الظلم الذي يتعرض له الشعب كبير، ووصل حدا لا يطاق. َكل شيء بات متحزباً، فليس لغير الخاضع لإبتزاز الاحزاب حق الناس في الحياة؛ اما العوز والفقر وفقدان فرص العيش الطبيعي او القبول بذل التبعية!..
ليس عيبا ان ينضوي الإنسان تحت فكر او مشروع سياسي، بل لعل هذا هو السياق الطبيعي، غير أنّ الذي نعيشه لا يندرج ضمن خانة الأفكار او المشاريع الانسانية، بل هو بازار سياسي واقطاعيات اقتصادية ومالية.
صحيح ان لغة التعميم مرفوضة، وهناك بعض الاستثناءات، إلّا انّ الواقع الذي نعيشه بات مرعبا، ولم يعد في هذا البلد مكان للعيش لغير مجموعة من الناعقين والمطبلين. لا يرتبطون بمن او ما ينتمون له سوى بالمال فقط، تارة وظيفة واخرى تمكينهم من سرقة قوت الناس وَحقوقهم.
في وسط هذه الظروف، ليس ثمة أمل يلوح في الافق، فلا الانتخابات قادرة على تصحيح المسار ولا نصائح المخلصين مسموعة من قبل المتتفذين. وليس سوى الثورة الهادفة لإقتلاع جذور الفساد والمفسدين، وهذا هو الهدف الوحيد لها. ثورة بها من الوعي ما يجعلها تميز بين من يجب زواله ومن يجوز بقاءه.
لقد كان في تشرين فرصة لا يمكن تكرارها، غير أنّ تطرف الأصوات التي قادتها وسرقة احلام جمهورها، هو السبب الوحيد وراء اخفاقها. تركت تلك الأصوات المتطرفة الفاسدين، واستهدفت الله والدين، تركت الداخل المستباح، وعادت الخارج تارة وصفقت له أو تبعته تارة أخرى، بل كان موجها لها في بعض الأحيان. فتبدلت أهدافها العظيمة، إلى ردة عكسية، حيث استطاعت الحفاظ على مكاسبهم وانقاذهم.
لم يكن الاشتراك بالفساد هدفها، بل كان القضاء عليه غاية فقراءها، بيد انها، وما ان انجلت غبرتها حتى ذهب بعض الناطقين بإسمها إلى الغنيمة، ليشاركو في نهب ما تبقى.
هذا التطرف، مثّل طوق النجاة للفاسدين.
امنيات شعب كامل تتلاشى في غرف التآمر الاقتصادي واللصوصية الحزبية التي تتمظهر بسرقات شتى، ابرزها حقوق الخريجين العاطلين الذين يفترشون ارصفة الوطن المستباح.