواب ألآتراك يقيم دعوى قضائية ضد وزير الطاقة التركي , ثم أن نفط أقليم كردستان العراق يمر عبر تركيا الى أسرائيل , وأذا أضفنا الى ذلك ماصرح به وزير داخلية تركيا أخيرا من أنهم في حزب العدالة والحرية الحاكم في تركيا قد حققوا كل الذي حققوه بدون تفاخر بينما يدعي هذا الوزير أن رسول الله “ص” عندما فتح مكة أظهر تفاخرا , وأنهم أي حزب العدالة والحرية في تركيا سيقومون بفتح مكة وأدخال ملايين الناس في ألآسلام ولكن على الطريقة ألآوردغانية المليئة بالمراوغة والنفاق مما يجعلها بسبب أعمالها في سورية والعراق وما صرح به وزير داخليتهم يجعلهم أقرب للكفر من ألآيمان على الطريقة القرأنية في التحليل , والتي جعلت ليلة القدر مشروعا للسلام وأختبارا لمن يعمل حقا للسلام ممن هم يدعون ظاهرا للسلام ويعملون في الخفاء على تأجيج الصراعات والحروب وأدامة النزاعات حتى لايستقر للشعوب قرار , وما مشروع ” الطوق النظيف ” الذي وضعه دتشيني نائب الرئيس ألآمريكي بوش السابق ونتنياهو عام 1998 لتدمير العراق وسورية ومصر ألآ نموذجا لتلك المشاريع التي تعادي السلام ألآرضي مثلما تعادي السلام الكوني ومن معانيه ليلة القدر التي يقوم السلام فيها على بناء روحي وفهم عقلي متنور يؤمن بالمطلق ويرفض التجزيئ في الحقائق ليلتقي مع أنجازات عصر الفضاء وعلوم ألآستنساخ وفيزياء الكم التي تعمل على تغيير الحياة بالعلم بعد أن أصبح مفهوم الروح في الدراسات النفسية وعلوم ألآجتماع والبيولوجيا تحتل دورا بالغا في النضج الذي يقوم على تغيير الحياة بالعلم ليلتقي بمفاهيم القرأن لاسيما في مفهوم ليلة القدر ومعانيها ,  على عكس مرحلة دارون ونظرية تطور ألآجناس التي حملت جهلا معيبا للجهد العلمي في ذلك الوقت , أننا رغم كل الخيبات التي يعاني منها المجتمع البشري اليوم بسبب الحروب وما يقف ورائها من مشاريع الفوضى الخلاقة , ومشروع الشرق ألآوسط الجديد , وأخرها مشروع مايسمى بالربيع العربي الذي أصبح خريفا يسقط الخضرة ويقتل النماء وشتاءا ليس فيه غير الرعود والصواعق المحرقة والسيول الجارفة للشجر والحجر والبشر .

ليلة القدر هي ليلة كونية لنزول الملائكة من سماواتها ومن السماء الدنيا الى عالم ألآرض في حشد من ألآبتهال والفرح والتسبيح وألآستغفار لنقاء النفوس وأبعاد الشرور والوساوس لآن الشياطين في هذه الليلة تكون مغلولة أيديهم معطلة حركتهم وهو أنجاز لصالح ألآنسان لاتساويه كل وعود ألآمم المتحدة ومجلس حقوق ألآنسان ومنظمات مايسمى بالسلم والتحرر , أذ لاتحرر مع قيود فرض القوة والفيتو , ولا سلم حقيقي مع وجود النفس ألآمارة بالسوء ومثالها اليوم نفوس التكفيريين ألآرهابيين وأسيادهم من مخططي المحور التوراتي , مثلما لايمكن تحقق السلم والحرية والعدالة مع وجود الكيل بمكيالين بين الظالم والمظلوم , وبين المقاوم والمتخاذل , وبين الممانع الراسخ والثابت على مواقف الحق , وبين  الخانع الذليل المتراجع المتعثر بتبريراته الساقطة في منطق الحق والقيم الذي جاء به الدين ورسالته  الذي صرح بها القرأن دستور السماء المنزل الى ألآرض على رسول ألآنسانية الخاتم محمد بن عبد الله “ص” في ليلة القدر لبيان قدر السماء لآهل ألآرض , وبيان قدر الروح وهو جبرئيل بين الملائكة , وبيان قدر رسول الله بين ألآنبياء , وبيان قدر ألآصطفاء والذرية والعصمة وألآمامة والشفاعة والتقية والبداء وهي ثقافات قرأنية تختصر الحكمة والعلم وتكشف هوية الراسخين في العلم وأهل الذكر وأولي ألآمر في نهائية لاترتفع الى مستواها كل نهائيات ألآشياء ألآرضية التي تبدو كبيرة للوهلة ألآولى ولكن عند معرفتها وأنكشاف حقيقتها تبدو صغيرة متضائلة وهذه هي حقيقة الدنيا ومتعلقاتها ومن هنا قال النابغة الشاعر :-

لقد أعطاك ربك سورة .. ترى كل ملك دونها يتذبذب ؟

وفي ليلة القدر تقدر ألآقوات وألآرزاق وألآعمار وألآجال , وهو أمر لاتقدر عليه وزارات التخطيط ولا صناديق التنمية , ولا مراكز ألآبحاث الفضائية بأقسامها الفلكية والبايولوجية وهندسة المركبات الفضائية وخبراء الدفع النفاث والتصوير الفضائي .

وليلة القدر هي ليلة العبادة التي تتحول فيها السياحة الروحية الى رحلة كسب مغانم غير متصورة منها الحصول على مكاسب ألف شهر من الرضا الرباني عندما يقبل العمل , وهذا يعادل عمرا لايصله كل الناس وهو مايزيد على ” 83 ” سنة , ومن يعمرها بدون رصيد ألآيمان ينطبق عليه قول الشاعر :-

ولقد سأمت تكاليف الحياة ومن يعش .. ثمانين  عاما لاأبا لك يسأم ؟

وهي نفس النتيجة التي يقول بها علم النفس الوضعي حيث يعتبر أن متاعب الحياة تؤدي الى لهيب العمل ولهيب ألآجهاد وهذا يؤدي الى ألآحباط والكأبة لآنه لايؤمن بالبعد ألآيماني في حياة الناس كما تحدثت عنه ليلة القدر في كيفية صناعة المائدة الروحية المستحضرة بالفطرة والمدفوعة بالعلم والمقادة بالعقل الذي يضع ألآشياء في محلها كما يقول ألآمام علي “ع” .

أن النتيجة التي تخلص اليها فعاليات ليلة القدر هي تنعكس على التنمية البشرية بمزيد من الحيوية وألآنتاج والمواظبة وألآستمرار مع التركيز على ألآنتباه والحيطة من الوقوع في حبائل الشيطان ” أن الشيطان عدو لكم فأتخذوه عدوا ” وتلك هي أستراتيجية المواجهة التي تكتب للآنسان الغلبة والفوز وألآنتصار عبر مشروع السلام مع النفس والعقل والروح ليتحقق السلام مع الناس جميعا , حتى لاتبقى مظاهر ألآغتصاب الجمعي والفردي الذي يمارس اليوم من الهند الى مصر وأخرها أغتصاب سائحة في شرم الشيخ , وحتى لايبقى لسان فرانسيسكو أتباعها من المثليين الذين يهنئوهم الرئيس ألآمريكي أوباما على زواجهم ” لواطتهم ” وحتى لاتبقى لاس فيجازس مركزا للقمار والميسر العالمي الذي يجتذب المفلسين من مناخات ليلة القدر ومشروعها لاسيما من أهل الخليج وعربانها الذين لم يعرفوا سوى سباق الهجن وأستعار روح الكراهية والعداء لمن يتابع مدرسة الراسخين في العلم وأهل الذكر وأولي ألآمر التي تنزلت بها علوم وحكمة وسلام ليلة القدر .

 

أحدث المقالات