(أن تحدث مجزرة في قاعدة سبايكر العسكرية فتلك جريمة حرب , لكن عندما تتكررالمجزرة في مكان آخر فتلك مصيبة جيش ) .
ورد في وسائل الاعلام ان تنظيم داعش يحاصر خمسة افواج في الصقلاوية منذ يومين , وان 400 جندي وضابط على الاقل معرضون للقتل , وبعد يومين قرأت أن اكثر من 150 جندي قد قتلوا بالغازات السامة , ثم توالت الانباء المتناقضة وغير المؤكدة عن ما يحدث في الصقلاوية , ( الفريق رشيد فليح يقود عملية فك الحصار عن الجنود المحاصرين ) (القوات العراقية تفك الحصار عن الجنود المحاصرين ووصول العتاد والمؤن اليهم , لكن المعركة ما زالت مستمرة ) ( داعش تقتل 300 جندي بالغازات السامة ) ( رئيس الوزراء يأمر بحجز الضباط المقصرين ) ( نواب في البرلمان يتهمون العبادي بتأخير اسناد الجنود المحاصرين ) . ما حدث في الصقلاوية هو تكرار لما حدث في سبايكر , ومن الممكن ان يتكررالموقف مرة ثالثة ورابعة اذا بقيت الامور المتعلقة بالشؤون العسكرية على حالتها المزرية عندما سيطر رئيس الوزراء السابق نوري المالكي على مقدرات الجيش العراقي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة .
اليكم ما حدث فيما يتعلق بالشؤون العسكرية منذ حل الجيش السابق .
1- كارثة حل الجيش العراقي السابق توازي في تأثيرها السلبي كارثة احتلال العراق , لأن ذلك الجيش لم يكن جيش صدام حسين بل كان جيش العراق , والدليل على ذلك ان صداماً كان له جيشه الخاص الذي لم يكن مرتبطاً بوزير الدفاع ولا برئيس اركان الجيش بل مرتبطاً به شخصياً , ويتألف من الحرس الخاص والحرس الجمهوري , ولهذا نرى ان صدام باعتباره القائد العام للقوات المسلحة لم يزج الجيش العراقي في عملية الدفاع عن العراق قبل بدء الغزو الامريكي , وبكلمة اخرى لم يوزع قطعات الجيش على النقاط الحيوية للدفاع عنها ضد الغزو خشية انقلابها عليه وازاحته قبل الغزو , ولكي اكون اكثر وضوحاً اقول ان اتخاذ تدابير الدفاع على نطاق واسع يتطلب اسابيع من العمل الشاق من ضمنها توزيع القطعات وبناء الاستحكامات خصوصاً في العاصمة بغداد وما حولها ,لكن صدام لم يفعل ذلك خوفاً من جيش العراق .
2- لكي تتمكن قوات الاحتلال من السيطرة على العراق بعد سقوط صدام لجأت الادارة الامريكية الى حل الجيش العراقي الذي يبلغ عمره اكثر من ثمانين عاماً , والمدرب تدريباً جيداً ’ والمنضبط ضبطاً عالياً , والمجهز تجهيزاً راقياً , والذي حافظ على لياقته رغم كل ما فعله به صدام , والذي كان كل عراقي يعتز به . ولكي اكون منصفاً فان ذلك الجيش كان بأمس الحاجة الى اعادة تنظيم بعد مأساة احتلال الكويت والانسحاب منها , وكان كل الضباط الكبار يعترفون بذلك .
اصبح العراق بعد حل جيشه كالبستان الذي تحطمت اسواره ومداخله وغدت محاصيله عرضة للدخلاء .
