توجهت اللجنة الادبية الفرنسية – الروسية الى وزارة الثقافة الروسية بطلب لتمويل مقترحها بشأن نصب لوحة على جدار العمارة التي سكن فيها الكاتب الروسي غوغول اثناء توقفه في باريس عام 1836 , وقد وافقت الوزارة الروسية على هذا الطلب الحضاري الطريف , وهكذا تعاونت الوزارة مع السلطات البلدية للعاصمة الفرنسية وبتنسيق بين الجانبين من قبل اللجنة الادبية الفرنسية – الروسية على تنفيذ هذا المقترح الجميل , اذ انطلقت وزارة الثقافة الروسية من فكرة الحفاظ على كل شئ يخص كبار الادباء الروس والمعالم المرتبطة بهم في العالم , وانطلقت السلطات البلدية الفرنسية من فكرة التأكيد على ان باريس كانت ولا زالت مركزا عالميا يحتضن كل الظواهر الحضارية في العالم, وان هذه المدينة تؤدي دورها في الحفاظ على كل معالم الثقافة العالمية .
تم افتتاح هذه اللوحة التذكارية عام 2013 , وقد حضر حفل الافتتاح مندوب بلدية باريس والسفير الروسي ورئيسة اللجنة الادبية الفرنسية – الروسية وجمع من المثقفين الفرنسيين والروس ومجموعة من محبي الادب الروسي والمتابعين له , وازيحت الستارة عن تلك اللوحة التذكارية , والتي كتب عليها بالفرنسية , ان الكاتب الروسي نيقولا غوغول قد عاش في احدى شقق هذه البناية من شهرتشرين الثاني / نوفمبر من عام 1836 الى شهر شباط / فبراير من عام 1837 , واعقب هذا الافتتاح القاء كلمات تناولت هذا الحدث الثقافي والتاريخي الجميل. أشار مندوب بلدية باريس في كلمته الى ان هذه الاشهر القليلة التي عاش فيها غوغول هنا ( تكفي لنا نحن الفرنسيين ان نحتفل – وبفخر – بذلك , ونحن سعداء بتحويل هذا المكان الباريسي الى معلم من المعالم الذي يرتبط بتاريخ الادب الروسي ومسيرته , وبغوغول بالذات ..) , اما السفير الروسي , فقد أشار في كلمته الى ان غوغول قد اصبح كاتبا عالميا , وان كل نتاجاته مترجمة الى اللغة الفرنسية , ويعرفه الجميع هنا , ولهذا فان هذه اللوحة التذكارية هي تأكيد على هذه الواقع , وهي في نفس الوقت شرف لباريس واحترام كبير للادب الروسي معا , وتناولت رئيسة اللجنة الادبية الفرنسية – الروسية في كلمتها شهرة غوغول في فرنسا , وقالت , ان الفرنسيين يستشهدون الان باقواله , وانه مع بوشكين وتولستوي ودستويفسكي يشغل مكانة متميزة في مجمل المكتبة الفرنسية بشكل عام وحتى في الكتب المنهجية الفرنسية , والان سيبدأ الفرنسيون بزيارة هذا المكان الباريسي المرتبط بغوغول شخصيا وبابداعه.
اهتمت الاوساط الادبية الروسية طبعا بهذا الحدث , وتم نشر الخبر في مختلف وسائل الاعلام , وأشار بعض الباحثين الروس الى ان غوغول قد ابتدأ في باريس بالذات بكتابة روايته الشهيرة ( الارواح الميتة ) , وانه وضع هناك سطورها الاولى , وكتب آخرون , ان هذه الخطوة تعني – فيما تعنيه – ان غوغول لازال حيّا في القرن الحادي والعشرين , وهي ملاحظة صحيحة وجديرة بالاهتمام فعلا , اذ ليس كل الادباء الكبار يتميزون بهذه الصفة الفريدة .