19 ديسمبر، 2024 6:29 م

ليس بالسلاح وحده تكمن القوة

ليس بالسلاح وحده تكمن القوة

يشغل السلاح إهتمام الحكومات المتعاقبة على حكم العراق بدعوى الدفاع الوطني، وتوفير الأمن المجتمعي، ولا أعتقد، بل أجزم، أنه لايوجد عراقي يرفض أن تكون بلاده أقوى البلدان وسداً منيعاً بوجه أي عدوان يريد النيل من سيادة وكرامة هذا الوطن المعطاء، لكن قوة السلاح، عدد وعدة، وضخامة التشكيلات العسكرية، ينبغي الا تؤثر على مصادر القوة الأخرى، ولاسيما الإقتصادية تحديداً، لذا يرى محللون سياسيون وإقتصاديون أنه متى ما وضعت أية حكومة أولى أولويات موازنتها العامة في بناء ترسانة سلاح تقليدية وغير تقليدية، فإنها لامحال ستدخل في أزمة إقتصادية، مالم تحقق توازن في الموارد والنفقات، بل أكثر من هذا، أن دخول سوق التسلح، سواء الغربي أو الشرقي، أو كلاهما معاً، وعقد الصفقات السليمة والمشبوهة على حد سواء، لمواجهة عدو مفترض أو حقيقي، أو محاولة إخافة الخصوم على المستوى الإقليمي خاصة، سوف يستنزف موارد الإقتصاد الوطني، ويؤثر سلباً على مناحي الحياة الأخرى التي لاتقل أهمية عن الأمن الوطني، ولدينا تجربة عميقة في هذا المجال، لكننا لم نأخذ منها العبر، فيما أوقعنا الفساد في صفقات سلاح مشبوهة وأخرى لها علاقة بأمن المواطن، غير أن نتائجها جاءت عكسية، وكانت سبباً لإزهاق الكثير من الأنفس البريئة.
لسنا بصدد الحديث عن سباق التسلح وآثاره الإستفزازية في الجانب الإقليمي، وتشكيل التحالفات لعسكرة المنطقة وتهيئتها لصدامات مسلحة وحروب عقيمة المستفيد الوحيد منها الدول المصدرة للسلاح، وإنما نحاول أن ننبه الى خطر التسلح غير المدروس على الإقتصاد الوطني الذي يمثل الدعامة الأولى للحفاظ على سيادة البلد ومنع فرض أي أملاآت عليه من الخارج.
هناك التجربة اليابانية أجدها قريبة من التجربة العراقية، ربما لأن القاسم المشترك بينهما الولايات المتحدة الأمريكية، التي دمرت البنى التحتية لكليهما، مع الفارق أن اليابان أعادت النظر في تركيبتها كقوة عسكرية وحولتها الى قوة صناعية تماشياً مع وثيقة الإستسلام التي وقعتها وحددت بموجبها توجهاتها العسكرية، لذا لا تعجب عندما تسمع عن ان قيمة الإنفاق العسكري لليابان يبلغ 8 بالمائة من مجموع ما ينفق على التعليم والصحة، وهكذا استغلت وثيقة الإستسلام في إعادة تركيبة الموازنة العامة للدولة لصالح تجديد بنية المصانع الخفيفة والثقيلة وتسريع دورة الإقتصاد، في المقابل بددنا أموال حملة الإعمار للدول المانحة، ولموازناتنا الإنفجارية، في صفقات مشبوهة وفاسدة تحت مسمى دواع أمنية، فيما لا يزال السلاح هو الهاجس الوحيد الذي تناثر من تحت يدي الدولة الى قوى وميليشيات محلية. 

أحدث المقالات

أحدث المقالات