18 ديسمبر، 2024 9:45 م

ليست من حيل الكرماء بل الطلقاء

ليست من حيل الكرماء بل الطلقاء

كتبة التاريخ سيكون للصادق ضعفين من الاجر وللمدلس اربعة اضعاف من العذاب لما يترتب من مفاهيم سيئة بسببها في التاريخ ، في كتاب قصص العرب ذكرت قصة بعنوان من حيل الكرماء نصها :

اهدى معاوية الى عبيد الله بن العباس حللا كثيرة ومسكا وانية من ذهب وفضة ووجهها اليه مع حاجبه فلما وضعها بين يديه نظر ابن عباس الى الحاجب وهو يطيل النظر فيها فقال له هل في نفسك منها شيء؟ قال نعم والله ان في نفسي منها ما كان في نفس يعقوب من يوسف، فضحك عبيد الله وقال شانك بها فهي لك قال : جعلت فداك انا اخاف ان يبلغ ذلك معاوية فيغضب لذلك،  قال: فاختمها بخاتمك وادفعها الى الخازن وهو يحملها لك ليلا ، فقال الحاجب: والله ان هذه الحيلة من الكرماء اكثر من الكرم ولوددت اني لا اموت حتى اراك مكانه ـ يعني معاوية ـ فظن عبيد الله انها مكيدة منه فقال: دع هذا الكلام اني من قوم نفي بماعقدنا و لا ننقض ما اكدنا

اقول للحموي في ثمرات اعواده ( 1/129) الناقل لهذه القصة هل تحققت من مصداقيتها ام تركتها كما هي ؟ فان كانت صادقة فانها تظهر الى اية درجة حيل الطلقاء وحيل السفهاء .وان كانت كاذبة فهي دلالة على عدم ثقتك في تدوين التاريخ

لا اتحدث عن عبث معاوية باموال المسلمين وهو يهب ما يشاء لمن يشاء لغايات تثبيت ملكه . ولكن اقف عند عبيد الله بن العباس وعند ناقل القصة .

هل تعلمون من هو عبيد الله بن عباس ؟ انه والي اليمن زمن الامام علي عليه السلام عندما هجم عليه جيش معاوية بقيادة بسر بن ارطاة وقتل ولديه ذبحا امام امه ، وهذا يعني كيف ستكون مشاعر ابن عباس اتجاه معاوية ؟

هذا عبيد الله كان من قادة جيش الامام الحسن عليه السلام لمحاربة معاوية في صفين الثانية ، الا انه باع ضميره ودينه بثمانين الف درهم وغدر بالحسن عليه السلام والتحق بجيش معاوية .

لاحظوا نهاية القصة يقول ابن عباس انا من قوم نفي بما عقدنا عليه ولا ننقض ما اكدنا ، اين الوفاء بالعقد مع الامام الحسن عليه السلام ؟ هذا من جانب ومن جانب ثاني على ماذا تعاقد مع معاوية ؟

واما ناقل القصة يقول ان ابن عباس ظن انها مكيدة ، اقول لناقل القصة على ماذا استدللت بكوامن ابن عباس ؟ كيف عرفت ظنونه ؟ الا يعتبر هذا تدليس للتاريخ ، واقعا الامر وارد لان ابن عباس ومعاوية تربطهم مشاعر الغدر بينهما وكل فرد يخشى غدر الاخر وان كانت العرب في زمانها تحترم كلمتها الا ان في قاموس معاوية الكلمة تحت الاقدام وهو القائل بعد الصلح مع الحسن عليه السلام ان الاتفاق تحت قدمه ولم يلتزم به اطلاقا وختمه باستخلاف ابنه يزيد على رقاب المسلمين .

حرف زيادة او نقيصة يغير المعنى بل حتى الفارزة وعلامة الاستفهام تقلب المعنى راسا على عقب .

اقول كم يوجد في تاريخنا مثل هكذا قصص وهكذا مؤرخين التي اصبحت حجة علينا اما في السلبيات او التدليس والتحريف .