23 ديسمبر، 2024 2:28 م

لويس ساكو …. شيعيا

لويس ساكو …. شيعيا

عرفته لاول مرة في كنيسته خلال  لقاء ضمني مع صحفي ايطالي ، تحدثنا عن هموم  مدينته كركوك ، العراق المصغر ، واليات تعامله اليومي مع فرقاء السلطة فيها وكيف بات بيته  وكنيسته الملاذ لحل خلافاتهم وتوقفت كثيرا عند كلماته عن  قبول الطرفين ( شيعة وسنة) الافطار على  مائدته العامرة خلال  ايام شهر رمضان الفضيل فيما لا يقبل اي منها الافطار على مائدة الاخر  .
ولم التق بعدها  بالرجل الذي يتكلم  7 لغات ، وله اكثر  من شهادة دكتوراه “حقيقية” في علوم  اللاهوت والاديان وله كاتب اهداني نسخة منه عن حوار الاديان ، واليوم شاهدته يجلس بيننا في مجلس عزاء  نظمه مكتب السيد عمار الحكيم ، رئيس المجلس  الاسلامي  الاعلى ، وهو الرجل الذي يحتل قمة الهرم الديني اللاهوتي  المسيحي  في العراق  والشرق الاوسط  ،وهي درجة رفيعة  في  سلم ارتقاء  مراتب الفاتيكان الدينية .
جلس الرجل  من دون ان احظ بشرف السلام عليه وسط  جموع  مجلس  العزاء المزدحم ، فضلا  عن مصاحبته للسيد عمار الحكيم ، لكني  لاحظت فيه اطراقه وتفكيره بما يدور حوله من شعائر حسينية ، وكيف يصافح  بكلتا يديه  معزيا  ومآسيا اقرانه بمصيبة سيد الشهداء ابا عبد الله الحسين “ع”  .
كل ذلك يطرح السؤال المركزي عن اتيان بما لم تأت به الاوائل ، لماذا لا يحضر  قيادات اهل السنة  مثل  هذه المجالس ليس لإضافة شيء جديد عليها غير اعلام المجتمع ، والجمهور السياسي العريض لكتلهم البرلمانية  بان  هذه الشعائر تمثل خصوصية مجتمعية  تتطلب احترامها، كما  مطلوب  من القائمين عليها  حضور المناسبات الممثلة كخصائص  مجتمعية   للطرف المذهبي الاخر ، وهذا الاحترام المتبادل بين القيادات  السياسية  والدينية والمجتمعية ، يسري على جميع اطراف المكونات المجتمعية باعتبار  ان الخصوصية الشعائرية للآخر  موضع احترام وتقدير ، وليس  استهجان  وتسقيط  اجتماعي  وسياسي، وهذا الامر يرجع ايضا لأصحاب المنابر الحسينية ، ليس بعدم ذكر  تلك الواقعة التاريخية للطف  وما حصل فيها من مأساة  وما فيها من شواهد انسانية ، بل الكف عن الاتيان بالمقارنة بين ما يحصل اليوم  على التشيع السياسي من مضاربات مذهبية تقوم بها السلفية الدينية، حتى باتت موضوع المقارنة بين الشخوص  بأسمائهم بين الامس البعيد  وبين اليوم  مثار فتنة  طائفية  مقيتة  .
 ربما ادمعت عيون المطران ساكو وهو يستمع للعزاء الحسيني، لكن لا اعتقد جازما بان يقينه كان بان من قتله قبل 1400 عاما هم اليوم من يقتلون الشيعة، او يهجرون المسيحيين  من ابناء جلدته ، وهو الذي واصل حواراته  في  هدوء وتمكن من دون ضجيج اعلامي ، في وقت ما انفكت قيادات الشيعة  انفسهم  بالصراخ  المقرف  وهو يتصارعون على السلطة فيما لا خاسر غير  جمهور  ناخبيهم  .
  يضاف الى القول ان قيادات الاحزاب الشيعية وربما مراجعهم الكبار لم يخرجوا عن سياق التقليد  لمثل هذه المشاركة ، فيحضر احدهم  مناسبات دينية لأعياد المسيحيين ، او يصلي في  جوامع اهل السنة صلاة الجمعة ، ربما يقول قائل  ان العمر والوضع الامني يحددان مثل هذه المشاركة وتترك للوكلاء  والزعامات الدينية السياسية، لكن هل يعرف الجميع ان  مثل  هذه المشاركات تكسر  حواجز الفتنة بين المكونات التي وضعت في الدستور العراقي ، ومطلوب افعالا  وليس  مجرد اقوالا  لتجسير الفجوات التي  احدثتها  الحرب الطائفية، ولنا في اقوال الشهيد الصدر الاول ” اية الله  محمد باقر الصدر ،مؤسس حزب الدعوة الاسلامية”حينما خطاب الجميع بأخي الشيعي والسني، وما يكرره اية الله السيستاني  بان اهل السنة انفسنا ، عسى ان تكون  مناسبة عاشوراء  وايام الحزن فيها على  واقعة الطف  واخلاقيات  الحسين “ع” واصحابه ، نموذجا يحتذي به قادة الاحزاب  الاسلاموية  الشيعية ، عندها  تتوجه العقول  الى صناديق الاقتراح  بروح مفتوحة  لانتخاب  القوى الامين وليس قبلها .