23 ديسمبر، 2024 6:32 ص

لن نرضخ…وفينا عرق ينبض

لن نرضخ…وفينا عرق ينبض

يقال أن رجلًا من العرب اسمه سعد ابن زيد بن مناة ، تزوج امرأة شديدة الجمال ، تدعى رهم بنت الخزرج بن تيم الله بن رفيدة بن كلب ابن وبرة على ضرائر لها ، وولدت له ذكر أسماه مالك بن سعد ، وكان ضرائرها يغارون منها فيساببنها يا عفلاء ، والعفل هو شيء بجسد المرأة التي حملت ووضعت فكانت رهم تبكي وتشكي إلى أمها أمر مسبتها ، فنصحتها أمها أنت تبادرهم بنفس القول إذا ساببنها ، فترقبت رهم حتى اشتبكت معها إحداهما فقالت له : يا عفلاء ، فضحكت ضرتها وقالت : رمتني بدائها وانسلت ، أى عيرتني بما فيها وألقته بي.
العبرة من المثل
يقصد من هذا المثل أن هناك بعض الأشخاص ، الذين يقذفون الناس بما ليس فيهم ، ويلصقون بهم أشياء هي فيهم ؛ كأن يتهم السارق مجتمعه بالسرقة ، أو يتهم الخاسر شركاؤه أنهم هم السبب في الخسارة ، أو يتهم الغبي الأذكياء بالغباء أو يشير المجرم إلى غيره ليلصق بهم تهمته فحينذاك ، يقال هذا المثل : عيرتني بدائها وانسلت.
أترى حين يهديك أحدهم أخطائك يعرضها عليك، هل ستقبل هذه الهدية أم سترمي بها عرض الحائط؟!
من منا لا يحتاج إلى وقفة صادقة مع نفسه ومع غيره ليرى عيوبه وأخطائه كما هي، دون عمليات تجميل. فكلنا نحتاج ولو في قرارة أنفسنا إلى من يصوب أعمالنا ويرينا أخطائنا كي نتلافاها مستقبلاً ونرقى بأعمالنا ونطور أنفسنا نحو الأفضل. ولكن للأسف، فإن مفهوم النقد البناء مغيب في مجتمعنا، إذ لم تعلمنا كتب المدرسة في الأنظمة الأسدية قبول الرأي الآخر كما لم نتعلم تقبل النقد برحابة صدر وينظر معظمنا للنقد على أنه تجريح شخصي للنيل من هيبتنا وننسى أو نتناسى أن صديقي من صدقني ورحم الله امرءًا أهدى إلي عيوبي.
قد يكمن السر وراء نفور معظمنا من النقد هو الفهم الخاطئ لمعنى كلمة «نقد» في الأصل. فقد يقوم أحدنا بانتقاد الآخر بطريقة يجرحه فيها أو يسلط الضوء على مساوئ أعماله ولا يذكر حسناتها أو لا يطرح حلولاً لتصحيحها، من هنا ينشأ الخوف من انتقاد الآخرين وبالذات عندما يتحول الانتقاد إلى تتبع للأخطاء لإبرازها وإحراج صاحبها كما أن النقد إن كان للمديح والثناء فقط فإنه لا فائدة منه على الإطلاق.
فالنقد الإيجابي هو العمل قدر الإمكان على وصف عمل ما وذكر سلبياته وإيجابياته بدقة الأمر الذي يمنح الشخص الآخر دفعة نحو الأمام ويعطيه قدرة على الإنتاج والتقدم.
النقد الإيجابي، لا لتتبع العيوب والهفوات بل لإكمال النقص وسد الثغرات.
عندما تحدث السيد عمار الحكيم عن عملية الاصلاح في الحكومة او البرلمان، نرى سهام النقد الكاذبه ترمى عليه بقوة! هل اخطأ عندما قال نريد اصلاح؟ هل اخطأ عندما قال نريد خدمات؟ نريد تغير مسار الحكومة بالاتجاه الصحيح، نريد متابعة عمل الحكومة، لماذا لم نشكر عندما قلنا لانريد الدخول في الحكومة وخولنا رئيس الوزراء بالاختيار؟ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ.
النقد كما قلنا في البداية هدية فحاول أن تكون هديتك قيمة مغلفة بأجمل الأغلفة ومعطرة بأطيب العطور واجعل هديتك تذكاراً يبقى في ذاكرة الآخرين لا هدية ثقيلة يود صاحبها التخلص منها في أسرع وقت وبأي ثمن كان.
لن نرضخ، حتى يتحقق الاصلاح وتقديم الخدمات، ونكون قد وفينا مع شعبنا.