23 ديسمبر، 2024 10:40 ص

التغيير : لا يعني قلب عملة الردة على وجهها لآخر , فالأمر هنا واحد , مهما تغيرت الشعارات والأدعاءات والأكاذيب, انه التغيير في وظائف الدولة وحيادية مؤسساتها ازاء الأفراد والأديان والمذاهب والقوميات ومعتقدات وافكار وتقاليد جميع المكونات العراقية , فالدولة وفي سياق عملية التغيير, عليها تحرير ذاتها من التدخلات السلبية للفكر الألغائي الذي تمارسه الأكثريات القومية والدينية ازاء المجتمع  .
التغيير لا يحصل لمجرد التمني اوالمطالبة به حقوقاً مجتمعية مشروعة , والشعب لا يمتلك ادواته الفكرية والثقافية والسياسية والتنظيمية , انها عملية وعي شعبي بأمتياز يبدأ من عمق الحركة الجماهرية , وعبر شرايين الرأي العام يتسع تغييراً جذرياً في افكار وادراك وممارسات الناس , هنا تكون الحاجة ماسة الى تضافر جهود الوطنيين المخلصين ودمج الأرادات مع بعضها لتتمدد ثقافة وطنية على كامل مساحة المجتمع , لتعيد اصلاح او تغيير القمة ـــ حكومات وطنية ــ منتخبة ديمقراطياً , تلك المهمة لا يمكن لها ان تنجز بمعزل عن المشاركة الواعية النشيطة للفرد العراقي , عندما يستوعب ويحترم مسؤوليته ازاء شعبه ووطنه وهو امام صناديق الأقتراع للعملية الأنتخابية .
سيستذكر العراقيون زمناً كانوا فيه ينتحرون بأصواتهم ويتلذذون بمرارة اسباب  جهلهم وغيبوبتهم , يكررون البيعة للمتهمين بقتل المتبقي من عقلهم عبر ما هو متقن من شعوذات الأستغباء قومية كانت ام طائفية , ويستذكرون ايضاً , انهم وفي نوبات غياب رشدهم , كانوا يتجاهلون ويحاصرون ويلحقون الأذى بمن يفتديهم ويدافع عن حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم , وهم يجرون اذيال انتكاساتهم خلف من صعدوا على سلم اصواتهم , قطيع هنا وآخر هناك تجاوزوا حدود الخدر التام وهم يجتروم طعم الأحقاد والكراهية وشهوة الثأرات من بعضهم , صراعات وتصفيات في سباق ارعن , ليستحوذ فيه سماحة الوسيط والقائد والوريث حصة الأسد من اصواتهم , فالأنسان العراقي في عرف وسطاء الطوائف والمذاهب والقوميات , مجرد صوت يمكن تأجيره او بيعه , تماماً كما كان الطاعية الجبان ـــ وكل طاغية جبان ـــ يقدر قيمته بأقل من ثمن الرصاصات التي اخترقت جسده .
لو وضعنا على طاولة التسعة اعوام الأخيرة , النتائج الدامية لحصاد العملية السياسية , لكانت حصيلة الفساد واعادة تبعيث مؤسسات الدولة والتواطيء مع الأرهاب وحجم الدجل والتضليل والخداع الذي جعل المجتمع ارضية رخوة لزراعة بذور العنف والكراهية والثأرات والفتن بين المكونات المتآخية , حصيلة مفجعة ستمتد عقود اوجاع في الذاكرة العراقية .
مهما كان الأختلاف في وجهات النظر والمآخذ احياناً , نسجل اعجابنا واحترامنا وتضامننا مع نهضة التغيير ( كوران ) التي اجتاحت المجتمع الكوردي , انها ردود افعال وطنية لحقوق ومطاليب تراكمت عليها عقود من المظالم الطبقية والعشائرية , تخلف عنها ـــ مع الأسف ـــ ما كان مفروضاً ان يواكبها ويغني مسيرتها نهضة عراقية على عموم مكونات المحافظات الآخرى ’ وتأخر الأحتمال الأرجح , في ان تبدأ مظاهر التغيير بين شرائح مجتمع الجنوب والوسط , حيث تراكم الأرث الحضاري والأمتداد التاريخي لجذور الوعي المجتمعي , فالقائمون وصاية على شؤون المذهب قد كسروا عنق الحقائق التاريخية التي يتسلح بها العراقيون ــ هوية وطنية مشتركة ـــ  واكملوا تقطيع اوردة روح الأنتماء والمواطنة , فالشعوذات الآن تمتلك المبادرة في دفع الناس الى احتفالية اعادة دفن وعيهم ومعه مجمل قضاياهم الروحية والمادية وتغييب المتبقي من ردود الأفعال الأيجابية للرأي العام العراقي .