3- لغرض تشكيل جيش عراقي جديد قامت قوات الاحتلال بفتح باب التطوع للجيش فاندفع العراقيون للتطوع لأن شروط التطوع كانت مغرية والرواتب عالية وشروط انهاء الخدمة بسيطة , هذه الامور لا غبار عليها , لكن الغريب ان المتطوعين التحقوا وخضعوا للتدريب من دون وجود ضابط عراقي واحد لأن كل المشرفين كانوا ضباط صف امريكان , لم يكن هناك مشرفون عراقيون ولا وزارة دفاع . لقد تم تدريب الجنود في اول لواء بالجيش الجديد من قبل ضباط صف امريكان ومترجمين عراقيين . بعد ذلك فتح باب التطوع للضباط العراقيين ثم بوشر بتشكيل وزارة الدفاع. .بالنسبة للضباط فقد كانت هناك معضلة تتمثل في ان معظمهم كانوا منتمين لحزب البعث , فاتخذت هذه المعضلة حجة للتخلص من الضباط السنة بسبب الاجتثاث , اما الضباط الشيعة فقد حصلوا على تزكية من الاحزاب الدينية , وهكذا اصبح عضو الشعبة السابق في حزب البعث وصديق السيد الرئيس السابق عضواً جديداً في حزب الدعوة او المجلس الاسلامي الاعلى وتم تنسيبهم في مناصب الجيش العليا , ولا يزال معظمهم متمسكون بمناصبهم . الغريب ان آخر مؤسسة عسكرية تشكلت في الجيش هي وزارة الدفاع . وهكذا تشكل الجيش الجديد بطريقة مقلوبة . ( اولاً جنود وثانياً ضباط صف وثالثاً ضباط ورابعاً وزارة الدفاع ) اما التسليح والتجهيز فحدث ولا حرج , كل وزراء الدفاع السابقون هم الآن مطلوبون للعدالة بسبب سرقات مالية .
4- لم تسمح الظروف الامنية الداخلية للجيش الجديد ان يمارس التدريب , فقد تم زج الوحدات والتشكيلات بمهام الامن الداخلي منذ اول يوم من تشكيلها , ولم يطبق الجيش الجديد تمريناً تعبوياً واحداً في أي مستوى كان منذ تشكيله حتى اليوم , ولم يتم تنفيذ الرمي السنوي لأي وحدة من الوحدات رغم توفر العتاد , ولا ابالغ اذا ما قلت ان هذا الجيش كان دون المستوى المطلوب في التدريب والضبط والتسليح والتجهيز وكل ما يتعلق بالشؤون العسكرية , على الرغم من ان كل الضباط الذين تم اعادتهم للخدمة يعلمون ذلك وهم اصحاب خبرة من الجيش السابق , ولكن فاتهم ان يتذكروا انهم سيتحملون مسؤولية الفشل إن حصل , وقد حصل بالفعل كما سنرى .
5- لم يشتبك الجيش العراقي في اي معركة ضد عدو نظامي , لانه مكلف بواجبات الامن الداخلي , اي واجبات الشرطة , وهو بالاساس غير مدرب ليقاتل عدو منظم , كل ما كان يفعله منذ تشكيله عام 2004 حتى اليوم هو اقامة نقاط تفتيش في شوارع المدن , ومداهمات لمنازل المواطنين معظمها مداهمات عشوائية تصاحبها هتافات وشعارات طائفية .
