ابدا , لم تكن نهاية صدام حسين , بتاريخ التاسع من نيسان عام الفين وثلاثة , انما يشير ذلك التاريخ الى نهاية الدولة العراقية المدنية , ودخولها مرحلة الفوضى الخلاقة ( المُطلقة ) , والتي شكّل صدام حسين فيها الحلقة الاخيرة , والمرحلة التنفيذية لزوالها . اما ذلك الرجل , فقد انيط له دور مرحلي خطير تمثل بمسك زمام دولة نفطية غنية لا اعباء سياسية او اقتصادية عليها , وعلى اعتاب الخروج من تصنيفها ضمن الدول النامية , وقادرة على خوض حرب مع دولة نفطية قوية جدا مثل ايران , ومن الممكن في هذه الحرب اعاقة مشروعين نووين , عراقي و ايراني . الدور الذي اوكل لصدام كان خطيرا و مهما , نجح به , وخرج منتصرا وقد حقق الغايات الكبرى لدول ( الخفاء ) , التي اوكلت له الدور الذي شارف على النهاية باجتياحه الكويت . الحقيقة التي نعتقدها , ان تاريخ الثاني من آب عام تسعين , هو التاريخ الصائب لنهاية دور صدام الذي خسر كل شيء بجولة قمار واحدة , بينما التاسع من نيسان هو مرحلة جديدة بتاريخ الدولة العراقية بذاتها , لا علاقة للنظام السابق بها , مرحلة انهاء النوع المدني لكيان الدولة , بدأ بعدها ظهور الجهاز الحكومي الغريب , متعدد الرؤوس , مطاطي ّ القوانين , الجهاز المفرّغ مفهوم الدولة من محتواه , قائم على الاعراق والمذاهب المناطق والقبائل . جهاز حكومي لا يمكن تطبيقه في افشل الدول او افضلها . الدولة الجديدة ما بعد التاسع من نيسان , هي دولة محشورة في ماكنة الفوضى الخلاقة , وكل النتائج المفروزة منها , لا يمكن ان تكون طبيعية . و على المدى البعيد , البعيد جدا بعقود , تختفي فيه الافكار التي صُبت بقالب ما بعد تاريخ نهاية الدولة , وتأتي اجيال جديدة تفهم جيدا حركة الزمن المتسارع في العالم , ومتخلية عن كل الاعاقات الفكرية التي ظهرت ما بعد التغيير , بالامكان ان تنمو من جديد دولة مدنية , وفق مبدأ : الايام العصيبة هي من تصنع الرجال .