(1)
عندما أرادوني
ذات يومٍ
في زمن مُغادرٍ
أن أكونَ بعضاً
من حَطبِ الحُطمة
أغلقتُ النوافذَ
عانقتُ يُتمَ وِحدتي
ألتَحفتُ عباءةَ وقتٍ
يَتمَطّى مهزوماً
ألمُّ خَطوي
مُتمرِّداً
في طُرقٍ
مثقوبة الذاكرة
أرقبُ دموعَ
حُزنِ أمّي
تُرسم خِلجاناً
على وجه القمر
يُشعلني تنّورُها
ساجراً بالزفير
يَلعنُ قرصنة
أزمنة التسكّع
أغرقُ في غياهبِ
جُبِّ القَحَط
أبتلعُ غُربةَ الحَمام
في مُدنِ
الصّقيع
أُحصي لَسعات
مَغارز الغدرٍ
على سفوح
متاهاتٍ
مستبدّة الأشواك
أختبيءُ …
عن قسوةِ سُعار
حَرِّ التِّيهِ
ببيتٍ أوهنَ
مِن بيتِ
العنكبوت
أستنشقُ رائحة
الخُذلان
عند بوّابات
منازل الطينِ
صرائف القَصبِ
فأراها حاسرةً
تنامُ في جَفنِ
جوع الانكسار
عُنفِ القهر
جنايةِ الفَقر
يستفرِدُ بي
سُعالِ المَنفى
رغمَ كثرة
أشباحٍ
مُكتظّةٍ بالبَلادة
حَولي
وطوابير من موتى
جُذام الصمت
يُدحرجني عِناد
صخرة (سيزيف )
أُنادمُ فحيحَ
طقوسٍ أفعى
أشهقُ …أشهقُ
حتى ينثرُني عُتوُّ
ضَباب العَتمة
على مَحاريث
مآتم اليَباب
لكنّي لا أُخفيكم
سِرّاً
كنتُ أُهيّءُ
ساقيَّ الاثنَين
أو أحدَيهِما
نَذراً
كي لا يغضب
ظلُّ الآلهة
بفرمانٍ يحمل
مَهر (زيوس)
ليبقى رأسي
مشتعلاً
بنار براكين
القلق
مُبحراً أظلُّ
في مَشاحيف
بُؤس انتظارٍ
مصلوبٍ
على حافّاتِ
مياهِ التَشظّي
رُبّما الى أن
تأذن (القارِعة)
كنتُ أروم التّسلّلَ
الى احتفالات
بساتين الرّمّان
أشدو أهازيج القصيد
في مرايا المواسم
أطوف في عَبثيَّة الحُلْم
أُحلّقُ مَسحوراً
في فضاءات تواشيح
دُنياً بنفسج
أدنو من عَزف
لألاءِ (بنات نعش)
أُراقِص احتفالات
عُري النجوم
المُصيبةُ انّي شاعرٌ
ومن حولي لايفقهون
سِرَّ نبوءة الشعر
والى الآن لايفقهون
(2)
في زمن مُغادِرٍ
كنتُ أفتعل
غَباءَ التّغافُل
كي لا أقول
ففي الكلام
تكمُن شبُهاتٌ
في الشبُهات
مطحنة نهاية
وأنا شاعر
أعشق الحياة
بلا حدود
أحمل في قلبي
أسرارَ وادي (عبقر )
احتدامَ حُلْم (كلكامش)
صَبابة عشق ( عشتار)
أنشد مذبوحاً
في طرقات لَغوِ
السُّكارى
أبيع نفثَ قَيلولتي
لشقاءِ الظهيرة
حَذراً من سطوة
مخالب الغيلان
نائماً يقظاً أظلُّ
ألتهم دروباً
أُفعواناتٍ
كي لاينطلق
شهيقٌ محذور
فيُصادره صدى
ملوّثٌ بالدم
أُدوّنُ تاريخ
مَخاضٍ يائسٍ
بحبر أجنحة
فراشات مَسبيّة
أمسحُ …
وَشمَ مأساة
عاهر
بفرشاة انتظارِ
فجر مُبتلَع
لكنّ الزمن
المُغادر
عاد تارة
أُخرى
بنكهة شيطانيّة
بسرابيل موت
مغيّراً جِلده
بلونٍ
داكن الحُمرة
بعدما كان لونهُ
القديم
أحمرَ قانيا
عاد بقسوة كواسِج
تماسيح
أفاعٍ
يُقطّع بسكّين
باتِرة
عُنق شريان
الصباح
يلتهمُ …
طراوة الأسماك
يُصادرُ …
رَفيف الطيور
مجنوناً عاد الينا
يلبس وِشاح
فِتنة ليل
يقصُّ رأس
شمس الوئام
بمناجلِ
تَطرّفٍ أعمى
كي ينتحر
صُبحُ الندى
ويشتدَّ
أوارُ اليَباس
عاد محمولاً
على أكتافِ
قهرٍ مُريع
حروبٍ خاسرة
أفواهِ مجاعات
يمتهنُ …
شهوةَ توديع الجنائز
قتلَ زهو الجمال
موتَ عِفّة الضمير
في أنحاء قصيّة
من جُزُر القُنوط
بلابلُ صَيهود مُحتفلةً
تغرّد انشودة أمل
سَيعود
من رحم
أنين الوَجع
كنت أُراقبها
مبهورا
وهي تلتقطُ
بمناقيرها الصغيرة
حبّاتِ
مسبحة أمّي
المفقودة
لترسم منها
لوحةً نجاة