التاريخ عبرَ كلّ العصور والأزمنة لا يخضعُ لسلطة المنافقين والمفترين وانما يبقى شاهداً صادقاً على جميع الأحداث بمنتهى الأمانة . ورغم محاولات المنافقين الكثيرة لتغيير الملامح الحقيقية للأحداث التاريخية وفق أجنداتهم وأهوائهم الاّ أنهم لم يفلحوا ، بلْ أن البحوث العلمية الحيادية الرصينة كشفتهم وكشفتْ زيف تاريخهم . فمعاوية بن أبي سفيان جندَ الكثير من الكتاب والمدونين وأغوى الكثير من ضعاف النفوس وعديمي الضمائر لطمس الحقائق واستبدالها بما ينسجمُ مع أفكاره ومع تصرفاته الخبيثة الرعناء . ولكن التاريخ لم يستسلمُ لمثل هذه الأفعال الرخيصة الدنيئة ، بلْ كلها تمزقت وأصبحتْ عديمة القيمة أمام كلمة الحق التي فرضت وجودها وهيمنتها على كل الأحداث . ومن هنا فإنني أجدُ أن ما قيلَ وما يقالُ من اتهامات وتلفيقات ضدّ دولة القانون وضدّ زعيمها الأستاذ نوري المالكي يقعُ ضمن هذه النقطة التي تقدمتُ بالحديث عنها . وأنا واثق تمام الثقة بأن التاريخ لن يرحمَ أولئك الفاشلين الذين استخدموا كل الوسائل المتاحة لهم من أجل تشويه الصور الجميلة حقداً وكراهية بالسيد المالكي وبكلّ من يدعمه ويسانده . وسوف يذكرُ التاريخ أيضاً الانجازات الكثيرة التي تم تحقيقها على أرض الواقع أو تم الشروع بها في حكومتي المالكي الأولى والثانية ، والتي أنكرها المنافقون أو تجاهلوها أو شوهوا ملامحها الجميلة ظناً منهم أن الأيام والسنوات القادمة سوف تستسلمُ لمنطقهم الفاسد ولم يتعظوا من دروس التاريخ . ولا أريدُ في مقالي هذا الحديث عن تلك الانجازات العظيمة لأن التاريخ كفيلٌ بتدوينها رغمَ كلّ الأكاذيب والافتراءات الباطلة ، ولكن النقطة المهمة التي أودّ التحدث عنها بشكل موجز تتعلق بسقوط المدن العراقية بأيدي عصابات داعش ، والتي حسبها أولئك المنافقون النقطة التي كسرتْ ظهر المالكي . والحقيقة التاريخية تقول أن النجاح الباهر للسيد المالكي وكسبه التأييد الشعبي الكبير وحصوله على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات ، وحزمه الشديد لفرض القانون واسترجاع هيبة الدولة المكسورة ، وعدم فسح المجال لأي فئة أو جماعة أو فصيل أو أي شخص مهما كان منصبه ومنزلته للعبث بأمن واقتصاد البلد . كل ذلك كان دافعاً قوياً للفاشلين المنافقين للتحرك بقوة وبأسرع ما يكون لإيقاف المالكي وكسر شوكته بأي ثمن حتى لو كان الثمن اسقاط العراق بأكمله . ومن هنا بدأت اللعبة الخبيثة وبدأت بوادرها من خلال ساحات الاعتصامات التي كانت تطلق على الجيش العراقي ( الجيش الصفوي أو جيش المالكي ) والتي كانت تهتفُ علناً ( للقاعدة ) وكانت تتوعدُ بالقدوم الى بغداد لتخليصها من الصفويين على حدّ تعبيرهم . والطامة الكبرى أن بعض المشاركين بالعملية السياسية الذين كانوا وما يزالون يدعون الوطنية الخالصة قد وقفوا مع تلك الاعتصامات عبر تصريحاتهم المعروفة وهم يعلمون علم اليقين حقيقة تلك الاعتصامات وحقيقة أهدافها ، ولكن كرههم للمالكي دفعهم لذلك التصرف . وقد حذر السيد المالكي من تلك المؤامرة وأعلن صراحة أنها ليست مطالب المظلومين ( كما وصفها المنافقون ) وانما الخطوة الأولى لإسقاط العملية السياسية وارجاع العراق لسطوة الظلم والاستبداد . ولابدّ أن أذكر ضمن سياق هذا المقال أجوبة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق ضمن استجوابه من قبل الكونغرس الأمريكي حول سقوط مدينة الموصل ، حيث أجابَ على سؤال موجه اليه قائلا : ( نحن كنا بين نارين ، نار داعش ونار نجاح المالكي ونمو شعبيته ، ففضلنا سقوط الموصل من قبل داعش على أي نجاح يُحسبُ للمالكي ) . والتاريخ سوف يسجل كل هذه الأحداث بمنتهى الأمانة حتى وان حاولَ البعضُ طمسَ الحقائق لأن التاريخ ( كما ذكرتُ ) لن يخضعَ لأقلام وألسنة المنافقين .