23 ديسمبر، 2024 1:34 م

ليس دفاعا عن حسن العلوي !

ليس دفاعا عن حسن العلوي !

ما أن اصدر الصحفي حسن العلوي بيانه الشهير بشان اعتزال السيد مقتدى الصدر للعمل السياسي ووصفه للاعتزال بانه صاعق وكان وقعه كبيرا على الشارع العربي ونخبه السياسية والاعلامية الكبيرة الى آخر البيان , حتى سارع الكتاب عبر وسائل الاعلام والاتصال لادانة بيانه هذا ليس لموقف من السيد الصدر وكتلة الاحرار رغم الاخطاء الجسيمة التي  رافقت العملية السياسية بسبب ضعف الاداء السياسي لجميع الكتل الفاعلة  بما فيها كتلة الصدر , بل اعتبرتها موقفا انتهازيا يندرج في قائمة مواقفه الانتهازية ابتداء من دوره كصحفي متخصص في تمجيد الطاغية صدام ونظام البعث الدموي , ثم سفره من الكويت الى سوريا خلسة وانضمامه للمعارضة بعد ان ابعد عن العمل مع النظام نتيجة  اعدام قريبه او صهره عدنان حسين في مجزرة قاعة الخلد الشهيرة , ومسارعته لاصدار الكتب المعادية مثل دولة المنظمة السرية وكتاب يمجد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم تحت عنوان ( رؤية بعد العشرين) بعد ان كان من ألد اعدائه ومنتقديه, انتقالا لتمتين علاقته مع قوى المال الخليجي عموما والسعودي على وجه الخصوص لاسيما في مجال التنظير الطائفي المزيف الذي يخدم الفكر الوهابي الذي يذبح شعبنا هذه الايام , وقصته داخل العملية السياسية بعد سقوط النظام  معروفة فمن العراقية الى مغازلة دولة القانون للفوز بمنصب وزاري ومنهما الى الاخوة الكورد وهاهو يجرب محطته الاخيرة على امل ان يرسو حيث الميناء الذي يرغب فاصبح في ليلة وضحاها صدريا اكثر من الصدريين .
ورغم ان جميع الكتاب الذين تناولوا سيرة العلوي السياسية لهم الحق كله بادانته ونقده ليس تسقيطا له بل دفاعا عن المبادىء والقيم الوطنية التي يجب ان يتحلى بها السياسيون , ولكن بدا لي الامر وكأن الساحة السياسية في العراق قد خلت من الانتهازيين والوصوليين امثاله بل  ان بعضهم يكون قد فاقه  بدرجة اكبر فهناك امثلة لمسؤولين كبار احتلوا مواقع رفيعة وهم معروفون  ولاضرورة لذكر اسمائهم جاءوا وذهبوا ولم يتعرض لهم احد وهم الذين تقلبوا في قناعاتهم السياسية من اليسارالشيوعي  الى اليمين البعثي ثم مالبثوا ان حطوا الرحال في المرفأ الاسلاموي , وكم يبلغ عدد البعثيين والمعادين لتطلعات الشعب العراقي من الانتهازيين الذين يحتلون حاليا المواقع القيادية في الدولة العراقية والوزارات والهيئات المستقلة وخاصة دوائر المنطقة الخضراء المدنية والعسكرية  وهم يتبعون ذلك الحزب الديني او الطائفي وقد اطلقوا لحاهم واتخذوا المسبحة رفيقا دائما خلال وبعد اوقات الدوام الرسمي  , وتعتبر المحاصصة العامل الحاسم في تمرير هؤلاء المتزلفين واشباه المتعلمين لاحتلال تلك المواقع ,  ما انعكس ولعلي  لااغالي في ذلك في تدهور الواقع الاقتصادي والبنيوي للعراق واستشراء الفساد الاداري والمالي بشكل لاسابق له منذ تاسيس الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي وتخلفه في الكثير من الميادين التعليمية والصحية والصناعية , في وقت تم فيه تهميش الكفاءات العراقية الحقيقية في الخارج والداخل وسدت في وجههم المسالك لتطوير بلدهم واعادته الى شبابه الحقيقي.
 ومازالت مساعي الانتهازيين مستمرة لنخر جسد العملية السياسية فتراهم يتسابقون هذه الايام للترشيح ضمن بعض القوائم الكبيرة  بعد ان كانوا يساريين او بعثيين وبعضهم من الاوساط العلمانية ذات التوجه الثقافي والصحفي على سبيل المثال لمعرفتي بتقلباتهم ليس من اجل مصلحة الوطن والمواطن انما للحصول على المنافع الشخصية والامتيازات الكبيرة التي تدرها المناصب البرلمانية والحكومية والتي لم يحصلوا عليها من هذه الكتلة او تلك في الفرصة الانتهازية السابقة  وراحوا يصبون جام غضبهم عليها انتقاما منها وللحصول على رضا الكتل الجديدة التي انتهزوا فرصة الانتخابات للتسلق عبر جدرانها. ولذلك فان من يعتقد بان ثمة تغييرا في العملية السياسية سيحصل بعد الانتخابات المقبلة انما يعيش في وهم كبير الا اذا حدثت معجزة في الوعي الشعبي وادار المواطنون ظهورهم  للقوى التي فشلت فشلا ذريعا في ادارة البلد وانتخبوا الوطنيين الحقيقيين الشرفاء الذين عرفتهم ساحات النضال الوطني ولكني ارى ان بوادر مثل هذه المعجزة مازالت بعيدة حيث تمتلك القوى الكبيرة جميع المقاليد بيدها للتاثير في خيارات الناخب بل يمكن القول بانها استطاعت ان تؤثر في تلك الخيارات لصالحها من خلال الضخ المستمر لوسائل الدعاية والتعبئة التي تمس جنبات الطائفة او المذهب او العرق وهي تمتلك جميع الوسائل التي تساعدها على ايصال صوتها واخراس المسامع الاخرى والتأثير في العقول : سمعت مؤخرا بان احد المواطنين المحبطين قد عبر عن حيرته لانه قرر ان يعطي صوته للشيوعيين هذه المرة , ولكنه يتساءل هل سيستمر الاحتفاء بذكرى استشهاد الحسين  لو فاز الشيوعيون . واللبيب يفهم ! .
[email protected]