قصة قصيرة
دخانٌ .. دخانٌ يتعالى في تلك الساحة … صرخات تعالت بعد الانفجار ، مثل رعدٍ صاعق ، أناسٌ يركضون ، يتدافعون ، يتصادمون ، مثل أوراقِ خريفٍ تدفعها زوبعة ريح عاصف ، الفوضى واضحة للعيان ، أصواتُ سيّارات الإطفاء والإسعاف تدقّ المكان ، ثمّة أوانٍ وألعاب أطفالٍ وفاكهة سقطتْ من علو وافترشتْ بساط الأرض ، محتضنةً لأشلاءِ أجساد تناثرتْ هي الأخرى على جادة الطريق وحافّاته .. رجال يحملون الجثث بارتباكٍ شديد … وآخرون ينقلون الجرحى يكبّرون ..الله أكبر .. الله أكبر وآخرون يشتمون .. اللعنة على الإرهاب ، اللعنة على الطائفية والطائفيين ، الموت للخونة بائعي الضمير …
تشاهد حديداً أسود وزجاجاً وطابوقاً مبعثراً ، ووجوهاً لاطمة على الخدود ، مثل أرض بِكر تم بذرها توّاً ، واحتلّها الجراد والغربان ، رُسمتْ بالأسود المتدرج نحو رمادية الخيانة …
أوغادٌ سرقوا البسمةَ من الأفواه ، سلبوا الأموال ليرضعوا غولَ الإرهاب ..
من بعيد يلوح نورٌ مثل خيط أبيض ، كانت الأرواح تتزاحم للصعود من خلاله هاربة ، من حياة ، لم تكن لتشتاق إليها لو خيّرت البقاء …
وأنا … كنتُ أصعد مع الدخان ، المتلاشي ، وروحي سقيمة خائفة ، راجفة من فضح غلوِّ الأسباب .. تلك هي لوحة الخلود .