23 ديسمبر، 2024 5:45 ص

لولا العراق لوصل الإرهاب إلى أبواب طهران

لولا العراق لوصل الإرهاب إلى أبواب طهران

وسط المقتلة اليومية التي يشهدها العراق والتي لا نحتاج أن نكون عباقرة لنكتشف أننا ساحة لتصفية حسابات وصراع بين أمم ودول شتى، وأننا نخوض حرباً نيابة عن الشرق الغرب، لا نتفاجئ أن نسمع بين الحين والآخر أصوات تمجد الدولة الفلانية أو الأمة الفلانية لأهداف انتفاعية شخصية أو فئوية، وآخرها أو أهم آخرها، تصريحات لبعض البرلمانيين العراقيين الذين امتهنوا السلاح منذ عقود، وكالمعتاد هذا البرلماني شأنه شأن الكثير من التيارات المتأسلمة لا يمتلك المؤهلات الأكاديمية للترشح لعضوية البرلمان بعد أن حصل هو ورفاقه على شهادات عالية من جامعات طهران، ليس هذا مهما الآن، المهم أن هذا الشخص شأنه شأن الكثير من العراقيين الشيعة (تحديداً) يؤكدون أن إيران هي التي حافظت على العراق بعد أن كاد يسقط بيد الإرهابيين، وقد سبقهم في ذلك الرئيس الإيراني حسن روحاني حينا صرح من نيويورك في ايلول من السنة الماضية بما يلي : (كانت ايران في الاحداث الاخيرة في العراق سباقة ورائدة حيث لبت ايران دعوة الشعب العراقي وسارعت الى دعم الحكومة والشعب العراقي. معتبراً أنه : لو لم يكن هذا الدعم والتنسيق لربما كانت بغداد اليوم بيد الارهابيين). ولا نستغرب من هذه العنجهية من الرئيس الإيراني، ولا نستغربها من الأحزاب التي تربت ورضعت من الإحسان الإيراني، إلا أن المثير للإستغراب هو هذا الصمت المطبق من قبل الجميع على هذا الكذب المتواصل، وهو شعار لطالما عرفناه عن هؤلاء، والحقيقة التي لا بد أن تكون ماثلة هي العكس من ذلك تماماً، وهو ما عنونَّا به هذا المقال، لولا العراق لوصل الإرهاب إلى أبواب طهران من دون مبالغات، ليس هذا فحسب بل لولا التدخل السافر والمدمر من قبل الايرانيين وعتاة الخليج، لما وصل الحال بالبلاد إلى هذا الوضع البائس، فعندما دخلت الولايات المتحدة الى العراق كان هدفها التالي هو إيران، ولكن الأخيرة استغلت شيعة العراق خير استغلال لإقحامهم في مواجهات مع الأمريكان حتى خروجهم من العراق، فكانت هي المستفيد الوحيد، وكان العراق هو الخاسر الوحيد.
وبعد أن حصلت الفوضى السورية دخل العراق نيابة عن إيران في هذه الفوضى، وكان الممر الأساس لوصول المساندة الإيرانية، وهي مساندة لا تتعدى السلاح والخبرات، بينما جهزت حكومة المالكي حينها عشرة آلاف مقاتل وزجتهم في أتون الفتنة القذرة في سوريا، وبالفعل ساهم هؤلاء المقاتلين في إيقاف الزحف المعادي للمجرم بشار الأسد، وبردة فعل طبيعية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، تم الدفع بداعش إلى العراق بعد أن حصل اتفاق بينهم وبين البعض في القيادة العراقية لتوجيه أوامر بالانسحاب من الموصل أملاً ببقاءه في السلطة كرة ثالثة، وكما حصل بتوريط صدام في الكويت تورط (الحجي) بسقوط الموصل، والهدف الأمريكي الخليجي التركي من إدخال داعش هو الضغط على روسيا وتابعتها إيران من عدة نواحي، منها إيقاف تأييد المجرم بشار الأسد، والدفع بمفاوضات النووي الإيراني إلى الأمام، وغيرها مما سنتحدث عنه في مناسبة أخرى.
بعد كل هذا يقول روحاني بكل صلافة ما يقوله، ومن الواضح مرة أخرى أن العراقيين هم الذين أوقفوا زحف الإرهابيين والبعثيين لا غير، وهو ما أثار جنون الأمريكان، خاصة بعد موقعة آمرلي، ونعلم أن الأهداف كانت إيصال الزحف إلى الحدود الغربية لإيران، أي ديالى، ولكن تصدى العراقيون لهم. لذلك نجد هذه المرارة بكلمات المرجع اليعقوبي قبل أيام وهو يؤكد على الشعب العراقي بأن لا يسمح لأحد بمصادرة انتصاراته وجهوده، بتصريحات يدَّعي أصحابها بأنهم هم الذين حالوا دون سقوط بغداد وكربلاء والنجف، ووصف الذين يتبنون هذه التصريحات بالعملاء للأجنبي. واعتبر هؤلاء خونة للعراق، وذكر أن تقديم بعض المساعدات كالاستشارات لا يعني أن لهم الحق في استلاب حق العراقيين.
وحقيقة الأمر أن كل الإدعاءات الإيرانية لأغراض تسويقية لا غير، وكل المقاتلين هم عراقيون، سواء أبناء الجيش العراقي الذي تسعى إيران بكل ما تستطيع لإلغاءه على غرار الأمريكان وتقوية المليشيات، أو غيرهم.
وأن الايرانيين لم يقاتلوا لا أمريكا ولا إسرائيل ولا إرهابيين، وإنما يؤكدون على شعارهم القديم سنقاتل أعداءنا حتى آخر قطرة دم عراقي أو لبناني أو فلسطيني. وكل ما يقدمونه من سلاح ليس بالمجان فقد تجاوزت إيران الحصار الإقتصادي بفضل الأموال المنهوبة من قبل أتباعها في السلطة العراقية طيلة 13 سنة، وبفضل فتح الحدود لتصدير البضائع البائسة التي لا قيمة لها في أي سوق في العالم، وبأسعار تتجاوز قيمتها الفعلية.
وحتى الخدمات التي يقدمونها لأغراض تفاوضية لا غير، أي الضغط على الطرف الآخر وهو أمريكا لتحصيل مكاسب، وبالحقيقة لا نلوم الإيرانيين ولكن نلوم المرتزقة التي تعمل لأجنداتهم، وحشود العبيد الممجدين بأفضالهم، وأكرر مرة أخرى ما قاله شكسبير : (ما كان الذئب ليكون ذئباً لو لم تكن الخراف خرافاً).