23 نوفمبر، 2024 12:45 ص
Search
Close this search box.

لو يعلم مارك ؟

لو يعلم مارك ؟

يضيق صدر حرية الرأي أمام التشهير والقذف وتسقيط الاخرين وتشويه سمعتهم والتدخل بدقائق حياتهم الشخصية، الإعلام الفيسيبوكي في العراق لايشابه الاعلام الفيسبوكي في مصر الذي كان منطلقا لمرحلة التغيير السياسي والأجتماعي ورفض التطرف ، قد يعود الامر إلى البيئة التي نشأت فيها كلا من الشخصيتين العراقية والمصرية ، يتصور البعض أن حرية الرأي المفتوحة التي لاتخضع إلى ثوابت نعمة وفي الفقه الديني هناك قاعدة تقول (النعم المفرطة ..ابتعاد) ،وقد نلمس من هذه القاعدة تطابقاً اذا قلنا أن نعمة حرية التعبير في  الفيسبوك نعمة خالدة، لكنها لابدّ ان تبتعد عن انتهاك الحريات الشخصية، فابجديات الديمقراطية تقول أن حرية الرأي تقف أمام الحرية الشخصيةصحيح أن المادة 19 من لائحة حقوق الانسان  جعلت المادة مفتوحة بلا قيد لكن بعض الدول مثل بريطانيا وانكتلرا وحتى والولايات المتحددة استثنت التاثير على الامن الوطني وانتهاك الخصوصية من الفقرة 19 في لائحة حقوق الانسان العالمية ، هناك حقيقة طفحت بوضوح هذه الايام وهي  أن المجتمع العراقي المتعطش للحديث في الواقع الافتراضي كسول جدا على ارض الواقع ، و ينقد  من اجل النقد لا لغرض الحل، فعمليا لافائئدة من تفكك المشكلة وتشخيصها ونقدها من دون ان يُقدم الحل، يتجاوز النقد الرقمي حدود المعقول إلى مساحة التصادم واتخاذ المواقف المسبقة والاسراف في انتهاك الخصوية  وأصبح التفاخر الرقمي بكشف المحصنات وقذف الاعراض ورمي التهم بصبيانية من دون مراعاة الضرر الأجتماعي الذي سيقع على المنقود سائدا ومباحاً ، بالتأكيد لست من دعاة تكميم الافواه واغلاقها ولست ممن يؤمن بلغة الحب الاحادي ولااؤمن بنجاح اي عمل مالم يرافقه نقداً واعياً بناءا لا ذلك النقد السائج المسبوق برؤئ سياسية ودينية اي النقد المؤدلج الذي يلبس ثوب التشهير والقذف.

أنا على يقين تام أن مارك زوكربيرج وهو مؤسس شركة فيسوك لم يعلم أن العراقيين سيتغلون موقعه لتسقيط أحدهم الاخر المختلف معهم أو المتنافس على مركز أو منصب في الدولة، او قيام مجموعة متطرفة من السنة لتكفير الشيعة أو العكس،  من دون ادنى شك أن الفيسبوك لغة تواصل معرفي لا لغة تواصل فارغة وساذجة مغلفة ببث الاشاعات.

لاشك أن العمل الاعلامي لافائدة منه لو رافقه شبح تكميم الافواه وغلقها ، بصريح العبارة لافائدة من اعلام احادي يطبل ويزمر ولافائدة من اعلام اعور ينظر فقط العيوب وهذه العملية تماثل النشاط الفيسبوكي أو الذي اسميه الاعلام الشعبي فلافائدة منه اذا كان الناشط الرقمي سلبياً فقط وكذلك لافائدة منه اذا كان ايجابياً ومداحاً فقط ، خير الامور اوسطها وفي البحث العملي لاتنفع المعلومات التي يردها الباحث بلا دليل مقنع كذلك الحال يفترض ان لانستسلم للاشاعات بلا ادلة وأن نبحث عن الخفايا غير المعلنة دائماً

هناك حقيقة سيئة ان مجتمعنا تنتشر فيه الاشاعة بسرعة البرق وأن المتلقي العراقي يتفاعل معها على اساس أنها حقيقة ثابتة بلا تدقيق ولا إعادة  تلقي، فاذا نشر أحدهم منشورا ترى ان اغلبة التعليقات مسلمة بمصداقية هذا المنشور وهذا يعد احدى الوسائل السلبية في بناء قواعد تلقي المعلومات وتلعب العاطفة والقاعدة الشعبية العراقية (حب واحجي ..اكره واحجي ) دورا بارزاً في تأصيل مفهوم تحول الإعلام الفيسبوكي إلى اعلام شعبي (وشايتي ) وهنا سنفقد عنصرا مهماً من عناصر تعديل المسار وتصحيحه في المجتمع العراقي على مختلف المستويات وتداخلها.

سجل العراقيون رقماً قياسيا في الاشتراك في الفيسبوك لكن يبقى السؤال الاكثر أهمية من كل ذلك  هل اجدنا النقد بمعايير عقلانية أم انه أصبح لوحة رقمية لتصفية الخلافات وتفريغ الاحقاد…لو يعلم مارك؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات