9 أبريل، 2024 7:36 ص
Search
Close this search box.

ليس كل ما مضى من التشريعات … مات – ٢

Facebook
Twitter
LinkedIn
إن تدني مستوى التشريع بعد الإحتلال الأمريكي البغيض ، وهزال الواقع الإداري وإرتباكه وفوضويته ( الخلاقة ) ، وضعف كفاءة وخبرة القائمين عليه ، ومساهمتهم الفاعلة والمباشرة في ازدهار النكسة الإدارية والقانونية ، هو السبب الرئيس في بروز كل مظاهر الفساد الإداري والمالي وتداعيات كوارثهما المفجعة ، وهو الذي دفعنا إلى توثيق ما يتعلق بتنفيذ التشريعات الخاصة بشؤون الخدمة المدنية والوظيفة العامة ، بالإستناد إلى أسس ومعايير حماية المال العام وضمان حق المواطن ، دون الإخلال بموجبات الموازنة بين الحقوق والواجبات ، وبدون الإعتماد على أسس التوجهات السياسية الحالقة لكل شيء ، بدوافع الحقد والإنتقام الأعمى عرقيا وطائفيا ومذهبيا من الناحية السياسية أو الإجتماعية .
وبالإضافة إلى ما إستشهدنا به من تشريعات نافذة المفعول في القسم الأول من مقالتنا هذه ، إستنادا إلى أحكام المادة (130) من الدستور الصادر سنة 2005 ، والتي  يتوجب الأخذ بها لرصانتها ودقتها ، في معالجة العديد من حالات الخلل المتمثلة بالفشل والفساد الإداري والمالي والتربوي أو إجتثاث أصولها ، وإن تطلبت المستجدات تعديلها على وفق مقتضيات الحاجة الضروية بدلا من تركها وعدم العمل بها ، لأسباب سياسية لا علاقة لها بموجبات التطبيق المهني ، نزيد من تدوين بعضها بالآتي :-

أ- نص القرار المرقم (255) في 18/2/1980 ، على ما يأتي :- (1)

1- تسترد مضاعفة ، من منتسبي الدولة والقطاع الإشتراكي ، المخصصات المستوفاة من قبلهم بدون وجه حق ، أو خلافا للقوانين والأنظمة والتعليمات المرعية ، مع علمهم بذلك .

2- يلزم الموظف المسؤول عن التثبت من إستحقاق المخصصات المصروفة ، بدفع (50%) من المبلغ المدفوع بدون وجه حق ، أو خلافا للقوانين والأنظمة والتعليمات المرعية .

ب- نص القرار المرقم (170) في 14/2/1988 ، على ما يأتي :- (2)

أولا- إذا فشل الوزير بتحقيق ما هو مكلف به ضمن وزارته ، يحال على التقاعد براتب يقل درجة واحدة عن الراتب الذي يستحقه أقرانه من الموظفين حسب قانون الخدمة المدنية ، أو يعاد تعيينه موظفا براتب يقل درجة واحدة عن إستحقاق أقرانه الموظفين بموجب قانون الخدمة لمدنية ، وبوظيفة لا تزيد درجتها على وظيفة مدير عام

ثانيا :- يسري ما ورد بالفقرة أولا من هذا القرار ، على الذين هم بدرجة وزير في حالة فشلهم في تحقيق المهام المناطة بهم

ثالثا :- لرئيس الجمهورية تقدير ما إذا كان الوزير أو من هو بدرجة وزير ، ناجحا أو فاشلا في تحقيق ما هو مكلف به بموجب الفقرتين أولا و ثانيا من هذا القرار ، وتقدير الإحالة على التقاعد أو التعيين بالوظيفة ، وفق الكيفية الموضحة بالفقرة أولا من هذا القرار .

ج- نص القرار المرقم (169) في 9/11/1997 ، على ما يأتي : (3)

أولا- يمنع إطلاق العيارات النارية في غير الحالات المسموح بها قانونا .

ثانيا- يخول وزير الداخلية والمحافظون حجز المخالف لأحكام البند (أولا) من هذا القرار ، مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ستة أشهر ، وتغريمه مبلغا لا يقل عن 50000 خمسين ألف دينار ولا يزيد على (1000,000) مليون دينار ، ومصادرة السلاح الشخصي والعتاد المضبوط لديه ، وتنقل ملكيته إلى وزارة الدفاع إن كان سلاحا حربيا ، وإلى مديرية الشرطة العامة إن كان سلاحا ناريا .

ثالثا- إذا كان السلاح المضبوط لدى المخالف لأحكام البند (أولا) من هذه القرار ، يعود لحزب البعث العربي الإشتراكي ، يرسل إلى مكتب أمانة سر القطر ، وإذا كان يعود لأي من الوزارات أو الجهات غير المرتبطة بوزارة ، يرسل إلى الوزارة أو الجهة المالكة له .

رابعا- يمنح من يلقي القبض على المخالف لأحكام البند أولا من هذا القرار ، مكافأة مقدارها نصف قيمة السلاح المضبوط لدى المخالف .

خامسا- لوزير الداخلية إصدار التعليمات اللازمة لتسهيل تنفيذ أحكام هذا القرار .

وعليه نرى إعادة صياغة مضمون القرار باتجاه التشديد المتناسب مع حجم الضرر العام والخاص ، الناشيء عن ممارسة لا تستند إلى أدنى درجات الحضارة الإنسانية والرقي الإجتماعي ، ولا تقرها مباديء وقيم السماوات قبل الأرض ، وبما يدعو إلى إعتبارها جناية لشروع الفاعل بالقتل مع سبق الإصرار والترصد ، لأن الإعتداء على الغير يوجب حرمان المعتدي من الحقوق المماثلة للمعتدى عليه  .

إن إعداد التشريعات القادمة ، أو إعادة النظر في التشريعات النافذة بالتعديل أو بالتبديل ، تتطلب وفي حدود نتائج التجربة الوظيفية العملية والفعلية ، وجوب تمييز الموظفين بين النافذ والملغى من التشريعات ، وخاصة تلك التي يشار إلى إلغائها بالدلالة ضمنا أو حكما ، إلا إن ضعف الإيضاح وعدم التدريب ، مع عدم إستقرار التشريعات وتعدد مصادر التفسير والتوجيه ، وعدم مراجعة مصادر التوثيق الرئيسة أو المساعدة ، للتأكد من ديمومة العمل بهذا القانون أو ذلك القرار الذي له قوة القانون ، أو العمل بالإجتهاد غير المؤسس على ما يستدل منه أو يستند إليه ، في حالات عدم وضوح الإلغاء الحكمي أو الضمني للتشريعات لدى الكثيرين ، من عيوب عدم الإلمام بتفاصيل التشريعات وآليات تنفيذ الإجراءات الإدارية لدى أغلب الموظفين ، وفي مقدمتهم رؤساء الدوائر والأقسام غير المهنيين ، ناهيك عن العيب الأكبر فيما يتصل برؤى المشرع السياسي ، وتداعيات إخفاقاته غير المقبولة في هذا المجال.

إن في تحديد سلبيات العمل ووضع المعالجات اللازمة والمناسبة على وفق قواعد علمية وعملية محددة وثابتة ، يمكن الركون إليها والإسترشاد بها والإعتماد عليها في بناء أسـس العمل الإداري وإجراءاته المستندة إلى التشريعات الواضحة والفاعلة ، المستوعبة لمتطلبات الحاجات المستجدة ، ضرورة واجبة ، بدلا من الفوضى والتخبط والإرتباك القانوني والإداري ، الذي إتسمت فيه صفحات التشريع والتنفيذ في ظل الإحتلال الأمريكي البغيض ، على الرغم من كل الإدعاءات المرفوعة بشعارات التغيير والإصلاح والشفافية والديمقراطية ، والإنتخابات المقيدة بسلاسل تكرار الإتيان بكل من هو ضعيف مهنيا ، لأن إهمال الإرث القانوني والإداري الرصين ، وكل إمكانيات ووسائل وسبل الإستنتاج والإستنباط الأصلح نصا في التشريع ، والأبسط في إجراءات التنفيذ ، لا يساعد من لا يمتلك بعض عشر أمثالها ، على إجراء أي تغيير إلا بالإتجاه المعاكس والهزيل . وما دمنا تحت مظلة الفساد الإداري والمالي الذي نعيش تفاصيله المؤلمة ، ولا نجد نهاية قريبة له أو لتداعياته السلبية الكثيرة والمتنوعة ، وتأثيراته على مجمل الإستحقاقات المادية لأداء الواجبات الرسمية ، بسبب عدم جدية أصحاب السلطة واتخاذ القرار في محاربته ووضع الحلول المناسبة لمعالجته ، جهلا أو تجاهلا لتفاصيل أسبابه ونتائجه ، أو لرتوعهم فيه وإرتوائهم من زبده ، ولأن أصوله تمتد وتستند إلى جملة التشريعات القانونية الخاطئة ، وما تبعها من إجراءات إدارية مخالفة لمبادئ وقواعد القوانين والأنظمة والتعليمات الرصينة ، التي بدأت تنخر جسد الوظيفة العامة وكيانات الدولة الرئيسة منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي وحتى الآن ، والمتجسدة في خرق وإنتهاك كل المبادئ والقيم والقواعد المعتمدة في جميع المجالات ، وللرفض المتعمد والمقصود لكل ما يمكن الإفادة منه أو الإسترشاد بدلالاته من أجل الإصلاح والتطوير الدائم ، مع عدم القدرة على معالجة الإختناقات الحادة في شؤون الخدمة المدنية وغيرها ، وحل معضلاتها ومعالجة وتذليل معوقاتها وإزالة عقباتها المستجدة ، بسبب سيطرة الطارئين والمتطفلين على إدارة شؤون الدولة وأجهزتها ومؤسساتها المختلفة ، الفاقدين لعناصر وأدوات ما يعينهم ويمكنهم من بناء دولة المؤسسات والقانون التي يدعون إليها ويتنادون لها من غير رصيد أو أساس وظيفي متين ، بدليل الإمعان في إستخدام وسائل وأساليب التلاعب بالألفاظ وخلط الأوراق الممزوجة بإبداع التميز في الكذب والإنتهازية المفرطة التي لا تحمد خصالها وعواقبها ، وغيرها من الممارسات الخاطئة التي أودت بحياة النزاهة والأمانة العلمية في التشريع ، وطوت صفحات الإبداع والإبتكار في أساليب التنفيذ ، شواهد وقائع لما آلت إليه الحال من فساد وإفساد متنوع ومدعوم ، بمناهج وتوجهات سياسية وأجندات أجنبية بعيدة عن المهنية الإدارية ، ودعوات منظمة علنية وأخرى خفية ، ساعية إلى هدم كل ركائز النهضة الإدارية الشاملة أو ما تبقى منها ، مما يتطلع إليها الجميع في مختلف الميادين .

ولعل في عرض بعض قرارات وأوامر مجلس الحكم والسلطتين المؤقتة والإنتقالية ، ما يؤكد إشتراك أعضائها الفعلي في رسم ملامح التوجهات السياسية الهادفة إلى تخريب العراق وخدمة المحتل الأجنبي ، والتي تعبر عن مكنونات الأفكار الهدامة للعراق وطنا وشعبا وتأريخا ذو حضارات ، المتجسدة في تنفيذ مناهج الأجندات الأجنبية العاملة على تقسيم العراق وتفتيت نسيجه وتقطيع أواصره وصلاته ، بمحاربة كل ما يمت بصلة إلى هويته العربية الأصيلة ، بالتعاطف والتآخي مع كل أعداء الأمة بكل الوسائل والسبل التي يسر الإحتلال منحها لهم ، والمخالفة لكل الشرائع والأحكام القانونية الضامنة لوحدة العراق وأهله ، وإن كانت متخبطة وفوضوية إلى حد السخرية والإستهجان ، لعدم إستنادها إلى أي أساس ومسوغ تشريعي معتمد وقابل للتنفيذ ، كما إن عدم نشر قرارات مجلس الحكم في جريدة الوقائع العراقية ، دليل على بطلانها وعدم قيمتها ، وهوان مضامينها وضعف قدرها وإنحطاط ميزاتها وموازينها ، ولكن الكشف عن مضامين بعضها واجب وضرورة تأريخية ، لما تشكله تلك المسوخ التشريعية من أساس في نشوء وترسيخ كل حالات وصور قواعد الفساد الإداري والمالي ، القائم على دعائم ومرتكزات ما سبق وما تلا من أباطيل دول الإحتلال ، لتماثل توجهات وأفكار وسلوك طغام القوم والأوخاش من الناس ، الخارجة من ذات منابع الشخوص النكرة ، المتكرر وجودها على مسارح حكم البلاد ، بفضل الديمقراطية والشفافية والإنتخابات المتوجة بتأييد الشعب المتسارع إلى إعلان ندمه ، بسبب ممارسته الإنتخابات بقوة دوافع الجهل الوطني ، وتعاطفه الطائفي والمذهبي مع من يضره ولا ينفعه من غير تمحيص ولا تمييز ، بعد أن زين له المحتل صور الوجوه الكالحة على وفق ما تشتهيه الأنفس الضعيفة والمريضة ، المتهالكة على ملء فراغات النقص السلطوي والوجاهة الزائفة التي تعيش بين فقاعاتها ، ولكن الوقت أزف لمن أراد منهم البراءة مما إتخذه من مواقف في غفلة من وعيه ، أو من غير دراية أو علم أو إدراك لحقيقة عموم لفظ التشريع أو تفاصيل محتوياته ، وفقدانه لقاعدة إرتكازه وبنائه التشريعي وكما سنبينه في مقالاتنا القادمة إن شاء الله سبحانه وتعالى عما يصفون .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-  نشر القرار في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (2759) في 3/3/1980 .

2- نشر القرار في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3190) في 22/2/1988 .

3- نشر القرار في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3696) في 17/11/1997 ، ونشرت التعليمات عدد (15) لسنة 2000 في الجريدة ذاتها بالعدد (3816) في 6/3/2000 .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب