سفينة الأنبار منذ عام (2003)، حملت نوعين من التوابيت، شئنا أم أبينا، ذلك أن أوضاع المحافظة، مختلفة عن بقية المحافظات، بسبب المناكفات والمهاترات السياسية، التي أغرقت الناس بين زيد وعبيد، وكلاهما لم يستوعبا أحداث التغيير، كما يجب لأن القائمة السوداء، التي كتبها شيوخ الفتنة والدهاء، في ساحات الإعتصام، كانت وفق سيناريو، يمثل أجندة واضحة المعالم.واقع هزيل لا يليق بمحافظة، يسودها الجو العشائري الملتزم، وتتوفر فيها مقومات رجال الدين، وذوي الكفاءات الوطنية، وعلاقات المصاهرة مع أغلب محافظات العراق، فكيف يستشري هذا الواقع الأليم فيها؟! أجندات داخلية وخارجية، تحمل بغضاً وحقداً، على التجربة الديمقراطية، التي لا تساندها ولا تدعمها، بأي شكل من الأشكال، إلا في مجال الإرهاب والتطرف، والتمويل الفوضوي لا أكثر، وعليه ضاعت المحافظة بين التهديد، والتنديد، والوعيد!لساحات الذل والهوان دور فعال، في زراعة الفتنة، عندما عزفوا على وتر التهميش والإقصاء، وعمائم الطائفية من ذيول السلفية المقيتة، إستطاعوا أن يوهموا أهل المحافظة، بضرورة البقاء في خيم المؤامرة، وإطلاق مسميات ما أنزل الباريء بها من سلطان، لا تمت بصلة لجذور المجتمع العراقي الأصيل، مع علمنا بأن حكومة الفشل، لها باع بنشوء هذه الفتنة، عندما أصبحت الناعور، الذي يسقي مازرعته أيادي الموت من طائفية، وذلك بعدم وضع الحلول المناسبة، والإعتدال في طرح القضايا الخاصة بالمحافظة. أسباب كثيرة، ساعدت على إشعال فتيل الفتنة والطائفية، حتى أمست المحافظة، تحت إمرة الدواعش، حين وضعت الجوامع والمساجد، مآذنها تحت سلطتهم، فأندهش أهلها من التكبير خاصتهم، فلم يعني إيذاناً بوقت الصلاة، بل لحصد الرؤوس، وقطع الرقاب، التي اعتبرت رافضية، ومرتدة، وخارجة عن دينهم، الذي جاءوا به من أجل القتل، والإغتصاب، والسرقة.الأنبار وواقعها المرزي، بعد أن تمكن الإرهاب منها، وإستبيحت الأرض وأهلها، باتت المحافظة تعاني، من جلطة ثلاثية الأبعاد، فمرة بسبب تخبط الحكومة، في معالجة أوضاعها، ومرة بسبب فشل الحكومة المحلية، في حلحلة مشاكلها الداخلية، بين صفحات الصحوات، والمقاومة الشريفة للمحتل، وبين المناصب السياسية، وبين أجندات رفاق المذهب، ومرة بسبب مخططات الدول الإقليمية، التي تشمر بسواعدها، لمساعدة المضطهدين حسبما يدعون، فلم تجد سوى فلمها المرعب داعش، لتبثه على شاشات العرض العراقية، فأخذت الخلافة والشورى، تلقيا رواجاً في المحافظة، بدعوى إسترجاع الحقوق المغتصبة، وحدث ما حدث.ختاماً: لو لم يكن هناك، تسقيط بين الأحزاب المتصارعة، لو لم ينفرد قائد الضرورة بقراراته، لو لم تأخذه العزة بالفشل، في أيام حكمه، لو لم يستهن بمَنْ نادى أنبارنا الصامدة، وجيرها الى خانة الخضوع والجبن، لأستطاع العراق اليوم، حقن دماء أبنائه الزكية، وعدم صرف ما يقارب (40) مليار دولار لتحريرها، ولكن مكتوب على الشعب العراقي، أن يدفع ثمن أخطاء المستهترين من الساسة.