16 أبريل، 2024 6:50 ص
Search
Close this search box.

ليبيا ، متى ينتهى الجدل ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

ينظر التونسيون الى الوضع فى ليبيا نظرة تشاؤم واضحة و معلنة ، هذا الامر لم يعد سرا بالنسبة للمتابع و هو أمر منطقى لان استمرار تعفن الوضع الليبى لم يعد مقبولا خاصة بعد أن تبين الخيط الابيض من الاسود و بات الجميع على علم بحجم التدخلات الاجنبية و بحجم المؤامرة التى تديرها غرف عمليات خارجية لمزيد ضرب النسيج الاجتماعى و الاقتصادى الليبى الذى يشارف على الانهيار ، ليس من المفيد التذكير بان تونس و ليبيا دولة واحدة ، هذا ما يقوله التاريخ على الاقل ، لذلك لا يعتبر التونسيون ان الحديث عن الشأن الليبى يعتبر من باب التدخل فى الشؤون الداخلية للشعب الليبى بل هو مجرد تعبير عن المساندة المعنوية فى زمن قل فيها الاشقاء و الاصدقاء و بات الجميع لا يرون فى ليبيا الا ثرواتها الطبيعية و ما يمكن الاستحواذ عليه من غنائم ، ربما ليس هناك من يفهم العلاقة التونسية الليبية بهذا الشكل و من هذه الزاوية و يفضل الانزواء مع اصدقاء اجانب بحثا عن الحل و لكن و من واقع المنطق فان هذا العزوف و عدم القبول بالدور التونسى هو حرث فى البحر و ادامة للصراع البائس بين الاخوة و تدمير للثروات الليبية لا أكثر و لا اقل .

ربما يظهر للإخوة الليبيين ان الدور التونسى فى البحث عن حل للازمة باهت و غير واضح لكن على هؤلاء الانتباه أن من مزايا هذا الدور على الاقل انه دور لا يبحث عن منفعة او مصلحة بل على حل كامل مكتمل للازمة يحفظ وحدة التراب الليبى و يعطى للشعب الامال و الفرص للتغيير نحو الافضل ، فى السياسة الدولية هناك مصالح و تونس لها مصالح و العكس صحيح أيضا و لكن كيف يمكن النظر بواقعية الى المصالح و الوطن الليبى يعانى حالة من عدم الاستقرار و التفكك على جميع المستويات ، البناء الليبى اليوم يمكن أن يسقط على الجميع بما فيهم تونس و بلغة المنطق السياسى تسعى القيادة و الدبلوماسية التونسية الى البحث عن حل يتم بواسطته ايقاف النزيف الدموى المستمر منذ سنوات ، هذا الامر يبدو صعبا فى ضل عناد بعض الاطراف و نتيجة تدخل بعض الاطراف الخارجية الاخرى لكن من الواضح أن هناك خطوات بطيئة بدأت فى التعبير عن حالة من التقارب بين مكونات القيادات الليبية المختلفة لذلك كانت هناك اشارات معينة من هذه القيادات بضرورة استمرار الدور التونسى فى البحث عن مخرجات للازمة.

ربما لا “تتحدث ” الدبلوماسية التونسية و لا تكشف كل الاسرار و المطبات و الاختلافات الحاصلة فى الملف الليبى و لكن من الواضح للمتابع الفطن أن ما يعطل انجاز الحل هو انتشار السلاح بين الفصائل المتصارعة و صعوبة ضبطه و عدم رغبة الاطراف فى التخلى عنه بالسهولة المطلوبة ، هناك موضوع الاقصاء و هو اكثر المواضيع الشائكة التى أبطأت سرعة البحث عن حل و لعله من المفيد فى هذه اللحظة أن ندفع بالعقل الليبى الى الانتباه لما حصل فى تونس من مخاض عسير و الاستفادة من التجربة التونسية التى قفزت على هذا الموضوع الشائك بكثير من التحدى و الرغبة فى حله و هنا نتحدث عن انتصار لغة الحوار السياسى و لغة التوافق بين الفرقاء السياسيين فى تونس و هو ما اتفق على تسميته اصطلاحا بتوافق الشيخين راشد الغنوشى و الباجى قائد السبسى بحيث قبر ملف الاقصاء الى الابد و بحث الجميع عن مكامن الوحدة بدل البحث عن مكامن التفرقة و اشعال نار الانتقام و الاجتثاث ، ان ما يعطل الحل فى ليبيا هو العناد و البحث عن اقتلاع النقاط السياسية من جانب هذا الفريق او ذاك دون النظر و الاكتراث لما يعانيه المواطن الليبى ، عدم قبول الاطراف الليبية بجيش ليبى موحد بعيد عن منطق الميليشيات و الاستفراد بحمل السلاح هو أحد النقاط المهمة التى يجب حلها اذا كان من يدعون انهم يبحثون عن ارساء مفهوم الدولة لأنه لا يقبل فى أية دولة أن لا يكون لها جيش موحد .

ربما يتحاشى المتدخلون فى الاشكال الليبى الاشارة الى مكامن الخلاف أو الاطراف التى تعيق الوصول الى حل لكن من المهم اليوم أن يتفهم القادة الليبيون أن اصرارهم على تأبيد الصراع و رفض الحل السلمى للازمة بما يفترضه من تنازلات مؤلمة متبادلة قد تكون له انعكاسات سلبية على مستقبل ليبيا نفسها و اذا انفض الجميع من حول هذه القيادات الرافضة للحل و تركت ليبيا تواجه مصيرها تتقاذفها الاهواء و الانواء فربما يصبح الوضع مشابها للوضع الفلسطينى بشكل آخر خاصة و أن العالم اليوم يعانى صراعات مستمرة و متنقلة تدفعه الى تجاهل بعض المشاكل المستعصية التى يرفض اهلها الحل و القبول بالتنازلات ، نحن اذن امام وضعية صعبة تتطلب صحوة ضمير وطنية ليبية جماعية قادرة على انتشال الوطن الممزق من حالة الوهن المفروضة عليه نتيجة ظروف داخلية و خارجية معقدة ، ان الخطاب الذى نسمعه من بعض القيادات الليبية لا يساعد على ايجاد الحل بل يدفعنا الى الاعتقاد بان هناك أطراف قد انحازت الى مصالح الاجانب على حساب المصلحة الليبية العليا التى قامت عليها الثورة ، لنسأل فى الاخير هل هان الوطن على البعض حتى سامه المفلسون الاجانب .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب