23 ديسمبر، 2024 10:25 ص

ليس كل الشيعة …هكذا

ليس كل الشيعة …هكذا

رد على مقال السيد عبد الجبار العبيدي المرسوم (الشيعة والمهدي المنتظر) المنشور في موقع كتابات يوم 6/5/2015
بسم الله الرحمن الرحيم
لا ادري لم يحاول البعض ان يخلط بين المفاهيم وان يعمم التصرفات والظواهر الفردية ليلصقها بفئة كبيرة بل بأمة كاملة في احيان كثيرة .
ولربما هو التعجل في استصدار الاحكام او الفهم السطحي لحركة التاريخ غير المقترن بالتحليل المنهجي لمجمل التحولات التي طرأت على البشرية منذ انطلاق شعلتها الاولى وماشهدته من تطورات اساسية وحوادث وظواهر كونية وتاريخية شكلت بمجملها المشهد الحالي للانسانية التي تعيش في زاوية من زوايا الكون الكبير الذي شهد هذه الفعاليات الانسانية .
وهنا وضمن هذا الاطار يجب ان لانبتعد عن الحقائق التي شكلت مادة الوعي الانساني ، وبأعتبارنا مسلمين شيعة فلابد ان لا ننفصل عن جوهر معتقد الامامية الاثني عشر بركن الامامية والاعتقاد بحياة ووجود وغيبة وظهور وخروج الامام المهدي عليه  السلام الذي يملأ الارض قسطا وعدلا بعد ان ملأت ظلما وجوراً .
وهو اعتقاد لا ينتمي الى فئة الاعتقادات العاطفية او الميل غير الواعي لمعتقدات موروثة ، بل هو حصيلة وعي منطقي بحركة التاريخ وتحقق الوعي الالهي بدولة تتجلى فيها العدالة الربانية على الارض في حكم يتجاوز كل حالات الظلم والاستهانة بالانسان قيمة ومعتقداً ووجوداً .
وانا انصح الكاتب الذي خلط خلطا غريبا بين شيعة السلطة في العراق تحديدا وبين تعرضه بالتشكيك لفكرة الامام المهدي ( عليه السلام ) وظهوره وحضوره وجهاده العالمين واقامته لدولة تتجلى فيها العدالة والمروءة والرفاه بأبهى صورها .
ولقد فات الكاتب ان يفهم اولا ان ليس الشيعة كلهم كمكّون او اتباع مذهب سيكونون في صف الامام ، بل لربما سيحاربه البعض منهم تحت مبررات عدة ، وان اخطاء الطبقة الحاكمة في العراق ,هي ليست بمجملها ( شيعية ) ولكن وربما ولانهم يمثلون الاغلبية بينهم فلا يأس ان نجعلهم سببا في تشويه الفكر الشيعي الذي قام على اساس رفض الظلم والانحراف وانه يمثل خطأ عقائديا بالضد من الانحراف والاستهانة بحقوق الانسان في العراق بالذات .
ان السعي الى تحقيق العدالة يرتبط اساسا بأستعداد الحاكم للتخلي عن انانيته الضيقة والسعي خلف مصالحة الشخصية او الحزبية او الفتوية والعمل للصالح العام .
ان موضوع وجود وظهور وخروج قيام الامام المهدي ( عليه السلام ) لا يرتبط بالضرورة ان يؤمن به البعض وبنكره البعض ، وذلك لا يقلل من كونه حقيقة الهيه ترتبط بموضوع خلافة الانسان لله في الارض ، وتحقيق لوعد الهي مذكور في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وبالتالي هو من المسَلمات لدى المسلمين وان اختلفت افكارهم بالتعاطي معه .
وان اختصاص المسلمين من اتباع اهل البيت بالاهتمام بالموضوع يأتي من باب كونه وكما اسلفنا يرتبط بالأمامة التي تعتبر من اصول الدين لديهم .
اما استغلال الفكرة والموضوع من قبل فئات وتعاطيهم معها على اسس شخصية فلا يمنع او ينفي او ينسف جوهر الفكرة .. لذا فأن العرض بان علماء الشيعة او قادتهم يستغلون ذلك جوهر الفكرة وكما ادعى الكاتب لتخدير جمهور الشيعة واستغلالهم وتمهيد لتحقيق مأرب شخصية فهو قول ردود لجهتين :-
الاولى :- ان مساحة تأثير هؤلاء هي محدودة وان عوام الشيعة يعتقدون بأن المخّلص المنتظر انما هو حقيقة وانه سيسهم في رفع الحيف الذي وقع عليهم جراء انظمة الحكم المتعددة التي لم تسهم في تحقيق الانصاف والعدالة وبالتالي فـأن ليس كل الشيعــة قـــد ( تخدروا ) ومارسوا حالة الهروب من مواجهة الظلم والطغيان .
الثانية :- ان جمهور العلماء العاملين من مراجعة الشيعة وقادتهم كانت لهم وعبر الزمن مسيرة طويلة من الجهاد وتنوير الجمهور بضرورة الانتظار الايجابي المقترن بتربية النفس وتنقيتها من ادران الذنوب والاثام والتهيئ المستمر لمواجهة الحكام الظالمين ولقد سجل التاريخ مواقف اقل ما يقال عنها انها مواقف بطولية منها مواقف الشهيدين الصدريين في العراق والسيد حسن نصر الله في لبنان وغيرهما في العصر الحالي.
وعلى العموم فأن من السنن الكونية هو موضوع (الخلافة الصالحة) وان تعرض مفهومها للتغيب بحكم عوامل التعرية الفكرية للفقهاء المأجورين والحكام الظالمين ، وان غلبة الحق في هذه المنازلة هي السمة البارزة ، لان انتصار المنحرفين والجهلة محكوم بمحدودية التأثير والاستمرار وان البقاء للاصلح هو جوهر هذه السياسة الالهية وسيكون الاساس الذي ستتشكل بموجبه دولة العدل الالهي الموعود .
نتمنى على الكاتب ان يتوخى الدقة والا يحاول خلط الاوراق لان الشيعة لن يكونوا كلهم في صف الامام المهدي وان شيعة السلطة الذين كاننوا مادة مقالة لا يمثلون الطائفة الشيعية وان اصحاب الامام وجنده سيكون حصيلة تمحيص مستمر وغربلة دائمة ليكونوا الصفوة الذين تتجسد فيهم كل معاني المروءة والزهد والتقوى والشجاعة والقيادة التي تستمد عوامل استمرارها من المنهج الثر والنبع المتدفق لفكر اهل البيت عليه السلام .