23 ديسمبر، 2024 9:18 ص

اقترب عدد ضحايا “القتال” الدائر في العراق الان من الألف شهريا. هذا الرقم المرعب يعادل القول بان العراق يشهد حربا أهلية. لكنها ليست حربا أهلية. ليس بالأرقام وحدها تصاغ الأوصاف والعبارات. قتل في الحرب العالمية الأولى والثانية ملايين البشر لكننا لا نقول انها كانت حروبا أهلية.  الحرب الأهلية تقع بين مكونات مجتمع واحد. عرب مع كرد. سنة مع شيعة. مسلمون مع مسيحيين. او بين الناس والحكومة المركزية. ليس القتال الدائر في العراق من هذا النوع. ولهذا اقول انها ليست حربا أهلية. لكنها من الممكن ان تتطور باتجاه حرب أهلية.
اذا لم يكن هذا القتال حربا اهلية فما هو اذن؟ يمكن الحصول على الجواب من خلال بيانات ايمن الظواهري وقبله الزرقاوي وكذلك من خلال بيانات وممارسات الجماعات المسلحة الأخرى التي تقتل الناس باسم الإسلام.
تشن هذه الجماعات عدوانا منظما على الشعب العراقي المدني الأعزل المسالم. قد تبدو هذه الحرب العدوانية مركزة على احد مكونات المجتمع العراقي وأعني الشيعة لان الجماعات المسلحة الارهابية تعتبر هذه الطائفة من المسلمين فرقة ضالة وتستحل قتالها. لكن العدوان الإرهابي الإسلامي الأصولي لا يقتصر من الناحية الواقعية على الشيعة. فالجماعات الارهابية تشن عدوانها على المسلمين السنة لأنهم لا يوافقونها الرأي. كما تشن عدوانها الإرهابي على العراقيين الكرد والتركمان والمسيحيين لانها لا تريدهم ان يعيشوا بسلام. واليوم تتقاتل هذه الجماعات المسلحة فيما بينها في سوريا. انها جماعات قتالية قاتلة  وليست قوى سياسية مدنية.انها لا تعرف غير القتال والقتل لغة مع الآخرين. لا تجيد الحوار ولا تعترف بالتعايش ولا تؤمن بالوحدة الوطنية بين البشر رغم انها تؤمن بالوحدة الترابية التي قسمتها الحدود بين الدول. انها تعتبر وحدة التراب اهم من وحدة البشر.
هذه الجماعات لا تخوض حربا أهلية في العراق انما تشن عدوانا على اهله ممن ليسوا على طريقتها دينيا ومذهبيا وسياسيا. نعم هي تخطط من اجل اشعال حرب أهلية في العراق كجزء من عدوانها على أهله.
انها الحرب الارهابية، والعدوان الإرهابي. وقد قلت في مقال سابق ان الحرب مع الإرهاب عالمية وليست محلية. وقلت ان على الولايات المتحدة ان تتحمل مسؤوليتها الدولية في هذه الحرب العالمية التي تعتبر الولايات المتحدة عدوها الاول. لا يصح ان تنأى الولايات المتحدة بنفسها عن هذه الحرب بحجة انها حرب أهلية او نزاع داخلي او حرب محلية. ليس المسالة على هذه الشاكلة. لا يصح ان تبحث الولايات المتحدة عن مثل هذه الأعذار لكي تتنصل عن مسؤولياتها في هذه الحرب العدوانية على الشعب العراقي.
يتعرض العراق والعراقيون الى عدوان إرهابي سافر وحرب إبادة بشعة. ومن التزامات الولايات المتحدة ان تدافع عن العراق والعراقيين وتقف بوجه الجماعات المسلحة الارهابية التي توجه ضرباتها القاتلة يوميا الى صدور أبناء الشعب العراقي من الأطفال والنساء والشيوخ وهم يمارسون حياتهم اليومية في المدارس والجوامع والحسينيات والكنائس والأسواق والمحال التجارية.