23 ديسمبر، 2024 2:45 ص

ليبيا :الايام  حبلى وتلد كل عجيب

ليبيا :الايام  حبلى وتلد كل عجيب

تجاذبات مرت عليها عام  بين حكومتي ليبيا المتنافستين في طبرق وطرابلس، يبدو أن المجهود المدعوم من الأمم المتحدة لتحويل ليبيا من بلد مقسم إلى بلد واحد تحت سلطة إدارة موحدة أتى أكله أخيرا.ولعله تجّلى التفاؤل الدولي على إثر تصريح المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، في الحادي عشر من ديسمبر، أن الحكومتين المتصارعتين في البلاد، (المؤتمر الوطني العام ذو الغالبية الإسلامية في الغرب ومجلس النواب المعترف به دوليا في الشرق)، مستعدتان لإمضاء اتفاقية لتقاسم السلطة وهذا ما حدث في السابع عشر من ديسمبر.في مدينة الصخيرات في المملكة المغربية .

وظهرت بوادر للاتفاق على توقيع أطراف الصراع الليبي اتفاقا نهائيا لتشكيل حكومة وفاق وطني منذ اسبوعين، حيث تم عقد اجتماع وزاري مخصص لبحث الأزمة الليبية، في روما، شارك فيه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، والممثلة العليا لسياسة الأمن والشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فدريكا موغريني، وعدد من وزراء الخارجية العرب والأوروبيين. واتفق المشاركون في المؤتمر، على دعم حكومة الوحدة الوطنية الليبية المرتقبة. لكن، يبقى هذا التفاؤل حذرا ويشوبه الكثير من التشكيك، يعكس سؤالا مطروحا بقوة في هذا السياق، وهو كم يبلغ حجم التأييد الذي يتمتع به اتفاق الأمم المتحدة.

ويجمع الاتفاق الليبي-الليبي السلطة في أيادي الفاعلين السياسيين في كل من طبرق وطرابلس، إذ يعرض هيكلا تمثيليا جديدا سيتولى اختيار لجنة تعين رئيس وزراء في ظرف خمسة عشر يوما بينما تقوم لجنة أخرى بمراجعة الدستور الليبي. ويكون لكل حكومة تمثيلية متساوية في اللجنتين المذكورتين. وينقل مركز ستراتفور عن احد المشاركين ، في مفاوضات الاتفاق الأممي، بأنهما قاما بتسمية الرئيس المؤقت مع رئيسي وزراء بالنيابة، وهما الآن يحاولان جمع ما يكفي من الدعم الدولي لجعل الاتفاق الليبي- الليبي منافسا قابلا للحياة حتى أنهما نشرا مقالا حوله في صحيفة “ذي هيل” الأميركية.

فعلى القيادات الوطنية الليبية التلاقي وتوحيد الصف من أجل بناء ليبيا المستقبل التي تحقق أماني الشعب الليبي وطموحاته في الحرية وبناء نظام سياسي ديمقراطي يعبر عن الإرادة الحرة الوطنية بحيث يحفظ استقلال ليبيا ووحدتها وأمنها واستقرارها.

والمطلوب من الساسة في هذا البلد المنكوب  فهم الولاء الذي يجب ان يكون للوطن  لا  للسلطة، لان الوطن، هوالذي يجمع الافراد والولاء له واجب بحكم الشعور بالانتماء، أما السلطة فهي زائلة ، وعندما تتجاوز حدودها فإنها تشوّه صورة الدولة، وسيكون على الدولة أن توقف السلطة عند حدّها من أجل الحفاظ على الاستقرار العام، فكلما تجسد الخيار الديمقراطي وترسخ ، كلما كان الولاء للدولة أعمق وأقوى، وكلما كان العكس ، كلما ضعف هذا الولاء بسبب شيوع الظلم والطغيان ومنطق الغلبة والمفكر الوحيد والقايد الأوحد.

الكثير يشككون في مقدار السيطرة التي يملكها أعضاء الحكومة الجديدة على المسلحين وعلى المتشددين الذين سارعوا لاستعراض قوتهم المسلحة في الماضي بغرض التأثير على القرارات السياسية. ويشير المحللون، في مركز ستراتفور، للدراسات الأمنية والاستراتيجية، إلى أن هناك خوفاً رئيسي في ملف الاتفاق الليبي الليبي، وهو أن الاتفاق الأممي ليس الاتفاق الوحيد على الطاولة، ففي اليوم نفسه الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة مقترحها أعلن فريق من النواب المنشقين من الحكومتين عن اتفاق منافس، وهو اتفاق يهدد بتقويض المفاوضات وتمديد عملية السلام.

وكانت الأطراف الليبية المتنازعة قد أعلنت منذ أيام في مؤتمر صحفي، توصلها إلى اتفاق مبدئي لإنهاء النزاع القائم بينها، بعد مفاوضات سرية جرت مؤخرا، بتونس. وأفرزت هذه المفاوضات، التي جمعت ممثلين عن مجلس نواب طبرق، والمؤتمر الوطني العام، إعلان مبادئ اتفاق وطني لحل الأزمة الليبية،

وقد وقع اطراف من الجانبيين  الاتفاق ويشمل على 3 نقاط، أهمها “تشكيل لجنة من 10 أعضاء من البرلمانيين (5 من مجلس نواب طبرق، ومثلهم من المؤتمر الوطني العام)، تقوم خلال أسبوعين، بالمساعدة على اختيار رئيس حكومة وفاق وطني، ونائبين له، أحدهما من المجلس، والآخر من المؤتمر”.

رغم كل ذلك فأن توقعات  الفشل للاتفاق الليبي- الليبي،هاجس يراود الجميع .؟

 الأمم المتحدة و كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي باركت الاتفاق، والعديد من دول الجوار؛ وكدليل على التوجس، يقول المحللون إن الرئيس التونسي في البداية أبدى تصريحات مساندة للاتفاق الذي وقع في بلده، لكنه سرعان ما أكد دعمه للاتفاق الأممي بعد ذلك، مشيرين إلى أن هذا الاتفاق يفرط في تبسيط هيكلة السلطة في ليبيا إلى درجة أن الكثير من الميليشيات والجماعات الجهوية سترفضه رفضا قاطعا بكل تأكيد . اليوم مطلوب من الساسة  العمل على ترسيخ الديمقراطية عبر مفاهيمها المتعارف عليها وفي الولاء  لليبيا ، وكل محاولة لخلق مفاهيم للتشويش على المنطق الديمقراطي ستؤدي إلى العودة إلى الوراء، وهو ما سيمثل خسارة محققة لدولة وللجميع . وضرورة اتباع الطرق السليمة والنموذجية في ادارة الحكم واخذ الايجابيات وترك السلبيات في التطبيق العملي لانها  هي البوصلة للنجاح والخروج من عنق الزجاجة. على كل حال الايام حبلى وتلد كل عجيب …