23 ديسمبر، 2024 11:16 ص

لن أتحمس للحروب الشخصية

لن أتحمس للحروب الشخصية

لا ينزل الفساد علينا من السماء، ولن أصدق من يقول أن مصدرها من تعليب الأعداء، وبيننا من ينخر الجسد كالإرضة في البناء، وكالدود في حبيبات الفاكهة، ويتكاثر في العقول المبتورة عن جذورها، وكلما أبتعدت عن إصولها زاد تسوسها ومضارها، وكأنها جثة غادرتها الروح وبان عفنها وإنتظرتها محصلة أفعالفي يوم الحساب. 
لن أتحمس أبداً للحروب الشخصية؛ لأنها تأكل طرفيها بدوافع من طرف ثالث ينتظر نهاية الصراع ليأكل ملك الوطن المباح.قمة الإستهتار بالمواطنة؛ حينما يكون المسؤول رئيس عصابة، ويتباهى السارق بفساده، ولا يستحي القاتل إدعاء الوطنية، وبلا وجل يعلن أمام الملأ أنه مرتشي، وصاحب مكتب مقاولات للمتجارة بالعواطف، ومنتهى خيانة المباديء أن يُعفى عن المجرم بذريعة مصلحة البلد وكسب منافع شخصية، وأسخف المتاجرة؛ هي بيع دماء الأبرياء لمصلحة آنية، وبرداء مستورد يكتب عليه شعار الوطنية.ماذا نقول عن من يقول كُلنا سُراق، وبعضهم يَهرب من الفشل بجمع الكل في فشله، وماذا نصنع لبلاد بحاجة الى حلف أخلاقي يمسك ما تبقى من الوطن؛ لا تحالفات تقاسم الكراسي وتكتلات تقتل من يُزاحمها على حقيقة الفعل السياسي، وحاجة الناس للعقلانية والهدوء والبحث عن مخارج من ألسنة النيران، ومنذ 13 عام أخضعتنا الأصوات العالية للتسيس، وقذفت واجباتها الى منابر للتباري، والخداع بالبكاء على قضيتنا وسبب مأساتنا وضيمنا، وأولئك اللذين يقدمون فوق حقوقهم على مكتسبات المجموع، ويفضلون الأنا على الدولة، والسلطة غاية وأن كانت بوسائل قذرة.
إن الهروب الى الأمام لم يك حلاً دون حمل إستحقاقات الوطن، وأحياناً الثبات على مواقف الحكمة والعقل أفضل من تغير أدوات الصراع، وهي لا تعني النجاة بالنفس والخلاص من مسؤولية أمة؛ ومهما هرب البعض عن المسؤولية؛ تجد الوطن يمسكهم في تزوير الهوية؛ ولن تنفعهم هوياتهم الجديدة في الأوطان التي لا تُعطي هويات دون تنازل عن الأصل والقيم.
عودنا بعضهم على إشعال الحرائق، والتظاهر بإطفاء ألسنة ربما تلتهمهم، والنتجية هم شواء لطرف ثالث.
بناء المشروع السياسي كبناء مجمع سكني؛ لابد أن يناسب كل الأذواق بفن معماري وعقلية حضرية وحضارية، ومن خرج عن فسحة حرية التعبير وقدرة التدبير؛ خرج من الهوامش وسمح بدخول الدواعش، وتمايل مع الإعلام الأجير وقضاء عن الحق مستدير، ولن أتحمس للحرب التي تُدير رحاها أجندات أنانية، ولكني من بين ملايين المواطنيين اللذين يعجبون من صنع الساسة، وبعضهم صنع لنفسه سياسية ومنطق وإخلاق لتقول للعالم هكذا هي حضارة العراق، وهكذا ساستها متخلفون جاهلون بنار تحرق البلاد، وما يزالون يحملون المشاعل والحطب، والفساد لم ينزل من كوكب آخر، ولم تُصدّره دولة ما، ومنهم كالدود الذي قطع جسد الوطن عن جذورهم، وغادرتهم روح الوطن لتنبعث روائحهم، وليشهد الشعب أن ليس شاهد فحسب؛ بل محاسب في محصلة مقارنة الأقوال والأفعال والنتائج، ولن أتحمس للحروب الشخصية، والوطن جريح يطلب الإستغاثة.