حاولتُ أن أفهم وأنا أقرأ مقطعاً من حديث رئيس الوزراء حيدر العبادي نشرته جميع الصحف يقول فيه :” لا توجد قوائم معدّة سلفاً لأسماء الفاسدين، وإنما هنالك سلسلة إجراءات لملاحقتهم “، ولهذا لاتسأل عزيزي القارئ عن أسماء وعناوين الذين حوّلوا ملايين الدولارات ” الخضراء ” إلى بلدانهم الثانية، وإن هذا الملف وأعني، ملف الفساد لن يفتح على مصراعيه، لأنّ هناك ” خطوط حمراء ” كثيرة لايمكن الاقتراب منها.
هل تصدقون مثلا أنّ القضاء العراقي الذي غرّم جواد الشهيلي ” 200″ دينار عداً ونقداً، ورفض أن يفتح ملفّ صلاح عبد الرزاق، وغضّ البصر عن ماجد النصراوي يمكن أن يصدر حكماً بإدانة رئيس مجلس محافظة البصرة السابق صباح البزوني ” هيهات ” قالها قبلي شيوخ من قبيلة رئيس مجلس المحافظة وهم يعتبرون الاقتراب من ابنهم ” جريمة لاتُغتفر “، ولهذا بشّرنا مجلس القضاء هذا اليوم مشكوراً بأنّ “البزوني أُفرج عنه، بقرار من محكمة التمييز الاتحادية لعدم كفاية الأدلة “.
أظن أننا لسنا بحاجة إلى مناقشة هل سيعرف المواطن أسماء الفاسدين أم لا، بل نضع حوافز وجوائز لمن يدلّنا على وجود مسؤول غير فاسد! فمسؤولونا والحمد لله ينشطون في أكل مال اليتامى والتحديق في العمولات والسهر الطويل من أجل إبرام الصفقات، فيما لا تزال الحكومة مع زميلها مجلس النواب يتقاذفان الشعارات والخطب البليغة : أيّهما يرفع راية الإصلاح؟ ومن يفتح صدره لمواجهة الإعلام المشاغب؟ لديكم حلّ واحد: اتركوا شعار ” الحرب على الفساد ” وارفعوا شعار ” من أين لكم هذا “، فهو ممتاز في الدعايات الانتخابية الجديدة، ألم تخرخ حنان الفتلاوي قبل يومين على إحدى الفضائيات تبكي حال الشعب وكيف أنّ الأحزاب سرقت ماله وحاله وقالت ” حفظها الله ” :” من أين لهذه الأحزاب كل هذه الأموال لتصرفها على الدعايات الانتخابية؟ ” كلام جميل وكلام معقول مثلما غنّت ذات يوم ليلى مراد، لكن اسمحي لي ياسيدتي حنان الفتلاوي أن أتقمّص شخصية المطرب محمد عبد الوهاب وهو يقول لراقية إبراهيم :” لو تسمحين أقدر أقول لك “، وتتذكرين أنّ راقية إبراهيم قالت لعبد الوهاب في فيلم رصاصة في القلب : ” أوي ” وهي تعني تفضل اسأل : ياسيدتي من أين لك بكلّ هذه الأموال التي تنفقينها على حركة إرادة ومقرّاتها التي تتوزّع في معظم المحافظات؟!.