18 ديسمبر، 2024 8:04 م

ليبيا و الطريق الثالث

ليبيا و الطريق الثالث

الصراع الاقليمي و الدولي في ليبيا هدفه شرعنة اطراف الصراع و اقصاء اي قوي ديمقراطية أو مدنية حقيقية و اقامة دكتاتورية بالتوافق بين قوة حكومة المليشيات الارهابية و قوة مليشيات حفتر، و الغاية النهائية قطع الطريق علي اقامة تجربة حكم رشيد و ديمقراطية في المنطقة.
ديمقراطية تونس قبلت علي مضض لاختلاف السياق المدني و الحداثي تاريخياً فيها و “هذا هو الأهم” لأن تونس دولة متواضعة اقتصادياً و لن يكون لتجربتها تأثير كبير علي الجوار.. أما ليبيا أو الجزائر أو العراق فلن تسمح القوي الاقليمية الراعية تاريخيا للاستبداد و انظمة حكم المخابرات بدمقراطية فيها، قد تسمح بنموذج محاصصات طائفية انما ليس ديمقراطية علي أسس المواطنة الكاملة و سيادة حكم القانون ..
لأن ديمقراطية كتلك سينتشر و يتفشي تأثيرها في المنطقة و ستصبح عبارات و مفردات من شاكلة “حرية التعبير” و “حق التجمع و التنظيم” و الحق في “المشاركة السياسية و المشاركة في ادارة الشأن العام” كلمات مألوفة و مطالب صاعدة باطراد و هذا يمثل اكبر كوابيس تلك القوي الاقليمية، بل و كابوس حتي لمعظم الديمقراطيات الغربية التي اعتادت و فهمت اسلوب عمل حكومات الهيمنة و المحاصصات الطائفية و تستطيع ان تحقق عبرها اهداف اقتصادية مهمة فيما يمثل “نظام جديد كلياً” أزمة قد تطول حتي تستقر المعاملات و المصالح الاقتصادية، و حين يتعلق الأمر بالمصالح فإن الحكومات الغربية “الديمقراطية” لا تعرف أمها حتي!
الي الأن تعمل هذه الاستراتيجية بنجاح، فالمليشيات الاخوانية في الغرب و مليشيات مشروع الديكتاتور حفتر في الشرق تتسيد المشهد علي الأرض و تتسيد المشهد السياسي في مختلف عواصم الوساطة!
فيما تحولت القوي المدنية و الديمقراطية الضعيفة أصلاً الي مجرد متفرج محائد معظم الاوقات أو يدعم هذا الطرف ضد الآخر!
في أيام حكمه الاولي و فتوته السياسية كان نظام القذافي يزعم انه يختط طريق ثالث خاص به و لا يوالي المعسكر الشيوعي أو المعسكر الرأسمالي، و إن كان في الواقع يختط نموذج لا يقل سوء عن اعتي الانظمة الديكتاتورية اليمينية أو اليسارية، نظام يقوم علي فردانية و فرادة الزعيم و يشاركه إلا من يسمح لهم من يشاركونه و شائج الدم و القربي!
لكن يبدو ان ليبيا لا فكاك لها من طريق ثالث اليوم ايضاً، طريق ثالث بين مليشيات التيارات المتشددة بقيادة السراج و مليشيات حفتر، طريق لا يعتمد علي قوة المليشيات و السلاح و التحالفات الدولية؛ انما يعتمد علي خطاب سياسي وطني مقبول و اجماع داخلي يوفر زخم كافي لمحاصرة نفوذ المليشيات و داعميها الاقليميين و يجبرهم علي خفض السلاح و الانخراط في عمل مدني و وطني ينهي مأساة الليبيين و يصون تراب ليبيا من ان يكون رقعة للعبة اقليمية أو دولية أو ساحة حرب مصالح و نفوذ اجنبي.