الى الشموع التي ذابت في كبرياء لتنير كل خطوة في درب العراق .. الى كل حاكم اتصف بالطهارة والعفة والنزاهة وحافظ على الامانة ولم تتطاول يديه على المال العام ..الى كل حاكم عادل قرأ التاريخ بنظرة فاحصة واتخذه طريقا للحفاظ على ارض العراق .. اكتب هذا المقال
عسى ان يقرؤه من تسلم المسؤولية فيكون درسا له في نشر العدل والمساواة بين المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية والقومية .. فالكتابة عن الملوك و الرؤساء والشخصيات السياسية والاجتماعية مسألة جد خطيرة بل ومثيرة للجدل والخلاف في عالم اليوم قد تصل بالمتصدي لها بان يدفع ثمنا يصل الى حدود شخصيته وقد تكون الكتابة حكايات صحيحة او غير صحيحة لكنها في كل الاحوال حكايات تم نقلها من اناس عاشوا تلك الفترة وقد تكون هذه الحكايات معرضة للكذب والتلفيق في ضوء التراكمات التي يحملها الراوي سواء كانت هذه التراكمات سلبية او ايجابية عن الشخص المنوي الكتابة عنه وتبقى هذه الحكايات في كل الاحوال حكايات بعيدة عن التحيز لفئة دون اخرى .. حكايات طريفة للتعرف على المشاعر الشخصية لشخصيات كان لها الاثر الكبير في التأثير على الجماهير خاصة وان المواطن بات اكثر حاجة لعودة الوعي لسلوك مسلك اكثر نقاوة مما ينتهجه البعض من الساسة الذين يحملون لواء طائفة محددة على حساب طائفة اخرى كذبا ورياءا من خلال وقوفهم امام القنوات الفضائية لنشر الظلالة بين المواطنين خاصة مع قرب اجراء الانتخابات النيابية التي ستكون هي الحسم في تحديد مستقبل العراق خاصة بعد ازاحة كابوس داعش والشروع باعمار المدن المدمرة .. فيا اخوتي في الانسانية اتخذوا من سبقكم من الحكام انموذجا في تصرفاتكم وخير مانعرج عليه السياسة لرشيدة التي كان يمارسها رئيس الوزراء في عهد النظام الملكي نوري سعيد في معالجة مشاكل الشعب فقد كان السعيد مدرسة سياسية قائمة بذاتها افرزت شخصيات تدور في فلك المبادىء والآراء التي آمن بها وقد أحاطت بشخصيته هالة لا تقتحم تتميز بالرهبة يخشاها الجميع عراقيون وعرب وهذا ليس مدحا بنوري سعيد بل استذكارا لشخصيته ويقال ان الباشا السعيد كان يتحلى بالحكمة في معالجة القضايا التي تتطلب مواقف سريعة ففي عام 1957 تم رفع الجسر العائم الذي يربط الاعظمية بالكاظمية وتم بناء جسر جديد بدلا عنه وبعد الانتهاء من بناء الجسر اراد اهالي الاعظمية تسميته باسم ” ابو حنيفة النعمان ” فيما اراد اهالي الكاظمية تسميته باسم ” الامام الكاظم ” وصل الامر الى اسماع رئيس الوزراء نوري سعيد فقالوا له ” كيف الحل ياباشا ” .. سكت قليلا ثم قال ” بسيطة نسميه جسر الائمة او تنحل المشكلة ” وكان اقتراح الباشا مرضي للجميع واصبح الجسر بهذا الاسم رغم ان هذه الحادثة مؤسفة لانها تمثل صراع على ابسط الاشياء الا ان ذكاء وحنكة نوري سعيد تبين دور القائد السياسي في حل مثل هكذا امور.. إن دراسة نوري السعيد في قيادة السياسة في العراق لحقبة تقارب أربعة عقود من الزمن وكذلك سلوكياته وأفكاره مسألة أساسية لفهم تأسيس دولة دستورية ناشئة إذ كان نوري السعيد رجلا ذكيا يتمتع بكاريزما هائلة أي جاذبية فعالة وهو سياسي مستبد ومحنكّ وعنيف مع أعدائه يتمتع بذكاء متميز في المناورات والمؤامرات السياسية غالبها في الخفاء كما له القدرة الفعالة التي أرهبت الكثير من الساسة العراقيين .. اذن كلما كانت الحياة بسيطة صارت اقرب الى طبيعة الانسان وفطرته وكلما كانت صعبة ومعقدة كان ذلك ادعى لاضطراب الحياة واختلالها .. فالرئيس في العمل يجب ان يكون سهلا بسيطا في التعامل مع موظفيه تلك البساطة التي تستميلهم اليه فتجعلهم يحبونه ويحبون العمل بل يتفانون في العمل معه بعيدا عن تزمت المسؤولية وغطرستها واظهار الفوقية والغلو على العاملين .. والاب في بيته اذا كان بسيطا سهل الجانب طيب المعشر مع اولاده وعائلته فيجلس معهم ويؤانسهم ويضاحكهم ويبعث السرور في نفوسهم فأن البيت يتحول الى عش محبة وألفة ..اما الاب الصلف المتزمت فأنه مهما بذل فلن يجعل من بيته مكانا للالفة والمحبة والرحمة .. بل سوف يتحول البيت ربما الى معتقل او معسكر فيه من الصرامة والشدة اكثر مما فيه من السكينة والرحمة والاحساس بالامن .. وما ينطبق على رب البيت ينطبق على الملك والامير والرئيس والمسؤول السياسي والحكومي وعلاقته بالمواطنين او ما يطلق عليهم الرعية .. لكن ومع الاسف في زمننا هذا تغيرت العلاقة واصبحت علاقة باهته فهناك البعض من المسؤولين من يرى الصلف والغطرسة والكبرياء من اكتمال الشخصية وجذب الاحترام والمهابة وان اللين والسماحة والبشاشة شكل من اشكال الضعف .. وهذا خطأ وقلة وعي فمعظم الاقوياء واصحاب الصلابة انما يستمدون قوتهم وصلابتهم من سماحتهم ولينهم .. والضعفاء وحدهم هم من يتخذون من القسوة والغطرسة والكبرياء طرقا الى القوة والمهابة .. لذا تراهم سريعي الانفعال متوتري الاعصاب كثيري التذمر من العمل والعاملين مع التعالي عليهم والتعامي عن كرامتهم وهذا مايجعل جو العمل معركة صامتة بين مخوف وخائف ويظل الاداء والانجاز محكومين بهذه العلاقة المتنافرة والمستفزة .
فيا ايها الملوك والامراء والرؤساء والمسؤولين كونوا بسطاء سمحين في اعمالكم .. فليس الصلف ولا القسوة ولا التعالي على المواطنين من دلائل النجاح وعلو الهمة .. فاعظم الناس وانجح الناس هم اكثرهم بساطة وليونة ورحمة .. وليكن قدوتكم من سبقكم من الملوك والامراء والرؤساء