كنت ولا زلت اعتقد أنّ شعار الدين لله والوطن للجميع هو الأقرب للإيمان منه إلى الكفر , ويتّفق مع قوله تعالى ( لا إكراه في الدين ) وقوله تعالى ( لكم دينكم ولي دين ) , وقول علي بن أبي طالب ( الناس صنفان أمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ) , بمعنى أنّ الوطن للكافر والمؤمن على حد سواء , فالوطن للجميع , فهو للمسلم والمسيحي واليهودي والصابئي والأيزيدي واللا ديني , ومن يعتقد أنّ شعار الدين لله والوطن للجميع هو دعوة لتعطيل الأحكام الشرعية عن الخارجين على الشريعة , فردّنا عليه أن البلد ليس للمسلمين فقط حتى تطّبق فيه أحكام الشريعة الإسلامية , ولا يمكن للبلد أن يخضع لتصورات المسلم أو المسيحي أو اليهودي أو الصابئ أو الأيزيدي أو حتى اللا ديني , كما أنّ المسلمين أنفسهم قد توّزعوا بين شيعي وسني ووهابي وسلفي , ولم تعد شهادة ألا إله الله وأنّ محمدا رسول الله كافية لحقن دمائهم ومنع قتلهم بأبشع وسائل القتل أو منع اغتصاب نسائهم وحرقهنّ بعد الاغتصاب .
ولو كان النظام السياسي القائم في العراق قد قام على مبدأ الدين لله والوطن للجميع , لما كتب الدستور العراقي بهذه الطريقة المشوّهة , ولما أصبح الشيعة والسنة والكورد كلّ منهم في كتلة سياسية معادية للكتلة الأخرى , ولما اندلعت الحرب الطائفية بين الشيعة والسنّة , ولما تمّ تفجير مرقدي الأماميين العسكريين في سامراء , ولما انجرف الانفصاليون الكورد بعيدا عن الوطن وأصبحوا يتباهون بأنّهم ليسوا عراقيين , ولما حدث هذا الشرخ الكبير في النسيج الاجتماعي العراقي , ولما تمّكنّ الانتهازيون والوصوليون من القفز إلى مواقع الدولة العليا ونهب وسرقة المال العام , ولما غابت روح التسامح بين أبناء البلد , ولما شاعت الكراهية بينهم , ولما احتجنا أصلا لأي تسوية تاريخية أو غير تاريخية , فبدون تطبيق شعار الدين لله والوطن للجميع لا يمكننا بناء دولة المواطنة التي تعتمد على هذا المبدأ كأساس لها , ولا أجد سبيلا لنهضة هذا البلد والخروج من هذا المأزق إلا بوضع مبدأ الدين لله والوطن للجميع موضع التطبيق .