23 ديسمبر، 2024 9:26 ص

في إيران، التأريخ يعيد نفسه والصور تتکر بنفس السياق ولکن مع قوة أکبر وعزم أرسخ وإيمان أکثر عمقا، وإن ماقد حدث وجرى في إصفهان من إنتفاضة غاضبة وضعت النظام في موقف ووضع حرج لايحسد عليه، أعاد للإذهان مرة أخرى تفاصيل ومجريات الامور والمشاهد الغاضبة التي حدثت أثناء إنتفاضة 28 ديسمبر2017، وإنتفاضة 15 نوفمبر2019، إذ تم ترديد هتافات”الموت للديکتاتور”و”الموت لخامنئي” وکأن اليوم لم يختلف عن الامس وإن الشعب في عام 2021، هو ذات الشعب في 2017 و2019، فهو لم يکل ولم يمل من النضال والمواجهة ضد هذا النظام من أجل حريته ووضع حد له بإسقاطه.
في إنتفاضة إصفهان لفت النظر کثيرا تطور نوعي يمکن القول بأنه قد أصاب النظام بالرعب، ذلك إنه وعندما تسلل موالون وعملاء للنظام الى صفوف المحتجين وسعوا من أجل تحريف شعاراتها وجعلها تسير بسياق يميل للنظام، حيث إن هٶلاء وبعد أن أخذوا الميکروفون من يد منظمي الاحتجاج وناشدوا المرشد الاعلى للنظام على أمل تخفيف حدة غضب الناس وجعلهم يهدأون، غير إن المحتجين ماإن سمعوا بإسم خامنئي حتى طفقوا يهتفون بالموت له، وهو ماکان بمثابة رسالة واضحة جدا للنظام عموما ولشخص خامنئي خصوصا، ولذلك فإن حالة الخوف قد طغت وسيطرت على النظام وعلى وسائل إعلامه وبدأوا بالحديث عن دور منظمة مجاهدي خلق ومن إنها قد باتت تمسك بزمام الامور والقيادة في إنتفاضة إصفهان، ولذلك فإنه لم يکن بغريب أبدا على النظام وعلى أثر نداء الشعب لمظاهرات حاشدة يوم الجمعة 3 كانون الأول / ديسمبر الماضي، في أصفهان، أن يعلن النظام حكما عرفيا ويهدد بقمع أي تجمع شعبي، إذ أن النظام وبعد أن وجد إن الغضب الشعبي يزداد تأججا والعزم يتوطد أکثر على الاستمرار لمواصلة الانتفاضة وومواجهة النظام، فإن الاخير ولخوفه من أن تتسع دائرة الانتفاضة فتشمل مناطق أخرى في إيران وتغطي في النتيجة کل أنحاء البلاد، فإنه قد بادر لإتخاذ هکذا موقف يدل ويثبت مستوى خوفه من التطورات التي يمکن أن تحدث في هذه الانتفاضة.
منطقة نهر”زايندە رود” التي باتت رمزا وطنيا إيران للصمود بوجه النظام ومواجهته، فإن النظام قد أعلن حکما عرفيا في هذه المنطقة وذلك خوفا من تشكيل تجمعات عامة وتقييد وحظر حركة المرور من الساعة الخامسة صباحا على أطراف النهر والطريق المؤدي إلى جسر “خواجو” حيث سيتم بموجب ذلك إغلاق الشوارع والأزقة المؤدية إلى النهر من كلا الجانبين، في الشمال والجنوب، بدءا من الساعة 5:00 صباحا. وقطعا فإن هذه الاجراءات التي بادر النظام الايراني لإتخاذها من أجل قمع هذه الانتفاضة وإخمادها، إنما لأن النظام متيقن تماما من إن إصفهان ليست لوحدها وإن قلوب ومشاعر الشعب الايراني کلها معها وإنه الاوضاع إذا ماتفجرت هذه المرة فإنه وبحسب معظم المٶشرات من المستحيل على النظام السيطرة عليها بل وحتى يمکن القول بأنها ستجلب نهايته.