23 ديسمبر، 2024 12:44 ص

ليس دفاعا عن السوداني : المنجز الوطني بدأ يتحرك نحو الانطلاق … ولكن !!

ليس دفاعا عن السوداني : المنجز الوطني بدأ يتحرك نحو الانطلاق … ولكن !!

اعتدت في مقالاتي السابقة خلال فترات الحكومات المتعاقبة ان اتابع معظم الاجراءات التي يتخذها مجلس الوزراء لتلك الحكومات والتي تخص شؤون المواطنين والشؤون العامة للبلد في حدود معالجة القضايا العالقة وتقديم الخدمات والقرارات التي تخص هيكلة البنى التحيتية وباقي القطاعات الخدمية والانتاجية ، فلم اجد وبصراحة اي من هذه الاجراءات قد حقق النجاح او عالج القضايا بموجب اولوياتها وحاجة المواطن والبلد لها ، فقد كان معظمهما غير مدروس وليس له صلة بما ينبغي ان يتحقق على وفق حاجة الواقع العراقي له ، بموجب تصورات تستمد من الضرورات في حدودها القصوى، لا على اساس مناقشة الاسباب فقط دون وضع الحلول لها كما كان يجري سابقا ، وهذا ما دمر مسيرة العشرين سنة التي مضت كان يمكن ان للعراق ان يكون في مصاف الدول المتقدمة، وأشرت الى كل ذلك كما فعل غيري من الزملاء الكتاب في عشرات المقالات المنشورة في الصحف المحلية والمواقع الالكترونية التي تضمنت العديد منالتشخيصات والمقترحات والمعالجات دون اية استجاباتتذكر، او الاخذ ولو بجزء منها.

كلمة حق

نحن كصحافة وطنية مستقلة ومن مبدأ اخلاقيات المهنة وشرف المسؤولية الصحفية ، ان ننصف المنصف بكلمة حق ، وننبه عن الخطأ ، اينما وجد .

ومابدأ يتحقق اليوم او في طريقه الى التحقيق في حدود المنجز الوطني من خلال سلسلة القرارات والاجراءات التي اتخذها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والتي تمس بشكل مباشر حياة المواطن وقضايا مهمة اخرى تخص البلد لا اريد الخوض في تفاصيلها كانت غائبة عن الحكومات السابقة طيلة السنوات التي مضت ، اقول ان هذه المبادرات تعد بحد ذاتها انجازا وطنيا لم يسبق له مثيل ، ونضوج فكري طموح وعازم في عقلية السوداني يقوده الى تحصين اراداته وتقويتها لتمكنه من اتخاذ سلسلة قرارات اخرى وتحقيق الكثير من المشاريع التي ينتظرها البلد والمواطن .

ان رحلة الالف ميل تبدأ بخطوة واحدة ، ولا اجامل اذا قلت ان السوداني قد بدأ الخطوة الاولى ، ودعونا نتمسك بهذه البداية ونشجعها ، ولا نستجعل ونصدر احكامنا ، ونكثر من القيل والقال ، وان ندرك ان حجم الدمار الذي فتك بالبلد بفعل الارهاب وتقاعس الحكومات السابقة وتفشي الفساد وانهيار البنى التحتية وتشظي الواقع السياسي قد الحق كل ذلك دمارا كبيرا بالبلد كاد ان يقوده الى الانهيار.

من جانب اخر، فان مجلس الوزراء الذي يقوده السوداني بدا لي منضبطا وملتزما ومطبقا لكل قرارات رئيسه ، والاهم من ذلك ان لغة الخطاب التي يتحدث بها السوداني مع وزرائه لاتخلو من توجيهات شديدة اللهجة تحمل بين طياتهاانتقادات وتأشير للاخطاء ومتابعة دقيقة لما يتحقق من انجاز يقوم به الوزراء ، والمهم ايضا تحذير الوزراء وكل المسؤولين بعدم خضوعهم للتأثيرات والضغوط السياسية من قبل كتلهم واحزابهم ، وهذه رسالة قوية ليس للوزراء فحسب وانما للكتل والاحزاب العاملة في العراق بعدم التدخل في العمل الحكومي من اجل تحقيق المنافع والغايات ، وفي ذلك معنى مفاده جعل الحكومة قوية وصاحبة قرار ولا تخضع للهيمنة السياسية مطلقا .

متغيرات واجراءات

ان مجريات الامور في تفاصيلها تشير حقا الى ان ثمة متغيرات وتطورات قد بدأت تحصل منذ مجيء السوداني لمجلس الوزراء معظمها تصب في مصلحة المواطن والقسم الاخر يتجه نحو الاصلاح والبناء وتعزيز قدرة الاقتصاد والتنمية وتعظيم قوة الدينار ومعالجة مشاكل القطاع الخاص ومنحه الفرص للنهوض ، والاخذ بنظر الاعتبار اعداد دراسات لزيادة رواتب المتقاعدين وتحسين اوضاع الموظفين ، وقررات واجراءات اخرى ستطلق تباعا لتكسر ركائز الجمود واللامبالات التي استندت عليها الحكومات السابقة ولتمنحنا أملا في تجاوز الشعور بالاحباط واليأس بعد أنرافقنا طيلة الاعوام التي مضت من عمر التغيير.

اننا امام حقيقة يجب ان تذكر، ان كل الذي يحصل الان في مساحة التغيير والاصلاح ، انما هو جديد وجدي من حيث مقارنته بالذي حصل سابقا ، وبنفس الوقت هو اعتيادي وطبيعي من حيث كونه يتطابق مع شرف المسؤولية الملقاة على عاتق رئيس الوزراء بأعتباره المسؤول التنفيذي الاول في العراق وقسم على اداء الواجب بما يرضي الله والشعب ، لذلك قلت في عنوان هذا المقال ” ليس دفاعا عن السوداني ” وقصدت به اننا لاندافع عن السوداني بأسمه وذاته ، انما ندافع وننصف وندعم منجزاته اذا كانت تصيب الحقيقة وتعمل على ارضاء الشعب والضمير بمنطلق وطني يعزز ويؤكد هوية الانتماء للعراق .

والحق يقال ، ان الرجل قدم للعراق وللعراقيين خلال المئة يوم من ترؤسه مجلس الوزراء ولحد الان حزمة من الاجراءات والمبادرات التي احدثت انعطافة نحو الامل في مستوى تفكير الناس ، وجعلهم يترقبون بنوع من القناعة المزيد من هذه الاجراءات والقرارات التي تحل او تفكك الكثير من المشاكل والازمات التي عانوا منها طيلة السنوات الماضية صابرين منتظرين من ينقذهم من واقعهم البائس والمزري.

ثمة ملاحظة اخيرة ومهمة تتعلق بسلسلة الاجراءات التي اتخذها السوداني ، وكما ذكرت من انها شكلت بارقة أمل لدى العراقيين ، لابد ومن اجل تحقيق المصداقية ان لاتتحول الى مجرد وعود تطلق دون انجاز يتحقق او تطويه السنين كما كان يحصل سابقا ، لأن والحقيقة تقال ان تجربة سنوات الحكم الماضية والتي اتخمت بالوعود والتصريحات الزائفة وغير المتحققة قد اصابت الشعب برمته بالاحباط واليأس وعدم الاكتراث لكل الاجراءات او الوعود التي تطلق معتبرين اياها كاذبة وتخديرية ولا اساس لها من الصحة.

الوعود والتنفيذ

لذلك ينبغي ان تجري متابعة يومية وتفصيلية للجان والمستشارين والهيئات وباقي المؤسسات التي كلفت بتنفيذ الاجراءات والمبادرات التي اتخذت باسرع مايمكن بل وحتى بأختزال الزمن المقرر لها ، واجزم بأن المئات من الاجراءات والتوجيهات التي اتخذت سابقا لم تحرك ساكنا وبقيت طيلة الزمن الذي مضى منذ عام 2004 ولحد الان دون ان تنفذ او اهملت نتيجة عدم المتابعة او عدم الاكتراث لمحتواها ،وذلك بسبب ضعف وترهل الحكومات السابقة وتخمتها باعداد غفيرة من المستشارين والمدراء ومن اتت بهم المحاصصة والمحسوبيات ، ومعظمهم اسماء وعناوين بدون اية خبرة او كفاءة ، لذلك وبموجب التوجهات والاصلاحات المهمة والكبيرة التي اقرت ، لابد من الاعتماد على فرق عمل  ولجان تمتلك الخبرة والكفاءة والجدية وتحمل المسؤولية في حدودها القصوى مختزلة الزمن المتاح لها ، وتقدر وتحترم تلك التوجيهات التي صدرت بموجبها القرارات .

ان الحكومة القوية تتمثل بقوة رئيسها من خلال الحزم والارادة والاصرار،ولايتحقق ذلك الا من خلال المتابعة التفصيلية والدقيقة لكل مجريات عمل الحكومة ابتداءا بعمل الوزراء ومنجزاتهم نزولا الى تفاصيل الدرجات الدنيا في الوظائف ، تلك الشريحة التي تشكل الكادر الوسطي الحقيقي والمنفذ لكل قرارات الدولة ، فاذا كان الوزير هو المخطط  كما يشاع ، فعليه ان يتفقد رعيته من الموظفين ويتعايش معهم ويطلع على اعمالهم ومشاكلهم وربما يستفيد من مبادراتهم او مقترحاتهم ، فليس من المعقول ان يمضي الوزير ايامه في مكتبه الخمس نجوم ، ولايعرف حتى مايجري او يدور في اروقة وزارته ناهيك عن باقي المؤسسات التابعة للوزارة .

فهل نتوقع ان يكون السوداني هوالمصلح والمطبق الفعلي لبرنامجه الحكومي .

الجواب نتركه لمنجزاته ومبادراته!! .

كاتب ومتابع للشأن السياسي