18 نوفمبر، 2024 12:38 ص
Search
Close this search box.

لهذه الأسباب فإن مقتدى الصدر في خطر محدق

لهذه الأسباب فإن مقتدى الصدر في خطر محدق

لم تكن موجة التظاهرات التي اجتاحت البلاد بمعزل عن التأثر والتأثير في المحيط الإقليمي والدولي . ومن الجهل المركب ان لا يتم الربط بين حركة الشارع العراقي المنتفضة ضد أخطاء ثلاثة عشر عاماً وبين : السعي الأمريكي لاعادة رسم خارطة القوى في المنطقة  ومشروع جعل العراق قاعدة وعمق ستراتيجي للمعارضة السورية ، والسعي البريطاني الحثيث لإعادة بريطانيا الى مركز القرار في الشرق الأوسط والعراق تحديداً ، وايران ما بعد النووي واستماتتها للمسك بقواعد اللعبة في العراق ، وتركيا الساعية للحاق بركب الكبار ، والسعودية المثخنة بجراح اليمن ، والى آخر القائمة .
ومن جديد فإن العسكر القديم الذي يمثله المالكي وحلقات الدعم الداخلي والخارجي ، لا يريد ان يكون كبش الفداء لهذه المرحلة ، وفي زيارته الأخيرة لطهران حاول ان يلجم الليبراليين ودعاة التغيير ومؤيدو المظاهرات في العراق بلقاءه بالمرشد . المرشد الذي ما انفك يبجل بالمالكي حتى امام الوفود العراقية التي رأسها العبادي . كذلك أوصل المالكي رسالة الى مرجعية النجف .مختصرة وقوية . ” املك ملفات تخص أبناء بعض المراجع” .
امام كل هذا الضغط لم يكن السيد العبادي بمستوى المرحلة اطلاقا ، وقد يُعزى ذلك الى شخصية الرجل “التابعة” وليست القيادية ، وقد كان رهان الداخل على استقالته من “الدعوة” ومن ثم تلقي دعم النجف للسير في خطواته وحزمه الإصلاحية ، إلا ان شيئاً من ذلك لم يحدث ولن يحدث .فاكتفى الرجل بإصلاحات صورية لا تمثل حقيقة مطالب الملايين العراقية التي خرجت في لهيب الصيف العراقي : جائعة ، منتفضة ، ولا ترضى الا برؤوس كبيرة تقدم لها لتهدئة الغضب العارم من شخوص مضحكة قادت البلاد الى جحيم التفتت والاحتلال والافلاس.
على هذا يكون المشهد معقداً من حيث تعدد الحلقات وازدواجية المواقف ، بريطانيا العائدة بقوة الى الداخل العراقي ، تبدو منحازة نوعاً ما الى موقف النجف والعبادي – والشارع العراقي ان بالضرورة – الا ان هذا المحور ليس بالضرورة ان يكون بالضد من محور واشنطن –طهران- الخضراء ( المتمثلة بالمالكي والعسكر القديم) .للتشابك المصلحي الذي نوهنا عنه وكذلك لسهولة تبدل المواقف بين ليلة وضحاها ، محاولة العبادي لمسك العصا من المنتصف نموذجاً.
وسط كل هذا الحراك السياسي والشعبي لم يكن لمقتدى الصدر الا ان ينحاز الى إرادة الجماهير – كما العادة – ولهذا ثمن بالتأكيد ، فكان اول المساندين للجمهور الغاضب وقدم منصب النائب الأول لرئيس الوزراء على طبق من ذهب كبادرة داعمة لا اعتقد ان بقية الأطراف السياسية ستقوى على مثلها .
وكانت الضربة الثانية هي التقرير الذي أصدره احد نواب الكتلة الصدرية والذي ادان فيه صراحة نوري المالكي وجملة من قادته ووكلائه وحملهم المسؤولية المباشرة في سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم ” داعش” .
كما ان بيانات الصدر الداعمة للمتظاهرين وتشديده على اتباعه بالنزول بمظاهرة مليونية – قد اثارت غضب طهران كما يبدو ، فالتقى المسؤولون الإيرانيون بالمالكي على انفراد مرة ، وبباقي اطراف التحالف الشيعي مرة أخرى ، ثم اجتمعت رؤوس التحالف في بغداد مجددا ، كل ذلك بمعزل عن أي تواجد حتى للممثلين من الهيئة السياسية التابعة للتيار الصدري !!!
 
بناءا على هذا يبدو السيد الصدر قد حسم امره باتجاه الشارع الغاضب ، الامر الذي اثار غضب طهران وواشنطن معا ً . كما تفيد بعض الاخبار بإمكانية سحب السيد الصدر لوزراءه من الحكومة في اطار الدعم لاصلاحات العبادي وفي خطوة جريئة شبيهة بعام 2006 – حين سحب وزراء التيار من حكومة نوري المالكي وقدمها للمالكي كبادرة حسن نية وخطوة لكسر الطائفية السياسية ، الامر الذي لم يحسن المالكي استخدامه فيما بعد  فنكلّ بالخطوة وبصاحبها !
في الداخل ، وعلى الرغم من نبرة الإصلاحات التي تغلف اقوال الساسة في هذه الفترة ، يبدو ان لا احد مستعد لتقديم التنازلات ، فرئيس البرلمان رفض اقالة وزير الكهرباء إلا قبالة “رأس” شيعية بارزة يرجح انها نوري المالكي ، وكذلك فعل صالح المطلك على الرغم من حراجة موقفه بعد أوامر الصدر للاعرجي بالاستقالة وتقديم نفسه للقضاء.
ولعل مواقف السيد الصدر ستظل متفردة عن السرب ، سواء ما انتمى منها لإيران او لواشنطن او للعملية السياسية عامة ، فالبوصلة في فكر السيد مقتدى الصدر هي الشارع وحقوق الأغلبية المسحوقة ، من اجل ذلك نأى بنفسه وبكتلته عن أي صراع حزبي وتنافسي . وكما يردد دائما فأن ” الدين مقدم على السياسة” .
بناءا على ما تقدم سيكون الموقف الصدري هو العائق امام أي اتفاق مستقبلي منظور بين القوى الفاعلة عراقياً واقليمياً ، لاتها ستكون في الغالب مواقف مبنية على أساس مصالح ومغانم مشتركة لا يكاد يكون فيها اثر للصالح العام او الطبقة المسحوقة . وهي ذات الطبقة التي طالما خاطبها وعمل لاجلها مقتدى الصدر وابيه وعمه من قبل .
هنا سيرتدي الصدر كفنه ، وستكون الصورة اقوى من ذي قبل ، بلحاظ مفترق الطرق بين ما كل ما هو إلهي –انساني وبين كل ما هو مصلحي بروتوكولي أصم .
http://3rdtend.blogspot.com/      

أحدث المقالات