10 أبريل، 2024 10:40 ص
Search
Close this search box.

لو كنا نفهم (عليّا) ، ما حصل لنا ما حصل ..

Facebook
Twitter
LinkedIn

لو كنا نفهم (عليا) ، ما هتفنا (علي وياك علي) لكل من هب ودب ، من الفاسدين أم غير الفاسدين ، أم من الأمّعات الذليلة أم من السراق الكبار ! ، وكأن (علي) رهن اشارة (اللي خلفونا) ، نستدعيه ساعة نشاء !.
علي العملاق ، ذلك الفيلسوف الكبير ، والمصلح والمربّي العظيم ، علي ، الفكر الجبار ، والمبادئ الراقية حد الأعجاز !، صاحب الحلول السحرية لكل مشاكل الأرض ، علي العدالة والحق الذي ليس دونه سوى الباطل ، علي ، المولع بالحرية التي أرادها مسؤولة واعية ، وبنفس الوقت ، هو علي الذي يهابه حتى الموت ! .
الجميع يدعي بحبه لعلي ، لكن هل نملك تعريفا للحب ؟ لو كنا كذلك ما تناحر حتى الأخ مع أخيه ، ما تناحر أفراد العشيرة الواحدة ، ثم العشائر مع بعضها ، ثم الطوائف والمناطق ضد بعضها ! ، وما تكالب علينا السراق والفاسدون .هل من الحب أن نذرف دمعة ، حتى لو كان ذلك تمثيلا بارعا !؟ ، ثم ننسى ونتناسى كل المبادئ في الحق والعدل وسهولة الأخلاق ، واغاثة الملهوف والتعامل اللين ورد الأمانة والصدق مع النفس والناس ، حب لا تترتب عليه الآثار ليس حبا ، حب بدون تضحية وانقياد للمحبوب والمعشوق (علي) والذي هو عشق لله ليس حبا ، حب دون انغماس وتبني لشيء يسير لمبادئ (علي) ، ليس حبا .افضى زميل لي وهو مهندس قائلا (ما دمت أحب عليا ، فلن أدخل النار رغم كل شيء) !، فاذا كانت هذه عقلية مهندس ، فما بالك بالانسان البسيط !؟. فوالله لو تمثلنا بواحد بالمائة من أخلاقه ومبادئه ، ما حصل لنا ما حصل ، فنحن نعلم أن (عليا) لا يُقاس به أحد وأجزم انه من المستحيل مجاراته في (عباداته) فقط دون الجوانب الأخرى ، فلا يقوى عليها بشر ! كما قال (الا وأن أمامكم قد أكتفى من دنياه بطمريه ، ومن طعامه بقرصيه ، الا وانكم لا تقدرون على ذلك ، ولكن أعينوني بورع وأجتهاد) !..فهل (أعنّاه) بالورع والأجتهاد كما أراد ؟ هل سألتم أنفسكم يوما ، كم كان عدد (الخُلّص) من اصحابه ؟ انهم لا يتجاوزون اصابع اليد الواحدة ! فلماذا !؟ ، ألم تسألوا أنفسكم ، كيف أن  (عليا) قضى آخر أيامه متبرما من الحياة ، ساخطا عليها الى درجة تمني الموت كما قال :
ألا أيها الموت الذي ليس بتاركي ….أرحني ، فقد أفنيت كل خليل..
أراك بصيرا بالذين أحبهم …..كأنك تسعى نحوهم بدليلي ….
بربكم ، هل شاهدتم بشرا في مشارق الأرض ومغاربها ، يهلل مرحبا ومستقبلا للموت وكأنه بشرى طال انتظارها ،الى درجة ان فرحة الأستشهاد والخلاص انسته الألم تماما ! ، وذلك بنفس لحظة غوص السيف المسموم عميقا في جمجمته ! ، فأي تبرم من الحياة كان يعيشه هذا الرجل العظيم ؟!.
والسبب يأسه من المحكومين ، لقد عرف أنهم أصغر من استيعاب مبادئه ، وانهم ليسوا أهلا لها ، كان يعلم انه سبق عصره بدهور عديدة ، فما الذي تغير في انساننا منذ ذلك الحين ؟!، علي ، وقد تاجرت بمبادئه كل الأحزاب الشيعية قاطبة ، علي مجرد يافطة لجذب الأنصار لأجل ملء بطون صناديق الاقتراع !.
قلتُ يوما مخاطبا عليا (سطرتَ اسفارك بحروفٍ شفافةٍ وصُلبةٍ كالماس ، فلم تتبينها عقول الناس السميكة ، وعجزت كل أزاميلهم ومعاولهم عن مسحها ، وكاد (النهج) يضيعُ ، فلوّنها نجلكَ الشهيدُ بالدم ، فهكذا تقرأ الناس الكلمات )! ، ونحن لا نكل عن الهتاف ورفع لافتات (لبيك يا حسين) ، فاذا لم ننصره قبل 1400 عام وهو يقول (أما من ناصرٍ ينصرنا) وهو يتعرّض للذبح والأبادة !، فكيف سننصره الآن ، بماذا سنلبيه ، بأي مطلب ، ما الذي تغير !؟ ، هل بالرثائيات وندب النفس والبكاء وكأنه ترجمة للشعور بالذنب لخذلانه ! ، وما ينتج عن ذلك من غرسٍ لروح الأستسلام والعبودية للظالمين والفاسدين والسراق ، هل بالمسير الطويل نحو أضرحتهم الشريفة ، فما أكثر الضجيج وما أكثر الحجيج !، استحلفكم بالله ايها السائرون ، ما نسبة السائرين رياءَ ؟، رقما ضخما ، اليس كذلك ، وما عداهم أقبّل تراب أقدامهم !، كل طموح أهل البيت عليهم السلام كان التحلي بالأخلاق والأمانة و بالأنسانية وعدم المساومة على العدل والحق ، كَبُر أم صَغُر ، ورفض الظلم والرياء ، والأستئناس بالرأي الآخر بشكل نجعل العالم يحسدنا عليها !.
قال (مظفر النواب) :
ٳلهي ، أنت لا بدّ أن تغفر للكُفرِ ، ٳن كان حُرّا أبيّا ..
وهيهات أن تغفر (للمؤمنين) العبيد !…

وها هو (مظفر النواب) يرسل سلامه من الغربة الى الكوفة ، ولعليّ ، شريطة ان يكون الناس نياما ! قائلا :يا طير البرق ..
أحمل لبلادي حين ينام الناسُ سلامي ….
للخط الكوفي يُتم صلاةَ الصبحِ ….
بأفريزِ جوامعها ، لشوارعها ، للصبرِ …
(لعليّ) يتوضأ بالسيف قبيل الفجرِ …

انبيك (عليا) ما زلنا …
نتوضأ بالذل ونمسح بالخرقة حد السيف …
ما زلنا ، نتحجج بالبرد وحرّ الصيف …
لو جئتَ اليوم ، لحاربكَ الداعون اليك ! …
ولعمري ، لا أجد (مظفرا) ، مبالغا في شطره الأخير ! ، وها قد تحول بلدنا الى خراب ، لكني أدعو الله ، لا لأقول (ما ذنبنا يا رب) ، بل أقول (الهي ، مزيدا من الحلم علينا بحق علي )! … 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب