جريا على عادة وصولية متأصلة لديه في انتهاز الفرص لكي يدلي بدلوه الآسن عند كل منعطف في الحياة السياسية في العراق أو تطور بارز يخص علاقات العراق مع جيرانه، طالعنا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر بتصريح غريب عجيب حاول من خلاله، وعلى نحو مثير للغثيان، أن يقلل من الآثار السلبية والأضرار التي لحقت بالعشرات من العائلات العراقية التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها وقد ألقي بها خارج بيوتها جراء تدخل الأمم المتحدة، لا بل تدخله هو شخصيا، لتطبيق الإجراءات الغير العادلة لترسيم الحدود بين العراق والكويت.
فلقد صرح كوبلر عقب إعلانه مؤخرا عن الانتهاء من دراسة ملف تعويض سكان منطقة أم قصر أنه “من الصعب على تلك العائلات مغادرة بيوتها التي كانت تعيش فيها، إلا أنها ضحت من أجل العراق وسهلت عليه الخروج من الفصل السابع”. هكذا، وبصفاقة قل نظيرها، نصّب كوبلر نفسه ناطقا باسم آلاف العراقيين الذين لم يفوضوه أن يتحدث باسمهم وأعطى، على غرار ما فعلته بريطانيا بربيبتها الصهيونية، ما لا يملك، أي بيوت وممتلكات مواطنين عراقيين وأراضيهم، لمن لا يستحق أي الكويت. لا ندري بأي وجه حق يبرر كوبلر لنفسه أن يفتري هذه الفرية على آلاف العراقيين مصادرا حقهم في التعبير عن رأيهم بأنفسهم أو تفويض من يتحدث باسمهم، بدلا من أن يتنطع لكي يدس في أفواههم ما لم يقولوه أو ينطقوا به.
وإلى جانب خطيئة الكذب والتدليس على آلاف العراقيين، وتقويلهم ما لم يقولوه، فقد انطوى تصريح كوبلر هذا، والذي سعى إلى أن يضلل الناس عبر الإيحاء بأن أصحاب تلك البيوت والأراضي قد تخلوا عنها طوع الخاطر، انطوى على محاولة فجة لاستغفال كل ذي عقل راجح حيث إنه قفز فوق حقائق تداعيات تطبيق قرار ترسيم الحدود والتي شملت تظاهرات على الحدود نظمها أهالي منطقة أم قصر احتجاجا على القرار الجائر، والتي أسفرت عن سقوط جريح بطلقات نارية. كيف يمكن لكل ذي عقل سليم أن يصدق ما ورد على لسان كوبلر إذا ما كان أصحاب البيوت والأراضي قد نظموا مظاهرات احتجاجية طال أمدها أياما؟ كيف يكون أصحاب البيوت قد ارتضوا أن “يضحوا”، على حد زعم كوبلر، ببيوتهم وأراضيهم وممتلكاتهم وهم يتظاهرون احتجاجا على سلبهم إياها بسبب تآمر كوبلر عليهم وعلى حقوقهم؟
لا شيء سوى طوية الكذب التي جُبِل عليها كوبلر وتبنيه لسياسة الافتئات على العراق والعراقيين والنيل منهم ومن حقوقهم يفسر تصريحه العجائبي هذا. وهذا السلوك الشائن لبعثة الأمم المتحدة ما زال هو السائد منذ أن هيمنت على مقاليد الأمور فيها قبل سنوات شلة الدجالين والأفاكين من المستشارين السياسيين الذين يرأسهم الفلسطيني ذو العلاقات المشبوهة مروان علي الكفارنة، مدير المكتب السياسي في البعثة، والذي مثله كمثل شارب البئر الذي يرمي فيه حجرا، حيث إنه كان قد تابع تحصيله العلمي في جامعة الموصل بمنحة دراسية من المنح التي كان نظام البعث البائد يخصصها للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كان مروان علي عضوا فيها.
ومن باب أنه إذا عُرِف السبب بَطُل العجب فإننا لا نستغرب أن يكذب كوبلر ملصقا بعراقيين تعرضوا للظلم والضيم جراء سياسات النظام السابق ما ليس فيهم أو يصدر عنهم، ذلك أنه يعمل بوحي ونصيحة من أشخاص ارتبطوا بالنظام السابق فهالهم التغيير الذي أطاح بهذا النظام الظالم فعملوا على استغلال مواقعهم في المنظمة الدولية لكي ينفثوا من خلالها سموم حقدهم وإفكهم على العراق والعراقيين دون أن يهتز رمش أو جفن من عيونهم الحاقدة على العراق.
وقد ورد في الحديث الشريف المروي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: “إذا لم تستحِ فافعل ما شئت”. لقد فقد كوبلر بتصريحه هذا، كما فقد مستشاروه الحاقدون من قبله، شيمة الحياء ولذا فإننا لا نستغرب ممن يفقد شيمة الحياء، والذي هو زينة النفس البشرية، أن يرتكب أي موبقة مهما كانت شائنة.