أستوقفني برنامج تلفزيوني يعرض على إحدى القنوات العربية يقدمه الإعلامي أحمد الشقيري, وهو برنامج ديني يتحدث عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف ستكون تصرفاته، لو كان بيننا في هذه الايام، في محاولة بسيطة لإعادة إحياء السيرة النبوية والأخلاق المحمدية في الشوارع العربية، وبذلك تخرج هذه السيرة العطرة من غياهب الكتب والوعظ إلى العمل والتطبيق الفعلي.
نريد اليوم أن نرصد مدى انسجام فكر السيد الشهيد الصدر الأول مع ما تركه من امتداد سياسي متمثل بحزب الدعوة، فلو كان الصدر بيننا هل كان ليسمح بأن تتدنى سمعة هذا الحزب العريق الذي أراد له أن يكون واحداً من بين طلائع الأحزاب الإسلامية التي تقود الأمة حاملة فلسفة سياسية واقتصادية واجتماعية تعالج المجتمع بكل تنوعاته وتمفصلاته.
لو كان الصدر بيننا هل كان ليرضى بوجود الحزب الذي اسسه على رأس الحكم وغالبية الشعب العراقي تشعر بظلم يقع على الفقراء والمحرومين .؟
لو كان الصدر بيننا هل كان ليقبل بشخص يقود الحزب يقصي شركاءه في التحالف ويبعدهم عن مفاصل إدارة الدولة، ويحمل هو وحزبه معاول السلطة ليسيطر على السلطة التنفيذية والقضائية ورئاسة الجمهورية ويحارب السلطة التشريعية ومتمسك بمناصب لا حصر لها بالوكالة.؟
لو كان الصدر بيننا هل كان ليرضى عن زعيم الحزب الذي أسسه، يصف أبناء الصدرين المضحين بأنهم اسوء من القاعدة هذه الثلة المجرمة التي تفتك بالناس قتلا وترهيباً بلا تمييز بين رجل وإمرأة، وطلف وشاب وعجوز.؟
لو كان الصدر بيننا هل كان ليقبل بأن يتم التستر على الفاسدين والمفسدين، وهل كان ليرضى بأن يكون العراق ثالث أفسد دول بالعالم وفقا تقارير الشفافية الدولية، وحزب إسلامي يقود دولة تسبح في الفساد.؟
لو كان الصدر بيننا هل كان يقبل بحكومة تفتقر إلى أبسط الخدمات من ماء وكهرباء وبنى تحتية بميزانيات “انفجارية” وصلت إلى أكثر من مائة مليار دولار سنوياً؟
لو كان الصدر بيننا هل كان ليقبل استثناء 16 ألف بعثي من اجراءات المساءلة والعدالة واعادة جزء كبير منهم إلى الخدمة، ووجود أكثر من 35 مدير عام في وزارة الداخلية يقودون الوزارة بالرغم من شمولهم باجراءات المساءلة والعدالة، رغم أن دماء شهداء الدعوة وغيرهم لم تجف لهذه اللحظة؟ “لو كان اصبعي بعثياً لقطعته”
لو كان الصدر بيننا هل كان يقبل بظلم طائفته بعد أن عانت لعشرات السنين من ظلم نظام يتلذذ بقتلهم، وهو يحرص على اطلاق سراح اشخاص ربما تورطوا بدماء العراقيين، بينما لا زالت 12 ألف مذكرة قبض في مدينة العمارة سارية المفعول وأبناء التيار الصدري مُطاردون ليل نهار من قبل الحزب الحاكم وآلاف قابعون في سجونه بسبب مقاومة المحتل.؟
ولو كان الصدر الأول بيننا هل كان ليرضى بأن يبقى حزب في السلطة لم يقدم لشعبه سوى الفساد وميليشيات تسعى إلى شق وحدة أبناء الصدرين، وأشخاص غير كفوئين وفاسدين.
ولوكان الصدر بيننا…؟