6- ان اهم عنصر في اي جيش هو القيادة , فالقيادة بكل مفاصلها هي العقل المفكر والمخطط والمنفذ المشرف بالنسبة للعمليات العسكرية في كافة مستوياتها . عندما اصبح نوري المالكي رئيساً للوزراء وقائداً عاماً للقوات المسلحة انشأ مكتباً يديره عدد من الضباط في رئاسة مجلس الوزراء مرتبطاً به وتابعاً له اطلق عليه اسم المكتب العسكري , يتجاوز هذا المكتب في عمله كل من وزير الدفاع ورئيس اركان الجيش , اي ان الجيش اصبح يدار من قبل المالكي عبر هذا المكتب الذي هو غير نظامي ولا قانوني حتى ان الضباط الكبار اصبحوا يطلقون على وزير الدفاع السابق عبد القادر محمد جاسم ( نائب ضابط قدوري ) كونه لا يقوم باي عمل سوى ادارة مقر الوزارة , وهو اليوم مجهول الاقامة خارج العراق بسبب فضائحه المالية . لقد اصبح هذا الجيش يضم عددا كبيرا من الضباط برتب عالية كاللواء
والفريق والفريق اول وهو جيش لا يوجد فيه تدريب ولا تمارين عسكرية ولم يشترك باي معركة نظامية , وهو اول جيش في العالم يضم عدداً كبيراً من الضباط الذين يحملون رتباً عالية ولم يتخرجوا من كلية او مدرسة او معهد عسكري , اي لا علاقة لهم بالعسكرية سوى الرتبة , ويطلق عليهم الجنود لقب ( ضباط الدمج ) ولا ادري من اين جاءت هذه التسمية , لقد كان المالكي يتباهى ويفتخر بهذا الجيش الذي لا يحسن سوى مداهمة منازل المواطنين ويديره ضباطاً يحملون اعلى الرتب العسكرية .
7- اول تهديد حقيقي واجهه الجيش العراقي الجديد حدث في الموصل يوم 10 حزيران 2014 , وهو عبارة عن معلومات استخباراتية وصلت الى قيادة القوة المتحشدة في الموصل , وكانت بحجم جحفل فيلق يقوده ضباط يحملون اعلى رتبة في كل جيوش العالم وهي رتبة فريق اول التي كان يحملها ( الفيلد مارشال مونتكمري قائد جحفل الجيوش البريطانية في الحرب العالمية الثانية و بطل العلمين( تفيد هذه المعلومات ان مجموعة مسلحة من ميليشيا ( الدولة الاسلامية في العراق والشام ) تتقدم نحو الموصل لاحتلالها . ما هو مصدر هذه المعلومات ؟ لا احد يعلم . ما هي الاجرءآت والاستعدادات التي اتخذها قادة القوة العسكرية في الموصل لصد هذا الهجوم ؟ لا احد يعلم ؟ كيف جرى استخدام الاسلحة التي في متناول ايديهم والتي تضم 1500 آلية من ضمنها دبابات وناقلات جنود ومدافع محمولة و4000 مدفع رشاش خفيف وثقيل ومدافع ضد الجو وصوارخ ارض ارض ؟ لا احد يعلم , كم خط دفاعي تم اتخاذه من قبل افراد القوة وعددهم ثلاثون الف جندي ؟ لا احد يعلم . ما هي الاوامر والتوجيهات التي وصلتهم من القيادة العامة للقوات المسلحة ؟ لا أحد يعلم , هل جرى استطلاع جوي او حلقت طائرة واحدة فقط لرصد حجم واتجاه وتسليح افراد هذه الميليشيا ؟ لا احد يعلم . كل الذي نعلمه وفوجأنا به كمواطنين أن مدينة الموصل اكبر مدينة في العراق بعد العاصمة بغداد قد استسلمت وتم احتلالها بالكامل من قبل ميليشيا يعني ( قوات غير نظامية ) تطلق على نفسها اسم ( الدولة الاسلامية في العراق والشام ) من دون قتال ولا معركة ولا حتى اشتباك بسيط , وان جميع منتسبي الفيلق قد فروا وهربوا وغادروا المدينة ابتداءً من اكبر ضابط وانتهاءً بابسط جندي , ولم يسمع أهالي الموصل صوت رصاصة واحدة اطلقت من قبل منتسبي الفيلق البالغ عدده ثلاثون الف مجند وضابط دفاعاً عن مدينتهم , وبقيت اسلحة وآليات وتجهيزات ودبابات ومدافع وصواريخ ورشاشات وراجمات وبنادق ومسدسات الفيلق كما هي , والادهى من ذلك انه لم يصدر عن القيادة العامة للقوات المسلحة التي يقودها نوري المالكي اي بيان او توضيح او تعليل يعرف المواطنين بما حدث في اكبر مدينة عراقية ’ وما هو مصير افراد الفيلق ومعداته واسلحته التي تقدر قيمتها باكثر من مليار دولار .لقد كان الهروب الجماعي لضباط ومراتب الفيلق هو الاجراء الذي تم اتخاذه لمواجهة تعرض لم يحدث ولم يقع , فماذا كان سيحدث لو وقع اشتباك او قتال فعلي ؟ علما ً ان تنظيم داعش الارهابي لا يملك دبابات ولا مدافع ولا صواريخ ولا طائرات , وان كل ما يملكه هو رشاشات خفيفة ومتوسطة مركبة على سيارات ( بيك آب) إنه موقف مخجل. بعد يومين فقط من سقوط الموصل سقطت تكريت بنفس الطريقة , واتخذ الجيش نفس الاجراء الذي اتخذه في الموصل , وسقطت قاعدة ( سبايكر ) التي سمع بها الناس لاول مرة . أصبح الموقف اكثر خجلاً.
في سبايكر حدثت مجزرة تبعتها فضيحة . تتلخص المجزرة بفقدان اكثر من 1700 منتسب لا يعرف مصيرهم , قيل ان الارهابيين قتلوهم , أما الفضيحة فتتلخص في ان القيادة العامة ورئاسة اركان الجيش لا تعلم من هم الضحايا ولا عددهم , فقد قيل ان الضحايا هم طلبة كلية الطيران , ثم طلع علينا
قاسم عطا ( بالمناسبة فقد تمت ترقيته الى رتبة فريق ) ليقول انهم ليسوا طلبة بل جنود عددهم مجهول , ثم قيل انهم مجندون ينتسبون الى الفرقة 18 وان عددهم هو 1400 وليس 1700 , بعدها قيل ان الارهابيين الدواعش لم يقتلوهم جميعاً وان بعضهم اسرى وبعضهم هربوا وبعضهم مفقودون . من هم ضحايا سبايكر ؟ كم عددهم ؟ هل توجد قائمة بأسمائهم ؟ هل من بينهم طلاب القوة الجوية ؟ هل يوجد احياء ؟ كيف دخل الدواعش الى القاعدة ؟ كم يبلغ عددهم ؟ كم فرد يتطلب لأسر 1700 جندي ؟ فضيحة الفضائح ان القيادة العامة التي يقودها نوري المالكي لم تصدر بياناً بشأن ما حدث في سبايكر وكيف حدث ,لأنها هي لاتعلم ما جرى .قام اهالي الضحايا بمهاجمة البرلمان , فاضطر رئيسه الى استدعاء المسؤولين , فرفض المالكي الحضور على الرغم من انه هو المسؤول الاول عما جرى ,فحضر وكيل الوزير سعدون الدليمي وقائد قوات صلاح الدين والفريق محمد العسكري الناطق باسم الوزارة , قال الوزير ان عدد الضحايا 2000 وهم ليسوا جنوداً , اما بالنسبة الى توضيح حقيقة ما جرى فلم يذكر الوزير شيئاً , لأنه لا يعلم شيئاً ..وهكذا سيبقى لغز سبايكر محيراً طالما بقي نوري المالكي على صمته .
8- سقط المالكي وتم تشكيل وزارة جديدة برأسة حيدر العبادي , اما بالنسبة للجيش فقد بدأ فصل جديد مبكي .أمر العبادي بوقف القصف العشوائي بالمدفعية والبراميل المتفجرة على كل من الرمادي والفلوجة وبدأت بعض العوائل النازحة بالعودة الى بيوتها , ثم ورد في الانباء ان قوة من داعش فرضت حصاراً على عدد من افواج الجيش يبلغ عدد افرادها 700 جندي , وهم محاصرون منذ ايام بلا مؤن ولا عتاد في منطقة الصقلاوية بالانبار , علماً ان قوات عراقية تتواجد في الانبار منذ اكثر من عام وتفرض حصاراً على مدينتي الرمادي والفلوجة وتمارس قصفأ عشوائياً بمدفعية الميدان والبراميل المتفجرة بامر المالكي من دون ان تتمكن من دخول اي من المدينتين. بعد حوالي الاربعة ايام من حصار داعش للافواج العراقية قيل ان الارهابيين قتلوا افراد القوة المحصورة من دون تحديد االعدد , ثم قيل ان داعش قتلت 400 جندي بغاز الكلورين , وهو ادعاء باطل يدل على غباء قائله لأن قنابل الغازات السامة لها اساليب وحسابات تجعلها صعبة الاستخدام من قبل الميليشيات خشية انتشارها وتغيير اتجاهها بتأثير الرياح التي لا يمكن السيطرة عليها مما يؤدي الى تهديد افراد المليشا انفسهم .في هذه الاثناء انطلقت حملة طائفية ضد قرار العبادي بوقف قصف المدن وتعريض حياة المدنيين للخطر بعد اكثر من سنة من قرار المالكي قصف مدن الانبار بالمدفعية والبراميل المتفجرة مما تسبب بمقتل 1500 مدني معظمهم من النساء والاطفال , وقال عضو لجنة الدفاع النيابية حاكم الزاملي في حديث تلفزيوني ان هناك مناطق كثيرة مسيطر عليها من قبل داعش وان قرار أيقاف القصف خاطيء , ثم اردف قائلاً بلهجة الخبير العسكري المحنك ( يجب التمييز بين المدنيين والارهابيين ) لكن السيد الزاملي لم يبين على الرغم من خبرته العسكرية العالية كيف يستطيع الطيار التمييز بين الداعشي والمدني وهو منهمك بالقاء القنابل والبراميل المتفجرة من الجو ؟, ويستمر بالقول في نفس اللقاء يوم 24 ايلول 2014 ان بعض الطيارين يخطئون في رمي الارزاق والعتاد لقواتنا المحاصرة مما تسبب في القائها لداعش وعليه فان الضرورة تستدعي محاسبة الطيارين لأن عدم وصول الامدادات والاسعاف يؤثر على معنويات الجنود , هنا اقول للسيد الزاملي ان الضباط والجنود الذين يستسلمون لافراد من الميليشيات الارهابية الاقل تسليحاً منهم لا معنويات عندهم . ورغم كل ذلك يستمر القادة في بث
الاكاذيب , فقد اعلن الفريق رشيد فليح قائد قوات الانبار انه قاد هجوماً كاسحاً على مواقع داعش وتمكن من فك الحصار وتم ايصال العتاد والمؤن وان المعركة ما زالت مستمرة , وبعد ساعات اعلن رسمياً ان معظم افراد القوة المحاصرة قد قتلوا , وقد اصدر العبادي امراً بحجز القادة لمحاسبتهم , وعلى الصعيد نفسه صرح رئيس مجلس محافظة الانبار صباح كرحوت ان الطيران الحربي العراقي قصف اهدافاً كثيرة للارهابيين لكن الغارات استهدفت ايضاً ولكن بالخطأ بنى تحتية في المحافظة ( لم يحددها حفاظاً على سمعة الطيارين ) وتعني البنى التحتية بالطبع الجسور والسدود وما شابه ذلك . في هذا الخضم ارتفعت اصوات داخل البرلمان مطالبة باستدعاء رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة للاستفسار منه عن سوء اداء القوات البرية , لكن احداً لم يتذكر ان هذا الجيش هو صنيعة المالكي الذي قال امام العالم اجمع بعد اسابيع من سقوط الموصل وتكريت ومجزرة سبايكر وقبل حصول مجزرة الصقلاوية بشهرين ( ان الجيش العراقي استعاد زمام المبادرة بعد نكسة الموصل وان هذا الامر يحدث لاول مرة في جيوش العالم ) لكن احداث الصقلاوية اثبتت ان الجيش لم يتمكن من استعادة زمام المبادرة وان تصريح السيد نوري المالكي رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة آنذاك كان مجرد تبرير لا يصدر الا عن جاهل بالامور العسكرية .
9- الجيش العراقي هو جزء من التركة التي ورثها حيدر العبادي من نوري المالكي وهي تركة ثقيلة لا تشرف احد . لقد ورث العبادي جيشاً اصيب بنكسات وانهيارات في فترة قصيرة لم تحدث لأي جيش في العالم , وامامه مهمة استعادة ثلث اراضي العراق التي احتلتها داعش بالاضافة الى مهمة ردع داعش ومنعها من احتلال المزيد من الاراضي .ان المسؤول بالدرجة الاولى عن وصول الجيش الى هذه الحال من التردي والتسيب والانهيار هو السيد نوري المالكي الذي رفض الاجابة عن اي سؤال يتعلق بالجيش ورفض بغطرسة لا تليق به دعوة النواب لاستضافته في البرلمان وقال قولته المشهورة ,انه سيقلب الدنيا رأساً على عقب اذا ما حضر للبرلمان , علماً انه هو المسؤول الاول عن اطلاع الشعب العراقي على كل ما حدث في الموصل وتكريت وسبايكر , لكنه ابى باصرار التحدث عما حصل ولم يحاسب المقصرين من القادة , بل بالعكس فانه امر بتكريمهم , لماذا ؟ لقد فعل ذلك ليكسب سكوتهم , الغريب ان اللجنة الامنية النيابية تطالب العبادي بمحاسبة القادة المقصرين عن ما حدث في الصقلاوية من دون الاشارة الى المقصرين عما حدث في الموصل وتكريت وسبايكر , وهي الاحداث التي لولاها لما حدث ما جرى في الصقلاوية .
لقد كان المالكي يدير كل صغيرة وكبيرة في الجيش بنفسه متجاوزاً وزير الدفاع ورئيس اركان الجيش عبر مكتبه العسكري غير القانوني الذي شكله في رئاسة مجلس الوزراء ,وان كل النكسات التي عانى منها الجيش كان هو المسؤول عنها , هل يعقل ان تقع مجزرة في قاعدة عسكرية راح ضحيتها مئات من الجنود قبل اربعة اشهر ولا احد يعلم الى اليوم من هم الضحايا وكم عددهم ؟ اليس هذا امراً مخجلاً للقائد العام ؟ ماذا فعل المالكي ازاء ذلك ؟ لاشيء . اقول للجنة الامنية النيابية باعتباري مواطن عراقي انكم مسؤولون عن الدعوة بشدة لمحاسبة القادة المقصرين منذ سقوط الموصل الى مجزرة الصقلاوية , والتأكيد على استدعاء نوري المالكي الذي يعتبر نفسه لا يسأل عما يفعل . ان السيد العبادي غير مسؤول عن انهيار الجيش لانه لم يشترك لا في تشكيله ولا تجهيزه ولا تدريبه ولا تسليحه , ان المسؤول عن ذلك برمته هو السيد المالكي الذي تعامل مع الجيش العراقي باعتباره ميليشيا تابعة له وليس جيشاً عراقياً . السيد العبادي
مسؤول عن مستقبل الجيش او بالاحرى جيش المستقبل , والمهام الملقاة على عاتقه خطيرة ومن الخطأ تحميله اخطاء الماضي لأن اعادة الامور الى نصابها في الجيش بحاجة الى قرارات حازمة وخطوات جريئة وكشف حقائق مخفية تلافياً لتداعيات لا مبرر لها .
ختاماً اقول ان الموضوع اخطر بكثير مما يتصوره البعض داخل ما يسمى بالعملية السياسية , ومع ذلك فإن عوامل النجاح متوفرة .