حاججني بعض المتابعين لسلسلة مقالات ” ليس دفاعاً عن خميس الخنجر” ، وانا اتحدث عن مواقفه الساندة للنازحين في التعليم والصحة والاغاثة ، بالقول ان خميس الخنجر يأتي بالأموال من دول خليجية ليغطي بها هذه الفعاليات المكلفة مادياً
سأتفق مع هذا الرأي من باب قبول الرأي الآخر ، مع التنبيه الى ان هذا النقد يصب في صالح الخنجر وليس ضده !
سأذكر السادة المعترضين الى ان المعارضة العراقية باهم فصائلها كانت تتسلم دعماً ماليا بملايين الدولارات من الولايات المتحدة الاميركية لتغطية نشاطاتها التي لم تكن تصرف على الشعب العراقي بل كنفقات مكاتب ورواتب وسفر ومؤتمرات !
فقد قام الكونجرس الامريكي باختيار سبعة فصائل عراقية معارضة للمشاركة في الخطة الامريكية لاسقاط نظام صدام ، وسعت واشنطن وفق مواد قانون تحرير العراق(1998) الى تمويل هذه الجماعات بالأموال والأسلحة, ورصدت ميزانية تقدر بسبعة وتسعين مليون دولار أمريكي لهذا الغرض..واضطرت الى ايقافها عن بعض الفصائل عام 2001 الى حين الانتهاء من تدقيقات حسابية بتهم فساد مالي لاحد الفصائل،( يعني الفساد كان من صفات البعض حتى قبل تسلّمهم للسلطة )وكانت قوى اخرى تتلقى الدعم المالي من كل دول الجوار كل حسب اهوائه واتجاهاته وقربه من اهداف تلك الدول !
وربما اكشف لكم سراً ان قوى المعارضة في بيروت كانت مدعومة مالياً وتسليحاً من منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يتزعمها الراحل ياسر عرفات رغم صداقته لصدام حسين . والمفارقة ان بعضاً من الدعم المالي للمعارضة في حينها كان يأتي من الخزينة العراقية نفسها !
ولكن كيف ؟
نقل لي احد من حضروا اجتماعاً بين قيادات للمعارضة وياسر عرفات في بيروت عام 1979 وكان نظام صدام في قوة بطشه للمعارضة ، ان قياديا في المعارضة عتب على ياسر عرفات زيارته لبغداد في وقت كان صدام قد اعدم 21 من المعارضين له ، فاجابه ياسر عرفات ببراغماتيته المعروفة ” ياخوانا انتم عايزين مصاري ورواتب ومكاتب وسفر وسلاح ..حجيب ده كلّه منين ؟ “..
وحتى لانتوغل في التأريخ ، فان غالبية القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية وغير المشاركة تتلقى دعماً من دول الجوار وغير الجوار ، لكّن الفرق بينهم وبين الخنجر ان الرجل ينفقها على النازحين صحة وتعليما واغاثة ومساعدات انسانية عامة ..فهل تصح المقارنة بين من يأتي بالأموال من الخارج لمساعدة شعبه وبين من افرغوا خزينة البلاد وحوّلوا العراق من بلد دائن الى بلد مدين ، من بلد كانت تمتد اليه الايدي الى بلد يمد يده للتسول والقروض !
تذكرني هذه الحالة بتصريح للراحل الملك حسين ( لا أتذكر بالتمام في أي عام ) وبعد عودته من رحلة الى دول اوربية ، حين استضافه مجلس الشعب الاردني ووجه احد النواب المعارضين سؤالاً للملك لإحراجه :
ماذا قدّمت للشعب الاردني رحلتك الى الدول الاوربية ؟
فاجابه بفصاحته المعروفة وحضوره القوي :
“كنت اتسول للشعب الاردني ، فهل تأتي معي المرّة القادمة لنتسول معاً من اجل الشعب بدل ان تجلس هنا للثرثرة !!”
وياليت عمري ان يكون لدينا سياسيين يجلبون الاموال الى خزينة البلاد بدل السياسيين الذين يتذابحون من اجل افراغ ميزانيته واستثمار أموالها في عواصم العالم المترفة !
سياسيون يتسولون لنا بدل ان يجعلونا نتسول على الارصفة وتقاطعات الطرق والبحث في المزابل عن لقمة بائتة !
سياسيون ينفقون ميزانية البلاد على الشعب واحتياجاته وخدماته وتحسين اوضاعه الاقتصادية ومستويات حياته المعدومة بفضل سرقاتهم وفسادهم وتحويل العاصمة الحبيبة الى اسوأ مكان للعيش في العالم للمرة العاشرة على التوالي !