غداً 30 / 04 / 2014, سيذهب العراقيون بأتجاه صناديق الأقتراع وارواحهم مثقلة بأوجاع سنوات الأحباط وخيبات الأمل والخوف والأذلال , وعلى اكتاف وعيهم المنهك, مجمل تفصيلات التجربة المريرة مع اطراف مثلث مآساتهم للأعوام التسعة الأخيرة , وحتى ينتخبوا التغيير والأصلاح والمستقبل الأمن , عليهم الا يستغنوا عن ذاكرتهم او يقفزوا على تجاربهم المريرة مع الأطراف والأحزاب والتحالفات التي ساومت على سفك دمائهم وهربت ثروات وطنهم وافقرتهم وتركتهم فريسة الجهل والبطالة واغرب العاهات والأوبئة , عليهم ان يضاعفوا من احترامهم لاصواتهم ويتجنبوا هدرها تحت اقدام اللصوص والكذابين والدجالين والمدعين ويضعوا الوجه المخادع لمجاميع الفساد على محك القيم الوطنية .
ـــ  الا يمنحوا ثقتهم واصواتهم للقوى التي تلوثت سمعتها وتاريخها بأوحال الفساد ورذائل الرشوة والمحسوبية والمنسوبية والتواطيء مع الأرهاب ومجرمي البعث , افراداً كانوا ام احزاباً او تحالفات , مهما حاولوا المناورة واللجؤ الى تحاصص دم واسم الأمام الحسين ( ع ) والحزن الكربلائي اعلانات انتخابية  .
ـــ  الا يمنحوا ثقتهم واصواتهم لرموز الطائفية وتجار الأحقاد والثأرات والكراهية والمسؤولون عن تمزيق النسيج الوطني للمكونات المتآخية ووأد المشروع الوطني العراقي  .
ـ الا يمنحوا ثقتهم واصواتهم لمن خلطوا الأوراق واغرقوا مؤسسات الدولة بالتوابين من مجرمي البعث الشيعي على اساس طائفي حتى انتفخت احزابهم بأعضاء الفرق وفدائيي صدام وعاقبوا الكفاءات الوطنية النزيهة بأجراءات التجاهل والعزل وسد الأبواب بكاتمات الصوت .
ــ الا يمنحوا ثقتهم واصواتهم للأحزاب التي كانت ولا زالت غارقة بأثام العلاقات والتحالفات مع البعث والتي لم يبق من معدنها سوى صدأ ( زنجار ) الأنتهازية والوصولية , فالذي ساوم على دم العراقيين , لا يجد ما يمنعه عن تأجير او بيع ثقتهم واصواتهم في اسواق المنافع الشخصية والحزبية الطارئة  .
هل جفت مراضع الأمة العراقية , لنختار بين الأسوأ والسيء وبين الشرين اهونهم ؟؟؟ , انه العراق , لم تكن ارضه قد خليت من اهله , وارحام العراقيات ما كانت وسوف لن تكون ولادة للمعوقين وطنياً واجتماعياً , جيل على الأبواب سيقطع اوردة العلاقات السرية والعلنية للتبعية والعمالة للأرادات الأمريكية من داخل سفارتها  ـــ  المنطقة الخضراء ــــ والأرتزاق عند ابواب العواصم الأقليمية .
انتخبوا التغيير والأصلاح والمستقبل العراقي الآمن … انتخبوا الوطن والوطنيين من بناته وابناءه , واغتسلوا من عار دلالي ووكلاء وسماسرة المنطقة الخضراء .