23 ديسمبر، 2024 2:44 م

هل کان إنسحاب القوات الامريکية من العراق عام 2011، في صالح العراق؟ سؤال قبل الاجابة عليه لابد من الإشارة الى الاجواء التي دفعت الرئيس الامريکي السابق الى سحب قواته من العراق، حيث کان نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ومن خلف الکواليس يقوم بحملة واسعة النطاق من أجل ممارسة الضغط على واشنطن من جانب أتباعها في العراق لسحب قواتها من العراق، خصوصا کانت تتم هجمات کثيرة على هذه القوات من جانب ميليشيات عراقية أو جماعات أخرى تابعة لإيران من أجل خلق أجواء متوترة تجبرها على الانسحاب.
إنسحاب القوات الامريکية من العراق في عام 2011، کان أشبه بقرار أمريکي بتقديم العراق على طبق من ذهب للنظام الحاکم في إيران و الذي کان في أمس الحاجة إليه من أجل إتمام العديد من المخططات المتباينة له، وقد أثبتت الاحداث و التطورات بأن إيڕان کانت فعلا المستفيد الاکبر من وراء هذا الانسحاب و جعلتها تهيمن على العراق سياسيا و إقتصاديا و فکريا و أمنيا، بل إنها جعلت من العراق جبهة لمشاغلة و مقاتلة أعدائها و خصومها کما صرح بذلك مرارا قادتها و مسؤوليها.
اليوم، وفي عام 2018، تسعى طهران لخلق أجواء شبيهة بتلك التي مهدت لإنسحاب القوات الامريکية من العراق في عام 2011، ذلك إن الضغوط الکبيرة من أجل سحب قوات التحالف من العراق و التي تشکل القوات الامريکية غالبيتها، يأتي في وقت صارت طهران تشعر جيدا بإرتفاع نسبة و مستوى الرفض الشعبي العراقي لها و تراجح دور أتباعها قياسا للماضي، خصوصا وإن الانتخابات المزمع إجرائها في اواسط أيار القادم، سوف تکون صدمة کبيرة لإيران إذا ماکانت نتائجها صادمة لها، والملفت للنظر هنا إن هذه الضغوط قد تصاعدت بشکل ملفت للنظر بعد تعيين جون بولتن، مستشارا للأمن القومي الامريکي وهو المعروف بعدائه المستطير مع النظام الايراني و دعواته المستمرة من أجل التغيير في إيران بالاضافة الى تإييده القوي للمجلس الوطني للمقاومة الايرانية الذي نجح مۆخرا في إختراق الداخل الايراني و مساهمته في الانتفاضة الاخيرة التي طالبت بإسقاط النظام و تغييره.
تصاعد المطالبة بسحب قوات التحالف بصورة عامة و القوات الامريکية بصورة خاصة، يأتي بنظر المراقبين السياسيين من باب سعە طهران لکي تخلو لها الاجواء في العراق و تقوم بعملية إعادة خلط الاوراق کي تقصي و تصفي التيارات و الشخصيات الرافضة لنفوذها في العراق و لکي تجعل الاوضاع في هذا البلد بصورة يخدم أوضاعها المنهارة داخليا، ولکن هل ذلك ممکن؟ هل يحتمل إعادة سيناريو عام 2011؟ کل الدلائل و المؤشرات تؤکد بأن ذلك أبعد مايکون عن التصور، وإن ماتحلم به طهران حاليا بهذا الصدد هو المستحيل بعينه، والايام ستثبت ذلك قريبا جدا!