قال رسول الله الحبيب المصطفى محمد (ص): “أنا وكافل اليتيم في الجنة”. ونحن في رحاب شهر رمضان المبارك، وأثناء تصفحي لشاشات التلفاز عند الإفطار، أهالتني مشاهدة البرامج الخاصة بالعوائل الفقيرة والأيتام. في الوقت الذي نعرب فيه عن شكرنا وامتناننا الجزيل لهذه المواقف المشرفة، إلا أننا نستطيع القول بأن تلك الجهود لا تصل إلى المستوى المطلوب، نظراً لسعة حجم المسؤولية، وذلك بتزايد أعداد الأيتام والأرامل في بلداً شرعت أبوابه للقتل الجماعي، دون حرمة لمكان أو زمان، ذلك من جهة، ومن جهة أخرى، من غير ألائق إظهار عوائنا بهذه الطريقة على وسائل الإعلام المختلفة، استناداً لقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)، بمعنى لا يصح أن يطلع العالم بأسره على مستوى الوهن الذي تعانيه شريحة كبيرة منا، خصوصاً في خضم حكومة منتخبة، ووسط موازنات انفجارية، مما يعود ذلك بالسلب على هيبتنا بصورة عامة في الأوساط الدولية، لذا يجب التدخل بصورة مباشر من قبل الدولة لتعمل جاهدة من أجل طي هذه الصفحة المؤلمة، ومن باب النصيحة بثوب العتاب لغرض المحافظة على مكتسباتنا التي دفعنا ثمناً غالياً من أجلها، كون هذه الحالة احد الظواهر الشائعة لدينا اليوم للأسف الشديد، التي من شأنها أن تخلخل تماسك الشعب بحكومته، بدليل قول النبي(ص):” جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها”. وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع):” الإحسان يسترق الإنسان – بالإحسان تملك القلوب احتج إلى من شئت تكن أسيره واستغنى عمن شئت تكن نظيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره”، هذا الكلام الجميل والرائع يعطينا دروساً بليغة، وعلى القائمين على شؤون البلاد أن يعتبروا منه، وإذا ما أخذت الجهات المعنية هذه القضايا المهمة والخطيرة بنظر الاعتبار فالنتائج معروفة سلفاً، وباعتقادي لو سار رأس هرم السلطة اليوم على نهج أهل بيت النبوة، وكيف أنهم كانوا يتعاملون مع اليتامى والأرامل وبالتالي المستضعفين بصورة عامة لوصلنا إلى ما نصبو إليه، واليكم قصة الإمام علي(عليه السلام) واليتيم: ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ (ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ) ﻳﻤﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﺮﺃﻯ ﻏﻼﻣﺎً ﻳﺒﻜﻲ فأقترب ﻣﻨﻪ ﻭﺿﻤّﻪ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻩ ﻭﻣﺴﺢ ﺩﻣﻮﻋﻪ ﻭﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺑﻜﺎﺋﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻐﻼﻡ ؟ﺟﺌﺖ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ ﻷﻟﻌﺐ ﻣﻊ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻃﺮﺩﻭﻧﻲ ﻷﻧّﻨﻲ ﻳﺘﻴﻢ ﺍﻷﺏ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻲ : ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻠﻌﺐ ﻣﻊ ﻣَﻦْ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺃﺏ . ﻓﺘﺄﺛﺮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ (ﻉ) ﻭﺃﻏﺮﻭﺭﻗﺖ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﺑﺎﻟﺪﻣﻮﻉ ﻭﺿﻢ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻩ ﻭﺃﻋﻄﺎﻩ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻭﻗﺎﻝ : أذهب وألعب ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﻓﺈﻥْ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻚ : ﺃﻧّﻚ ﻟﻴﺲ ﻟﻚ ﺃﺏ ، ﻓﻘﻞ ﻟﻬﻢ ” ﺃﻥ ﺃﺑﻲ ﻫﻮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ” فسلاماً عليك يا أبا الأرامل والأيتام.