احتلت النرويج المرتبة الأولى ضمن تصنيف التنمية البشرية في تقرير الامم المتحدة الانمائي لعام 2019 الذي شمل 189 دولة، وكان العراق في المرتبة 120 من هذا التصنيف.
التنمية البشرية تمثل مقياس الرفاهية لدى شعوب العالم ضمن معاير الصحة والتعليم ودخل الفرد السنوي. هدف التنمية تحقيق النمو وتطور اقتصاد الدول وتحسين الاوضاع للشعوب وخلق التنافس للعيش الكريم.
نتائج التقرير السنوي للتنمية البشرية يبين في طياته نتائج وقراءة مستقبل الفرد اعتمادا على ثلاث جوانب: صحية، اقتصادية وتعليمية مثلا الطفل الذي يولد في النرويج، يتوقع له أن يعيش أكثر من 82 عاما وأن يتم 18 عاما تقريبا من الدراسة. بينما الطفل الذي يولد في العراق , البلد الذي يسجل قيمة متواضعة جدا في مؤشر التنمية، فيتوقع ألا يتجاوز عمره 60 عاما وألا يمضي أكثر من ستة أعوام في المدرسة.
ترى ما هذا البون الشاسع بين النرويج والعراق؟ هل تمتلك النرويج اكثر موارد طبيعية من العراق؟ هل تقاس الدول الغنية بكثرة ثرواتها وطبيعة العلاقة بين الثروة والتنمية البشرية (مؤشر السعادة) لو صح التعبير؟
اكتشفت النرويج ثروتها النفطية في عام 1970 سبقها العراق في الاكتشاف ب اربعين سنة ( 1927) وكان يحتل المرتبة الثانية والثالثة في الاحتياطي النفطي العالمي لكنه اصبح الان الخامس في الاحتياط بسبب توقف عمليات الاستكشاف واستمرارها في الدول الاخرى، حيث يمتلك احتياطي نفطي ب 147مليار برميل بينما يقدر احتياط النرويج ب 7 مليار برميل لسنة 2019.
مما تقدم يبدو ان الدول تخضع لعوامل سياسية واقتصادية واجتماعية تحدد نوع العلاقة بين الثروة النفطية ومؤشرات التنمية البشرية قد تكون ايجابية او سلبية، ولا دخل لحجم الثروات في رفع مستويات الرفاهية لدى الشعوب.
العراق بكثرة ثرواته يعاني سوء ادارة وعشوائية في توظيف تلك الثروات لصالح الشعب واستثمارها في الصناعات التحويلية وتوفير فرص العمل وتطوير الموارد البشرية لأنها رأس المال الحقيقي.
الخلل كبير في ادارة وعدالة توزيع الثروة الوطنية من غير الممكن ان يستأثر الموظفون السابقين والحالين في القطاع العام دون بقيت المواطنون الذين لهم الحق فيها لأنها ثروة وطنية للجميع, بعد ان غيب القطاع الخاص واصبح تفعيله في خبر كان , اما تخصيص الاموال لمشاريع الاستثمار لا تذكر لها قيمة امام موازنات استهلاكية رواتب ونفقات ومشتريات تبتلع اكثر من 90% من واردات الدولة.
نتيجة ماسبق اختمها بمقولة نصير الفقراء وعدو الاستئثار قائد الاصلاح علي ابن ابي طالب في قوله
“لو كان الفقر رجلاً لقتلته”! بمعنى كل من يسرق ويفقر الناس يستحق القتل..
هذا هو جوهر الاسلام ومضمونه الحقيقي في تحقيق المساواة والعدالة للانسان والحرص على كرامته وتوفير سبل العيش..
ها هي معاير التنمية البشرية التي نادى بها علي (ع) قبل 1400 عام تستثمرها دول النرويج وسويسرا واستراليا وغيرها…
وبحمد الله لازال سيف الفقر يا أبا ذر يبحث عن رأس الفساد لان البقر تشابه علينا.