آلة ضخمة لكنها معطلة, هذا ما يمكن أن نصف به التحالف الوطني الذي يمثل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي, بمعنى آخر أنه الركن الأهم في العملية السياسية فكيف وصل وضع التحالف ألى ما هو عليه الآن؟ ومن الذي أفرغ التحالف الوطني من محتواه؟ وحوله لمجرد فزاعة يعتلى رأسها طيور الحقل؟
المعطيات على أرض الواقع تروي تفاصيل تدهور حالة التحالف الوطني, فبعض أطراف التحالف أو البيت الشيعي كما يطلق عليه, هي من دأبت على تهديم أركانه فدود الخل منه وفيه كما يقال.
منذ أن بدأ الصراع على السلطة بين الكتل السياسية داخل اروقة التحالف الوطني نفسه, أدركت الكتل التي أحتلت الواجهة السياسية في الأعوام الماضية أن التحالف يقف حجر عثرة في طريقها, ولع وطمع, وصفقات وتخطيط للانفراد بالسلطة وبالفعل بدأ شبح الحاكم الأوحد يتسلل ألى أروقة التحالف, فمشهد ما قبل 2003 عاد الى الواجهة مرة أخرى.
أذرع اخطبوط الدكتاتورية بدأت تلتف شيئا فشئيا, حول عنق التحالف الوطني, مهددة بكسره, بعد أن كانت في بداية الأمر تحاول أخماد صوته فقط.
التغيير الذي طرأ على العملية السياسية, في عام 2014 أفرز نتائج كثيرة منها أعادة الأمل بإمكانية أعادة الحياة للبيت الشيعي, وترميم بعض أركانه التي أفسدها الساسة والسياسة, ألا أن مشكلة أخرى أنبثقت بمجرد أن بدأت أصوات الأصلاح تتصاعد, الا وهي أن بعض أركان الفشل في الحكومة السابقة تحاول أن تحكم قبضتها على التحالف, ولكن ليس لإخماد صوته هذه المرة, بل للأستيلاء على مقاليده وأستخدامه لخدمة مصالحها الشخصية.
تلك نتيجة طبيعية ومتوقعة , فبعد أن أدرك بعض الأبناء العقوق للبيت الشيعي صعوبة القضاء عليه, فكروا عوضا عن ذلك بالهيمنة علينه, على أن تبقى نظرية الحزب الواحد والحاكم الأوحد تتصدر المشهد.
البيت الشيعي يبحث عن من يرمم بنيانه ويعلي صرحه, لا يبحث عن من يعتلي أكتافه ويمتطيه, يبحث عمن يبعد عنه شبح الموت, لا من يخمد أنفاسه, والكتل السياسية المنضوية تحت البيت الشيعي تدرك جيداً معنى كلمة مؤسس مصلح, ترى هل ستنقذ تلك الكتل التحالف الوطني, وتبعد عنه شبح الحزب الواحد؟, أم سنتفاجأ عما قريب بالإعلان عن أغتيال التحالف الوطني؟